كيف نصوم صيام الصالحين؟ - الشيخ طه عامر
حينما تحدث الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء عن أسرار الصيام تكلم عن صوم العوام وصوم الخواص، وذكر أن صوم العوام هو صيام عن الطعام والشراب والشهوة فقط، أما صوم الخصوص فهو صوم الصالحين، ونرجو أن نعزم على الوصول لدرجته في عامنا هذا.
حينما تحدث الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء عن أسرار الصيام تكلم عن صوم العوام وصوم الخواص، وذكر أن صوم العوام هو صيام عن الطعام والشراب والشهوة فقط، أما صوم الخصوص فهو صوم الصالحين، ونرجو أن نعزم على الوصول لدرجته في عامنا هذا.
وذهب الإمام بأن تمام صوم الخصوص يكون بستة أمور، نذكرها باختصار، والعودة إلى الإحياء فيه للقلوب إحياء.
الأول: غض البصر عن كل ما يُذَم ويُكرَه، وكل ما يشغل عن ذكر الله.
الثاني: حفظ اللسان عن آفاته.
الثالث: كف السمع عن كل مكروه.
الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام.
الخامس: ألا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار.
السادس: أن يكون قلبه معلقاً بعد الإفطار بين الخوف والرجاء، هل قَبِل الله صومه أم رده عليه.
{للاستزادة: راجع الإحياء ج1 ص 306 -309}
ومما استرعى انتباهي شكوى الإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله من ظاهرة الإكثار من الطعام في شهر رمضان يقول: " واستمرت العادات بأن تُدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر..".
قلت: لقد ظننت أنَّ زماننا هو المتفرد بالإكثار من الإنفاق في شهر رمضان وإذا بها أزمة قديمة تضيق قليلاً أو تتسع بحسب عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية، وحتى نكون واقعيين لا يصح أن ندعو الناس أن ينصرفوا بالكلية عن تلك العادات، لكننا نريد الترشيد، فلينتبه المسلم وليتوسط في الأمر فلا يُضْعِف أثر صومه بكثرة طعامه بعد الإفطار.
وإنَّنا يُعاين من نفسه الفارق الكبير بين أن تقوم للصلاة بعد الإفطار وأنت خفيف من الطعام وضده.
بين الإفراط والتفريط تضيع الحقوق وتفسد الحياة ويختل الميزان. وحينما أتتبع لوناً من الخطاب الذي ينعي على المسلمين الإسراف في الطعام والشراب في شهر رمضان أجد مبالغة وشططاً ومجافاة للواقعية، والمسألة تتطلب توسطاً في النظر والمعالجة، فلا نجلد الناس ونقسوا عليهم فينفروا من الدين وأهله، ولا نسكت على بعض مظاهر الاستهلاك المجنون، دون توجيه حكيم.
لا بأس أن يوسع المرء على نفسه وأهل بيته في المناسبات الدينية وغيرها بقدر وسعه دونما إسرافٍ أو تضييعٍ للحقوق أو أصحاب الحاجات.
وعلينا أن نضع في اعتبارنا عدة أمور:
- أنَّ الزمان قد تغير وأن الناس يختلفون في حاجاتهم وقدراتهم، فلا تصلح بعض مضامين خطاب الأجيال القديمة للأجيال الجديدة.
- حينما ترتبط المناسبات بالطيبات من الرزق- في غير إسراف – فهذا مما يزين الطاعة لقلوب أولادنا.
- الموازنة بين مطالب الروح ومطالب الجسد دون بخس أو شطط.
- لا بأس بالتقشف التربوي المقصود - بعض الأيام -، تربيةً للإرادة، وتعزيزاً لسلطان الروح، وتنميةً للشعور بالفقير، وتقويةً لملكة المجاهدة. فيمكن أن تصوم الأسرة وتفطر على طعام الفقير، ولو كانت تلك الأسرة من ساكني القصور، أو تتصدق بثمن وجبة الإفطار لصالح من يَعضهم الجوع.
بقلم الشيخ: طه عامر
- الكلمات الدلالية
- رمضان
الشيخ طه عامر