فتفشلوا!.. التنازع طريق فشل الأمة
من روائع كتاب الله العزيز، هذه الآية التي تضمنت نهياً جازماً، وإخباراً صادقاً، وسنة ماضية
من روائع كتاب الله العزيز، هذه الآية التي تضمنت نهياً جازماً، وإخباراً صادقاً، وسنة ماضية
"وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" الأنفال -46.
والقرآن لا يَنهى عن تحقق مظاهر النزاع في واقع الحياة، إنما ينهى عن "أسبابه" لأن تنازع الناس -قلّ أو كثر- سنّةٌ ماضيةٌ جُبل عليها البشر كالغضب والغيرة،...
ويعود أكثره لاختلاف مدارك الناس في تقدير المصالح ومعرفة الصواب والخطأ، والشارع الحكيم لا ينهى عن غير المستطاع، ولا يأمر الناس بتغيير الطباع، وكل من غذى النزاع بهمسة وأضرم نيرانه بكلمة فقد خالف مقصود الشارع وحقق علة النهي.
في زمن التنازع ستكون هناك فرصة -دون شك- لإنفاذ الغيظ الدفين، وتصفية الحساب القديم، والانتصار للرأي، والاستكثار من الأنصار، والاستقواء بالأتباع... ومثل ذلك أو قريب منه حدث بين صفوة البشر عندما تنادوا لإحياء يوم بُعاث!.
في زمن التنازع، تخرج النفوس عما اعتادته من السكينة والحكمة والتأني، ويتطاير في جنباتها الشر والشرر، حتى إذا تمالك الإنسان نفسه وملك غيظه، جاءت "محاريك الشر" لتثير خصومة اندثرت، أو تذكر بإساءة نسيت؛ فتنفخ في رماد النزاع، وتلتقط الحصى لتصنع منه جسرا تعبر به الأطراف للفشل "فتفشلوا"!.
النوايا الحسنة والحماسة الصادقة في إذكاء النزاع، قد تزيد من شعبية المرء، ورصيد المعجبين به، أو توهمه بأنه قد أدى ما عليه، ولكنه عمل سيء! ولا يضفي على قول صاحبه وفِعاله المشروعية.
إن تدبير النزاع (فقه)، وإصلاح ذات البين فضيلة، فإن كان الإسلام يبيح الكذب -وهو أرذل الأخلاق- لإصلاح ذات البين، فإن النفوس الملتوية هي التي تتزيد أو تكذب لإفساد ذات البين، وليس أقل منها التواء، تلك التي تصدق لإفساد ذات البين!.
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم.
- الكلمات الدلالية
د. ونيس المبروك