path

ماذا قدَّم الإمام القرضاوي – رحمه الله تعالى – لمسلمي الغرب؟

article title

حاولتُ مراراً أن أخطَّ كلمات عن إمامنا العلامة القرضاوي – رحمه الله تعالى – غير أن تَهيُّبي يُلجم القلم، وقلت: لقد سالت مداد أقلام العلماء والدعاة حول العالم حتى امتلأ الوادي بعشرات الكتب والبحوث والدراسات ومئات المقالات عن إمام الأمة، فما عساي أنْ أضيف؟

حتى طلب مني شيخنا الدكتور عبد السلام بسيوني – حفظه الله تعالى – أن أكتب في وداع الإمام شيئاً وقد أحسن بي الظن، فقلت: أجعلها قربةً إلى الله تعالى وأداءَ بعض الحق لشيخ الأمة، ثم إنني واحد من ملايين المسلمين حول العالم ممن تتلمذوا على كتبه وفكره وفتاواه ومحاضراته.

أذكر أنني كنت أقرأ لشيخنا محمد الغزالي – رحمه الله – فقال لي أحد أساتذتي: لماذا تقتصر على الشيخ الغزالي؟ هلاَّ قرأت أيضًا للشيخ القرضاوي؟ ومن يومئذ بدأت أقتني كتبه وأنتفع بها، فوجدت فيها بغيتي، ونشدت في أفيائها ضالتي، وقد شرفني الله تعالى برؤيته والجلوس إليه، والإفادة من علمه الواسع وأدبه الرفيع وخلقه العظيم وتواضعه الجم.

كان إمامنا المجدد محترقاً بهموم المسلمين حول العالم، حاملاً قضاياهم في قلبه، واضعاً إياها نُصب عينيه، داعياً إلى نصرتهم ودعمهم والذود عنهم، وحشد التأييد لهم، والحض على دعمهم دون كلل أو ملل. وحينما عاد من زيارته لأمريكا بعد مؤتمر كولورادو – حينما دعوا إلى رصد ألف مليون دولار لتنصير المسلمين – عاد صارخاً في قومه داعياً إلى أن يبذل المسلمون من أموالهم لحفظ دين المسلمين تحت شعار: «ادفع دولاراً تنقذ مسلماً».

وواصل جهده وجهاده حتى أثمر عن تأسيس الهيئة الخيرية العالمية التي أضحت بعد حين من المؤسسات الكبرى التي لها أعمال خيرية في مناطق كثيرة من العالم.

لقد كان الشيخ الإمام يشعر بأنه مسؤول عن الأمة كلها، فكلما سمع هيعة طار إليها مستهيناً بمتاعب الجسد، وضيق الأوقات، وتزاحم الأعمال. وصدق أبو الطيب:

وَإِذَا كَانَتِ النُّفُوسُ كِبَاراً
‌تَعِبَتْ ‌فِي ‌مُرَادِهَا ‌الأَجْسَامُ

إنَّ كثيراً من الناس يُحسن لعن الظلام، والبكاء على الماضي التليد، والأسى على حرمان الناس من نور الإسلام وهديه وتعاليمه المنقذة، وإسعاد البشرية بشمائله. لكنَّ القليل منهم من يُترجم هذا الهم وتلك الحرقة إلى عمل واقعي عملي يُحوِّل الآمال إلى حقائق يراها الناس وينعمون بها تحت ظلالها الوارفة.

وقد تجلى ذلك في مشروعات كثيرة، منها – على سبيل المثال – إسلام أون لاين الذي انطلق في نهاية الألفية الثانية مُستَقبِلاً الألفية الثالثة، وظل لسنوات عديدة موئلاً للناس حول العالم يتزودون منه العلم والفقه والفكر والدعوة والفتوى.

لقد علَّمنا الإمام القرضاوي – عليه شآبيب الرحمة والرضوان – أن نُتبع القول بالعمل، وأن نُحوِّل الأحلام إلى حقائق، ولا ننفق أعمارنا في "ليت" و"لعل".

ولمن أراد التوسع في هذا الموضوع، ننصح بقراءة كتاب: «ماذا قدَّم الإمام القرضاوي لمسلمي الغرب؟» هنا

الشيخ طه عامر الشيخ طه عامر

أرشيف الكاتب

المقالات التالية:

اغرس فسيلتك.. وإن قامت القيامة

feather د. يونس محمد صالح الزلاوي

من لم يخذلونا زمزية بين شواظ وسهم ومجاهد

feather د. يونس محمد صالح الزلاوي

اقرأ أيضا للإمام

article title

غزة ...سوق الجنة ودركات الجحيم

article title

يغشاها الجلال ويكسوها الجمال

article title

ظاهرة الخوف... من يصنعها؟ وكيف نحاصرها؟

banner title

مقالات مرتبطة

د. يونس محمد صالح الزلاوي

اغرس فسيلتك.. وإن قامت القيامة

د. يونس محمد صالح الزلاوي

من لم يخذلونا زمزية بين شواظ وسهم ومجاهد

د. يونس محمد صالح الزلاوي

متى يُشق صدر الأمة؟