path

مشاهد الفرح والأمل في عيد الفطر السعيد | خطبة

article title

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وبعد، فإن فلسفة العيد في الإسلام تكمن في أن يحي في الإنسان الأمل والرغبة في الحياة والعمل، وأن يفرح بفضل الله ورحمته مهما كان ألمه وجرحه، ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58]، فالبقاء في دائرة الأحزان والآلام حتى في الأعياد يصنع إنسانا مشوهاً عاجزاً عن الإنجاز والعمل وتجاوز آلامه ومحنته، لهذا فإن أعيادنا تأتي دائماً بعد طاعات كبرى كالصيام في الفطر والحج في الأضحى، وشرع لنا التوسعة على الفقراء والمساكين في يوم العيد ليشعر الجميع بفرحة العيد فكانت زكاة الفطر والأضحية في الفطر والأضحى، وعيد الفطر هو يوم الجائزة ويوم الفرح بالتوفيق للطاعات صياما وقياما واعتكافا واستبشارا بقرب الفرحة الأكبر والأعظم برؤية أجر الصيام والقيام في الآخرة، ويمكننا رصد مشاهد الفرح والأمل رغم الجروح والألم فيما يلي:

1.    مشهد إقبال الشباب على المساجد والتدين: فالحمد لله رأينا الشباب المسلم والفتيات المسلمات في أوروبا يقبلون على المساجد ويصبرون على الطاعة ويتفاعلون مع قضايا الأمة، فالله أكبر الله أكبر.

2.   مشهد التضامن الإنساني من الأوروبيين مع غزة: مما يفرحنا بالعيد ما رأيناه على مدار الأشهر الماضية من ظهور إنسانية كثير من الأوروبيين وتضامنهم مع غزة وأهلها، وقد دفع بعضهم ثمن مواقفهم ونصرتهم لأهل غزة، فالله أكبر الله أكبر.

3.   مشهد الإغاثة والنصرة لأهل غزة: نفرح اليوم بالعيد لأننا رأينا مسارعة المسلمين لنصرة إخوانهم بالتعريف بمحنتهم وقضيتهم وإغاثتهم بالمال والغذاء والدواء فالله أكبر الله أكبر.

4.   مشهد عودة بعض الأوربيين لفطرة الدين تأثرا بأحداث غزة: ونفرح اليوم بقوافل المهتدين الجدد في رمضان الذين أسلموا بسبب غزة، أو هربا من طغيان المادية وبحثا عن رواء قلوبهم العطشى لنور الإيمان فالله أكبر الله أكبر.

5.   مشهد زوال الطاغية وتحرير الشام: فرحنا بزوال الطاغية وانتهاء حقبة ظالمة عن سوريا الأبية وإن شاء الله عيدنا الأكبر يوم تحرير المقدسات وسائر العواصم من الظلم والاستبداد.

 

وأما مشاهد الفرح والأمل من غزة الأبية الصامدة فكثيرة جدا منها:

·      من تحرير النفس والإنسان إلى تحرير المقدسات والأوطان: أهل غزة تعلموا درس الصيام الأعظم وهو تحرير الإنسان من الشهوات والعادات، فتحرروا منها وانطلقوا إلى تحرير أقصاهم ومسراهم والدفاع عن أرضهم وكرامتهم والنيابة عن المسلمين جميعا في الدفاع عن أرض فلسطين المباركة، فالله أكبر الله أكبر.  

·      من مقاومة النفس والشيطان إلى مقاومة الاحتلال والطغيان: انتقل أهل غزة بالصيام من مقاومة النفس وترويض غرائزها إلى مقاومة عدوهم ومن احتل أرضهم واغتصب مقدساتهم، فالله أكبر الله أكبر.  

·      من الصبر على ترك المباحات إلى الصبر على الفقد العام: من فقد الأحبة والأبناء إلى فقد الأموال والممتلكات، فالله أكبر الله أكبر.

·      من بلوغ القوة إلى تفعيل القوة: فالصيام إعداد للأمة الضعيفة لتصبح قوية قادرة على الاجتهاد والعمل وبناء وصناعة الحضارة، ولهذا كانت الفئة القليلة الثابتة بالصيام عن شرب الماء في قصة طالوت وجالوت هي سبب النصر: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: 249]، فالله أكبر الله أكبر.

·      من التعلق بالدنيا إلى ترك الدنيا: فداء الوهن الذي أصاب الأمة وشخصه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث القصعة الشهير هو حب الدنيا وكراهية الموت، وقد عكسه أهل غزة ففضلوا الموت في عز وكرامة على العيش في ذل ومهانة، فالله أكبر الله أكبر.   

·      من الفرح بإنجاز الصيام إلى الفرح بتقديم الشهداء: فللصائم فرحتان فرحة بفطره وفرحة بلقاء ربه، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، والأمم التي تقدم الشهداء حضارتها إلى إقبال وانتشار والتي تبخل بالشهداء حضارتها إلى أفول واندحار، وإن بدا في الظاهر غير ذلك، فالله أكبر الله أكبر.  

·      من قلة الصبر على الطاعة إلى الصبر على الابتلاء بكل صوره وأذى المحتل الذي فاق كل حد: فبينما يقل صبر أغلب المسلمين على الطاعة في رمضان فيكثر الناس أول رمضان وآخره ويكسلون ويفترون وسطه وغالبه، يصبر ويتجلد أهل غزة على الابتلاء ومقاومة العدو 18 شهراً دون كلل أو ملل، فالله أكبر الله أكبر.  

·      من الاختلاف والفرقة إلى الاعتصام والوحدة: فالصوم يوحدنا وقد اتحدت كلمة أهل غزة على الدفاع عن أرضهم وعرضهم ومقدساتهم ولم يختلفوا على ذلك رغم عظم الثمن، وأملنا أن تتحد الأمة في صومها وفطرها وتتحد كذلك على نصرة غزة وإغاثتها، فالله أكبر الله أكبر.

 

أيها الأخوة...

إننا مع فرحنا بالعيد يجب ألا ننسى إخواننا في غزة العزة وأن تكون حاضرة في احتفالاتنا بالعيد، وأن نذكر أطفالنا بأطفال غزة وأن نقتصد في فرحنا، وأن تعلو وجوهنا رغم الفرح مسحة من الحزن الكريم الوقور التي نعبر بها عن تضامننا وإظهارنا للأخوة الإنسانية والإسلامية لغزة وأهلها.

 

أيها الأخوة

صلوا أرحامكم في يوم العيد، وروحوا عن أنفسكم بلهو مباح منضبط بضوابط الشرع، وحافظوا على كسب رمضان الروحي فلا تتركوا المساجد والقرآن بعد رمضان، واجعلوا لصلاة الجمعة أهمية خاصة في حياتكم وحياة أولادكم، وابذلوا كل ما تستطيعون من جهد وعمل لتحفظوا الدين والهوية على ذراريكم، وأعلموا أن سلامة الأسرة وصيانتها هو أولى الأولويات لحفظ الدين والهوية، والتزموا بقوانين هذه البلاد ونظمها وكونوا عناصر فاعلة في ترشيدها وبناء حضارتها، والله تعالى نسأل أن يعجل بتفريج الكرب وإيقاف الحرب على أهلنا في غزة، وأن يحفظ الوجود الإسلامي في الغرب ومؤسساته من كل مكروه وسوء، وكل أنتم بخير، وغزة فرحة منتصرة لا يضرها من خذلها، والحمد لله رب العالمين.

إدارة الإعلام

أرشيف الكاتب

المقالات التالية:

خطبة جمعة | متى تنتهي الحرب على مساجد غزة؟

feather إدارة الإعلام

خطبة جمعة | غزة حركت ضمير العالم

feather إدارة الإعلام

اقرأ أيضا للإمام

article title

خطبة جمعة | أهل غزة.. كتاب مفتوح في الصبر والاحتساب

article title

معجزة الإسراء - د. وهبة بن مصطفى الزحيلي

banner title

مقالات مرتبطة

إدارة الإعلام

خطبة جمعة | متى تنتهي الحرب على مساجد غزة؟

إدارة الإعلام

خطبة جمعة | غزة حركت ضمير العالم

إدارة الإعلام

خطبة جمعة | أهل غزة.. كتاب مفتوح في الصبر والاحتساب