من فقه التّعامل مع المسلم الأوروبي الجديد
مقدّمة
حركة اعتناق الإسلام في أوروبا تغذّ السّير غذّا عجيبا. لم تعد تخطئها عين سيما في قطاع المرأة والشّباب بصفة عامّة. أمّا الحديث عن المعتنقين الجدد - من الذين يكتمون إيمانهم خوفا من عذابات لا تقلّ كثيرا عن العذابات ذاتها التي رزح تحتها المؤمنون الأوّل في مكّة - فهو مثل الحديث عن مخاض يوشك أن يستهلّ وليده باكيا يشكو ضيق الأرحام أو فجر صادق يهجم على مناكب الأرض فما يدع فيها ظلال غلس إلاّ بدّدها.
من فقه معالجة المسلمين الجدد
أيّ خصوصية لهؤلاء؟
هؤلاء أشبه شيء بالمؤمنين الأوّل الذين انضموا إلى دعوة النبيّ محمّد (عليه السّلام) في مكة. مهما كانت إغراءات الإسلام مدوّية في صدورهم ومهما ساقتهم إلى الله وعوده فإنّه علينا نحن أن نعلم أنّ المؤمن الجديد فسيلة جديدة غضّة طريّة نبذتها شجرتها الأمّ فهي في العراء. ليس بدعا أن تكون العذابات التي يئنّ تحتها سياطها هؤلاء - وهم ينعمون في أوروبا بالأمن ورغد العيش - أشدّ وقعا عليهم ووطئا ممّا كان يلقاه بلال الحبشيّ عليه الرّضوان أو سميّة أمّ عمّار بن ياسر. ما ينبغي لنا أن نكون أخبابا فنظنّ أنّ منطوقات الديمقراطية وحقوق الإنسان كفيلة بحماية حقوق هؤلاء. روى لي صديق في ألمانيا قبل ثلاثة عقود أنّ موظّفة مصلحة التّجنيس قالت له: سنتغاضى عن بعض شروط التّجنيس لأجل البراعم الثّلاث الذين يؤمّون مدرستنا! يعني أنّ المعركة بين الوجود المسلم في أوروبا وأوروبا نفسها (دولة ومجتمعا) هي معركة حامية الوطيس، وموضوعها من يفرّ بتلك البراعم ليصنعها على عينه (الأسرة المسلمة والمسجد أم البيئات الأخرى)، ولو لم تكن حركة الإكراه ضدّ كلّ مؤمن جديد حركة ناشبة لا تموت ما حفل بها الذّكر الحكيم مرّتين في كتابه (سورة العنكبوت وسورة لقمان).. بسبب مهنة الإمامة عرفت هذا وعالجته مرّات في ألمانيا.
ما ينبغي لنا أن نتجاهل ما تعانيه الفتاة الأوربية التي تحرم من خمارها في البيت وفي المدرسة وفي كلّ الفضاءات إلاّ فضاء المسجد الذي قد تأتيه متسلّلة خائفة كما يأتي الصّحابة دار الأرقم، ربّما لو تكافل أئمّة أوروبا على حشد كلّ ما عالجوه ممّا يرزح تحته المسلم الجديد (وخاصّة المرأة) في سفر واحد لنفد مداد أقلامهم. ولكن استحكمت العداوات بيننا وبين القلم وما يسطر. هؤلاء بكلمة واحدة: لفظتهم مجتمعاتهم بل أوصدت في وجوههم أبواب العلم والعمل وما انفتحت لهم أبواب الوجود المسلم الأوروبيّ. أولئك هم الغرباء حقّا.
من عناوين فقه معالجتهم
1- اغتسال المسلم الجديد
لا صحّة مطلقا لوجوب اغتسال المسلم الجديد. ولا حتّى هو مسنون. لم يثبت في السنّة أبدا أنّه أمر مسلما جديدا بذلك ولو على وجه التّرغيب. الذين اخترعوا ذلك اجتهادا منهم لا سلطان لهم على ما ثبت في الوحي الكريم. فما بال أئمّة يفرضون على المسلم الجديد ما ليس لهم به من سلطان؟ مثل هذا حتّى لو ثبت من الدين علينا تيسير الأمر فيه، فكيف وهو اختراع لا يلزم عدا من اخترعه؟!
2- تغيير المسلم الجديد اسمه
ومثله تغيير الاسم؛ عاينت انزعاج كثيرين وكثيرات من المسلمين الجدد لأسمائهم ممّا قرؤوا في بعض مواقع التّواصل الاجتماعي أو ممّا أفتاهم به بعض الذين طُبعوا على التّعسير طبعا. لن أزال أقول للنّاس وبكلّ اللّغات: الإسلام ليس له لا لسان رسميّ ولا لون رسميّ ولا عرق رسميّ ولا وطن رسميّ ولا مذهب رسميّ ولا تيّار رسميّ ولا مدرسة رسمية. الرّسميّ الأوحد فيه أنّه الدين الخاتم الذي يستوعب كلّ النّاس غير آبه لا بما لن يسألوا عنه يوم القيامة (من لسان ولون وعرق) ولا بما كانوا عليه قبل إسلامهم. ألم يبسط سبحانه دعوة التّوبة في وجه أصحاب الأخدود؟ ليس هناك في الإسلام شيء اسمه (اسم إسلاميّ) ولا (أصل إسلاميّ). حتّى الذين غيّر (عليه السّلام) أسماءهم (ولا يزيد عددهم عن ثلاث) إنّما استحبَّ لهم ذلك تيمّنا بقيم السلم والرّفق، ولم يكن ذلك أمر وجوب منه، هو تحسينيّ بلسان المقاصديين.
ليس للإسلام لسان رسميّ حقيقة تزعج العرب الذين لم تذعن عقولهم إلى الله كلّ الإذعان. كثيرون يظنّون أنّهم بلسانهم العربيّ أولى بالإسلام وأدنى إلى محمّد (عليه السّلام)، نزول الوحي باللّسان العربيّ على نبيّ عربيّ لا يعني البتّة أنّ العربية هي اللّسان الرّسميّ للإسلام، لو كان ذلك كذلك فإنّه لا يُقبل إيمان مؤمن حتّى يكون عربيّ اللّسان.. من يتجرّأ على هذه الوقاحة؟ علينا إذن تعريب زهاء مائة مليون مسلم يرطنون اللّسان التركيّ ومثلهم اللّسان الأورديّ وأضعاف أضعافهم ألسنة إفريقية وهندية وصينية لا تكاد تحصى. لا يرتقي مسلم ليكون فقيهًا مجتهدا حتّى يتعرّب لسانه كلّ التعرّب، هذا صحيح، ولكن ليس للإيمان لسان رسميّ، الذي يختار اسما غير اسمه منهم فلا حرج عليه إذ هو حرّ حرّية كلّ واحد منّا في تغيير اسمه، ولكنّ الإيحاء الشديد ممّا يقوم به بعض الأئمّة جهل بل جهالة.
3- ختان المسلم الجديد
الختان نفسه خلّة من خلال الإسلام، وليس شرطا ولا فريضة ولا واجبا كما يتشدّد في ذلك كثير من الأئمّة. وقد عاينت هذا بنفسي؛ إذ يشكو إليّ بعضهم أنّ بعضهم اشترط عليه الاختتان.. ألم يختتن خليل الرّحمان نفسه عليه السّلام بقدّوم وقد بلغ من الكبر عتيا؟ كيف يختتن المسلم الأوروبيّ الذي يكون في العقد الثاني من عمره أو بعد ذلك؟!.. ما حزنت في حياتي حزنا مثلما حزنت يوم علمت بردّة مسلم سويسريّ قبل ثلاثة عقود إذ لم يعد يتحمّل لهث الجهلى خلفه لهثا على مدار السّاعة يكرهونه على الاختتان وهو في العقد السابع من عمره وهو يأبى ذلك لاستحالته عمليا! من يتحمّل ردّة هذا؟.. لا أرتاب طرفة عين أنّه لو كان (عليه السّلام) بيننا سيقول لهؤلاء الحمقى ما قاله لبعضهم ممّن أفتوا أميرهم بالاغتسال ففعل فمات (قتلوه قتلهم الله).. أجهّالكم خير من أولائكم (ردّوه عن دينه ردّهم الله). بل إنّ بدعة ختان الإناث التي أثارها حمقى الشّرق لها اليوم أصداء سيئة في الغرب، وهي سؤال من أسئلة فتيات أوروبيات مسلمات حديثات، أليس من الرّثاثة أن يؤمّك المسلم الجديد فتسأله عن عضوه التّناسليّ؟! هذا تديّن فاسد دون ريب.. هل تجد أثرا واحدا - وليكن موضوعا مكذوبا - أنّه عليه السّلام فعل هذا أو أمر به وقد أسلم لدعوته كثيرون لم يكونوا يختتنون؟
4- الوشم وما في حكمه
يهدي الله لدينه أقواما أوغلت فيهم عادات غربية كلّ الإيغال حتّى ليسلم الواحد منهم وجسمه كلّه أوشام وصور وعلامات، وبعضها مستقذر، بل محرّم (صورة صليب أو فرج)، يجب استقبال هؤلاء كما هم وكأنّ ما بهم شيئا مطلقا، أليس الإسلام يجبّ ما قبله؟ هل تجد أثرا واحدا (وليكن موضوعا مكذوبا) أنّه عليه السّلام أمر مؤمنا جديدا بالانسلاخ من ماله ومنه محرّم دون ريب؟ أيّهما أكبر: جسم نبت بسحت أم جسم أنهكته الأوشام؟ الله الذي تاب عن قاتل سيّد الشّهداء وعن التي لاكت كبده بين أسنانها لوكا تقشعرّ منه الجلود هو نفسه الذي يتوب سبحانه عن كلّ ما فعله هؤلاء بأنفسهم وبالنّاس. بل إنّه يتجاوز ذلك ليبدّل كلّ ما فعلوه من فواحش حسنات. أقول في نفسي: هؤلاء هم محلّ غبطتنا، بل حسدنا.. كلّما شهدت إسلام أوروبيّ أو أوروبية أقول له: نزل عليك الملَك الآن بعدّاد جديد (أرقامه: 0000).
والحقّ أنّي أقول ذلك مؤمنا به وغابطا صاحبه.
5- ملبس المسلم الجديد
لكم يسوؤني أنّ كثيرين ممّن يسلمون من الأوروبيين يظنّون أنّ عليهم أن يسلموا نمط حياتهم كذلك إلى بيئة غير بيئتهم (بعضهم يتقلّد عباءة باكستانية وذاك ملابس إفريقية). ولا تجد من الأئمّة - إلاّ قليلا - ممّن يعلّمونهم أنّ الله يدعوهم إلى دينه وليس إلى أن يتعرّبوا أو يتأفرقوا أو يتشرّقوا. ترى بعضهم يتقلّد جلبابا أبيض خفيفا وهو في يمّ البرد في أوروبا ظنّا منه أنّها السنّة، والأئمّة مسرورون بذلك!
أوّل ما يشنّ المسلم الجديد الحرب على أهله بلباسه. أليس نحن من اجترح هذه البدع القولية (زيّ شرعيّ ولباس شرعيّ)؟ وأخشى أن تطوّح بنا حماقتنا لنقول بعد سنوات أو عقود (هواء شرعيّ وأرض شرعية!).
ولكم يتشدّد أكثر الأئمّة مع خمار المسلمة الجديدة، بل إنّ بعضهم - وأخشى أن يكون أكثرهم كذلك - يتمنّى أن تنتقب حتّى تكون الصّدمة على مجتمعها وبيئتها قاسية. بعضهم يحرص على الاختمار أكثر من حرصه على تعليم المسكينة أصول دينها وتهنئتها بأعظم يوم مرّ عليها وتبشيرها برحمة الله. لا أرتاب طرفة عين أنّ مصيبتنا في فقه مراتب الأعمال وثقافة الأولويات مصيبة ناكية. الخمار الذي فرض في آخر عهد الرّسالة نجعل منه نحن اليوم أصلا أو ركنا، نظنّ أن خير ما ننتقم به من خصوم الإسلام والخمار هو تجاهل مراتب الإسلام نفسه وإكراهات واقعنا؛ لذلك نسارع إلى اختمار المسلمة الجديدة حتّى نطمئنّ! الذين يبتهجون لانتقاب مسلمة أوروبية ألا يخشون أنّهم يشيّدون بهذا جدرا سميكة بين المنتقبة وبين بيئتها؟ فلا حوار ولا كلام ولا سلام.. ثمّ يموت دينها معها كمثل شجرة ما أينعت ثمرا ولا ظلاّ حتّى اجتالتها عواصف الأيام. ومثل ذلك مع الالتحاء؛ إذ يحلو لأكثر الأئمّة - بل كلّهم في الحقيقة - أن يقولوا أنّ الفقهاء الأربعة على حرمة حلق اللّحية.. أضحى هذا قطعيا محكما يرمى بالزّندقة من يعترض عليه! ويغيب الواقع كلّ الغياب. وكأنّ المسلم الأوروبيّ الجديد يعيش في الخلافة العباسية حيث لا يحلق لحيته لا مسلم ولا غير مسلم.. ومرّة أخرى يجتهد الإمام في حفر خندق بين هذا المسلم الجديد الملتحي وبين مجتمعه.. كلّ ذلك لأجل لحية لا يمكن أن تتجاوز السنّية بحال. ولكم صدق الحكيم إذ قال: من شغله الفرض عن النّفل فهو معذور ومن شغله النّفل عن الفرض فهو مغرور.
6- اقتناء المسلم الجديد للكلاب
يندر أن تجد أوروبيا أو أوروبية - سيما إذا جاوز عقده الخامس - بدون كلب في بيته. الكلب عندهم يعوّض الولد الذي لم يُنجب أو طوّحت به الحياة المادية في فجاج نائية، فلا يكاد الأوروبيّ يسلم حتّى ينقضّ الإمام - إلاّ قليلا - على كلبه ليقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر كما يقولون.. كأنّ وجود كلب بالبيت - حتّى لمن أسلم وهو كذلك - ناقض من نواقض الإيمان المغلّظة! وكأنّ مالكا الذي يسّر في أمر الكلب وما يخرج منه ليس فقيها ولا محدّثا! إذا كان أساطين الفقه الأوّل (عمر وعليّ وغيرهما) قد قضيا بعدم التّفريق بين الزّوجين إذا أسلم أحدهما دون الآخر فكيف نفرّق بين مسلم جديد وكلبه؟! أليس من يفضي إليها أولى؟ وما مصير كلب يستغني عنه صاحبه في أوروبا؟ هو نفسه يتعرّض لتتبّعات هو في غنى عنها. قال الفقهاء: يغتفر في الانتهاء ما لا يغتفر في الابتداء، ومن لا يميّز بين ابتداء وانتهاء ومثله من لا يرعى واقعا ومآلا فإنّ عليه فقه قوله عليه السّلام (إنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ). الكلب الذي يؤنس صاحبه القابع وحده في بيته لسنوات وعقود هو كلب مقيس على كلب صيد أو حراسة.
7- معاملة المسلم الجديد لوالديه
(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لقمان-15. نحن الذين نشأنا في بيئة دينية لا يمكن لنا أن نتصوّر مثل هذا، نقرأه نظرية بأعيننا، ولكن لا نعيه كما يعيه المسلم الجديد، هو له جمر حام يطأه ليل نهار صباح مساء.. علينا تقدير هذا. الغالب علينا - إلاّ قليلا - عدم الحزم اللَّازم ليعلم المسلم الجديد أنّ الله لا يقبل منه إيمانًا إذا كان يعامل والديه - حتّى وهما يجاهدانه كلاهما كلّ مجاهدة ليرتدّ عن دينه - بمقتضى دينهما وليس بمقتضى والديتهما له. نحرص على خمار المسلمة ولحية المسلم كلّ الحرص ولكن لا نحرص على تعليمه هذه القيمة العظمى؛ أي الذّلة بين يدي والديه غير المسلمين - حتّى لو كانا من ألدّ أعداء الإسلام -. لسان حالنا متبرّم من هذا التعليم الإلهيّ، نسوق لهم أوّل ما نسوق أنّ الصحابيّ الفلانيّ قتل أباه في بدر. تعاليم الإسلام فينا مركومة ركام كومة تبن لا يفضل فيها شيء شيئا.
8- الانتماء الحزبي والطائفي
يودّ كثير منّا لو يسبق انتماء المسلم الجديد إلى مذهبنا أو تيارنا أو مدرستنا أو طائفتنا قبل انتمائه إلى عرى الولاء الأعظم (الله ورسوله والذين آمنوا). نريد منه أن يكون صوفيا إذا كنت أنا صوفيّ، وسلفيا إذا كنت أنا سلفيّ. أوّل ما نحذّره من الأشاعرة والإخوان ومنابذة الدولة.. والمسكين لا يكنه شيء من هذا. يجد نفسه في طرفة عين عدوّا للشيعة وهو ومن معه من الفرقة النّاجية وزهاء مليارين من المسلمين ضالّون. كيف تريد من هذا أن يتشرّب قيم الرّحمة وخفض الجناح؟ كيف تنتظر منه أن يشفق على أمّة حقّها التّكفير ثمّ الإجهاز؟ لفرط ما يملؤون رأسه بما لا يفيد ولا ينفع ممّا غيّبه الله عنّا لحكمة. يترك عمله ودرسه وينشغل بأسئلة العطّالين والبطّالين (من يأجوج ومأجوج وأين هم، وأين كهف الفتية، وسفينة نوح، وكلب الفتية، وماذا ظهر من أشراط الساعة، وما هي الدّابة التي تكلّم النّاس، وكيف هي حياة القبر - التي يستمع إلى ما لا يحصى من الأشرطة التي تصفها له لحظة بلحظة كأنّ المتحدث خرج لتوّه من هناك).. ولا تمرّ عليه أسابيع معدودات حتّى يبغض بلاده وأهله، ثمّ ينفي نفسه في بلاد أسيوية أو إفريقية بزعم تعلّم الإسلام، ويقطع رحمه! كلّ ذلك يتحمّل وزره الإمام الذي فقد بوصلة الدعوة فقدّم ما حقّه التأخير وكبّر ما حقّه التّصغير. أعرف زهاء خمسة من هؤلاء ممّن أسلم أيام الثّورة السورية قبل زهاء عقد ونيف وملأ بعض الحمقى رؤوسهم بأنّ الجهاد في سوريا فرض عين، ولمّا عجزت كلّ العجز عن صرفهم عن تلك الحماقة ذهبوا إلى هناك وقُتل بعضهم وهو يقاتل مسلمين أكرادا ظنّا منه أنّهم كفّار بحسب ما أوحى إليه أميره العربيّ، كنت أقضي معه ساعات طويلات لأقنعه ببرّ أمّه المسيحية التي لا ترضى باعتناقه الإسلام.
خلاصة
الله الذي هدى إليه بغير حول منّا ولا طول هذا المسلم الأوروبيّ هو نفسه أمرنا باستيعابه وتعليمه وترشيده. ما كانت دار الأرقم طللا من الأطلال، إنّما محضن تربويّ وتعليميّ يمتلئ فيها المسلم الجديد بقيم الإسلام، كان ذلك كذلك والمسلمون الجدد عربا أقحاحا، كيف والمسلم الجديد اليوم ليس عربيا؟ حقّ هؤلاء علينا كبير وكثير. بسهولة تخطفهم دعوات منحرفة ليكون هذا حربا على بيئته وليس رحمة بها ولينزوي ذاك في كهفه فلا يغنم من دينه الجديد شيئا يذكر. المسجد الذي لا يؤمّه هؤلاء نساءً ورجالًا هو مسجد فاشل.. أهله يعيشون في أوروبا بعقل بدويّ. خير ما نحتضن به هؤلاء هديا نبويا قحّا بريئا من كثير من التّعقيدات والتعمّقات والتشديدات التي علقت بكثير من أسلافنا.
إذا عجزنا عن مهمّتنا الأولى في أوروبا (التّعريف بالإسلام) فما ينبغي لنا أن نعجز عن احتضان هؤلاء. ومِن ذا؛ فإنّ مهمّة المجامع الدعوية والعلمية هي: تأهيل الأئمّة والدّعاة الذين يجمعون بين فقه دينهم وفقه واقعهم معا. ألم تقل العرب: فاقد الشيء لا يعطيه؟.
كتبه: الشيخ/ الهادي بريك. - ألمانيا
...
اقرأ أيضا:
- الكلمات الدلالية
الشيخ الهادي بريك