Posted on

العشر الأواخر : موسم العفو الرحماني الجامع

التدبر المتأني المليّ المتريث في عبادة الصوم في رمضان تمنحك أن رمضان مدرسة تربوية إصلاحية جامعة، وأن عشره الأواخر هي موسم العفو الرحماني الجامع. مما تبين لي تدبرا أن الله سبحانه منّ علينا بربيعين: أوّلهما ربيع العشر الأواخر من رمضان إذ فيها أغلى ليلة في الحياة وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وذلك إذ تقالّ عليه السلام أعمار أمته قياسا مع أمم سالفة فوهبه الله سبحانه لأمته هبة نوعية أي أن الأعمار قصيرة ولكن بركتها بليلة القدر خصبة وسخية، ألا تستحق أمة محمد عليه السلام ذلك وأكثر؟ بلى.

وثاني الربيعين هو ربيع العشر الأوّل من ذي الحجة الحرام وذلك بسبب أنها تحتضن أغلى يوم في الحياة وهو يوم عرفة، علمنا الله سبحانه سنة التفاضل بين الأزمنة والأمكنة والأعمال، وذلك حتى لا ييأس من روح ربه من فاته هذا الربيع أو تلك الليلة، أو ذلك الزمن المحرم فهو متشوف مشرئب العنق إلى ربيع آخر وزمن آخر.

فقد يكون المرء ضعيفا أو مريضا أو على سفر، أو حتى عاصيا، فإذا عادت مياهه إلى مجاريها أو تاب الله عليه فتاب فإنه يلفى ما فاته وزيادة، ألم يبشر عليه السلام الأمة قاطبة جمعاء بهذه البشرى العظمى أنه من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا فقد غفر له ما تقدم من ذنبه؟

ألم يقل عليه السلام أن الأعمال بخواتيمها ومعنى ذلك هو أن خواتيم رمضان وهي العشر الأواخر وفيها ليلة القدر لمن استثمر ذلك ملؤها مغفرة ورحمة ولطف إذ لا يريد الله بنا سبحانه عدا اللطف والعفو، أخبر الصحابة الكرام عنه أنه يجتهد عليه السلام في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرهن كما أخبروا أنه كان إنفاقا كالريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان عندما يأتيه جبريل عليه السلام فيدارسه القرآن بل إنه اعتكف في رمضان، الذي سيموت بعده عليه السلام عشرين يوما كاملة.

وكل ذلك يخبرنا أن فضل رمضان بصفة عامة وفضل آخره بصفة خاصة هو فضل عظيم فما علينا سوى أن نفعل كما يفعل إذ أخبر عنه أصحابه أنه إذا دخل العشر الأواخر، شمّر على ساعديه وأيقظ أهله وأحيا ليله، كل ذلك يخبرنا أن العشر الأواخر هي موسم العفو الرحماني الجامع التي لا يحرم فضلها إلا شقي والعياذ بالله.

Posted on

رمضان مناسبة للفحص الفني الجامع

الإسلام كما هو معلوم حِكَم وأحكام وكذا تشريعاته وتعليماته، مما لا مناص اليوم من إبرازه من لدن الخطباء والأئمة، فيما أظن، هو استخلاص الحِكم والعبر من تلك التشريعات في مختلف الحقول والمجالات ذلك أن من أسباب تأخرنا، وهي كثيرة مُعقدة، أن أكثرنا عكف على الأحكام مباني وصورا وأشكالا ومقولات غافلا عن الحكم والمعاني والأسرار والمقاصد والمرادات.

ألم يؤسس حجة الإسلام الغزالي عليه الرحمة مشروعه في آخر حياته «إحياء علوم الدين» بسبب ما رآه من غفلة من الناس عن تلك الحكم الكفيلة بتدين متجدد لذيذ؟ لذلك ألّف كتابه الذي كان سيكون مقدمة مثل مقدمة ابن خلدون في علم الاجتماع لذلك المشروع الإحيائي الكبير.

مما ورد في الاعتكاف في الصحيحين وغيرهما أنه كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، إلاّ في رمضان الذي مات بعده صلى الله عليه وسلم فإنه اعتكف العشرين يوما الأخيرة منه، كما اعتكف نساؤه من بعده عليهن الرضوان، وبذا كان الاعتكاف سنة نبوية معلومة ولئن اختلف العلماء كثيرا في كثير من أحكامه العملية فإن المؤكد أن حكمها أعظم وأكبر لمن يريد اجتناء العسل المصفى واجتباء الرحيق من أمه.

 تدبرت في هذه العبادة فتراءى لي أنها فرصة مناسبة في كل رمضان لإجراء فحص فني شامل جامع من الإنسان على نفسه وجهازه المعنوي وذلك كما يفعل بسيارته أن تكون مؤهلة للعطب فلا تحمله فيما بقي من الأيام أو تجرّ على مستعملي الطريق متاعب.

أظن أن الحكمة العظمى من عبادة الاعتكاف هي الاختلاء بالنفس في زمن معين محدد لمحاسبتها عن عام مضى وتأهيلها لعام أتى، أو ليست الركعات والسجدات وما فيهن وما بينهن من تلاوات متدبرة متأنية خاشعة كفيلة بزاد خصيب من التقوى، أليست هي مناسبة لشحن النفس كما يشحن الواحد منا هاتفه أو أي آلة كهربائية أن تقعد به فلا يستطيع استخدامها؟

أظن أن الحكمة الكبرى من عبادة الاعتكاف هي أن يفعل المرء بنفسه ما يفعل التاجر الحاذق الأريب مع حساباته في آخر كل عام، يكون شحيحا مع نفسه فيضبط بضاعته وأمواله ويحسب ما له عند الناس ومن نجاحات في صفقات سالفة وما عليه لهم وهي عملية يحتاج إليها التاجر ليستأنف رحلة تجارية جديدة، أظن أن المؤمن الذي دعي لأن يكون تاجرا مع ربه سبحانه لهو أحوج إلى ذلك من التاجر نفسه.

أظن أنها مناسبة بل هدية من الرحمان سبحانه إذ يحتاج المرء حتى في اليوم الواحد لخلوة مع نفسه بعيدا عن الضوضاء والضجيج والجلبة، تلك مناسبة لا تفوتنك فاهتبلها وحاسب نفسك بشحّ وأقبل على الله سبحانه لعلك تشحن تلك النفس الأمارة بالسوء بما يحجزها عن ذلك.

كل ما في هذا الدين هدايا ونعم وعطايا لو أحسن المرء استثمارها ولا يحسن ذلك، إلاّ عندما يعي أن الإسلام حِكم وأحكام من أعلى هامته إلى إخمص قدميه.

أظن أننا مقصرون كثيرا في طرح هذا السؤال الكبير الذي به هو وحده نجني رحيق تلك الحكم: لماذا؟ فلا تفوتنك «لماذا» هذه قبل البدء في كل عبادة، سؤال «كيف» مطلوب ولكن تعلم الكيفيات يسير سهل لا يتطلب جهدا كبيرا، ولكن يظل سؤال بمناسبة هذا الوباء جديرا: هل نقيس أنفسنا على المحصر فنعتكف في البيوت إذ حيل بيننا وبين المساجد أم لا؟ لعل العلماء يجيبون أو لعلهم أجابوا.

Posted on

رمضان مدرسة نتعلم فيها حقوق الطفل

ربّما نظل في رمضان لهذا العام 1442 ـ2021 في منازلنا بسبب وباء الكورونا عافاكم الله جميعا، وعندها نصلي ما كتب الله لنا من قيام أو تهجد عدا الصلوات المكتوبات فيها، وهو مناخ جديد لم نتعود عليه وسنتعرض إلى لَعب الأطفال وصياحهم ولهوهم وربما بكائهم وغير ذلك مما يحدث في كل بيت فيه أطفال.

ربما يكون لنا ذلك داعيا لأن نتدبر فقه محمد صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، كان عليه السلام كما هو معلوم من سيرته الصحيحة ينزل من منبره وهو يخطب عندما يرى أن أحد ابنيه -سبطيه- يتعثر في قميصه فيحمله ويحضنه ويعود إلى منبره، ويواصل خطبته وكأن شيئا لم يكن والناس يرون.

وكان عليه السلام يصلي بالناس إماما فيصعد فوق ظهره أحدهما أو غيرهما من الأطفال، وهو في حالة ركوع أو سجود فيظل هكذا راكعا أو ساجدا حتى يقضي ذلك الطفل وَطَرَه والناس من خلفه رُكَّعا أو سُجَّدا، لا يدرون ما الذي حدث وبعد الصلاة يقول لهم: أن إبني فلان صعد ظهري فلم أرد إزعاجه ويمرّ كل شيء وكأن شيئا لم يكن، بل كان يريد أن يقرأ بالناس في الصلاة الجهرية أو غيرها سورة من المفصل كعادته دوما «صاد مثلا أو قاف أو غيرهما» فإذا سمع صوت صبي يبكي فإنه يتجوز في صلاته ويشرح للناس الموقف بعد ذلك، ذلك هو الفقه النبوي الكريم مع الأطفال في المساجد وهو فقه نحتاج إليه نحن اليوم في بيوتنا لأجل مقاومة العدوى عافاكم الله جميعا.

فهل نؤتى قبسا من ذلك الفقه النبوي العظيم أم نعود إلى أعرافنا وتقاليدنا فنحَول البيوت لعنات وتبرمات وغضبات أن الأطفال لم يتركوا لنا مساحات للصلاة والتهجد والقيام؟ أنحن أتْقى وأعلم أم هو عليه الصلاة والسلام؟ هل كان يتبرم من تلك المرأة التي تحمل صبيها الرضيع إلى المسجد؟ أم كان لأجلها ولأجل خشوعها ورحمة بحق ذلك الطفل الباكي يتجوز في صلاته؟

كان يحضن الأطفال من أهلهم وأمهاتهم ولم يسأل يوما واحدة منهن عن طهارة ابنها ولا تحسس بيده الكريمة ذلك الطفل لعله يكون به بلل، هو فقه، حتى نكون مع أنفسنا صرحاء، بعيد عنا بعدا كبيرا، هو فقه عظيم كريم نحن مبتعدون عنه كثيرا، هو فقه لا تهواه أنفسنا ولكنه هو الذي فعل ذلك عليه السلام وقال لنا: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به، ألا نحتاج إلى إعادة تصميم للدين في عقولنا؟ أجل.

Posted on Leave a comment

رمضان معراج النفس إلى الله

إن الاهتمام بالمناشط الجماعية والبرامج العائلية لا يمكن أن يحجب عنا الفرصة العظيمة في رمضان للرقي بالنفس وإصلاح الحال. إن رمضان، بالإضافة إلى كونه مناسبة اجتماعية تعمق الشعور بالانتماء والشراكة مع بقية المؤمنين في شرائع وشعائر واحدة، والإحساس بهموم المحرومين من الناس، فإنه مجال رحب لكل مسلم، يعيش فيه تجربة شخصية ربما لا يشاركه فيها أحد.

لذلك فإن محطات من الخلوة وساعات من التهجد وعلاقة خاصة بالقران الكريم في هذا الشهر العظيم، تعد معيارا لحسن الاستفادة منه في تحقيق التوازن وبناء طاقة إيجابية تكون زاداً لسائر أيام السنة وتسهم في رقي الفرد والمجتمع.

لذلك من المهم، إلى جانب البرنامج العائلي، أن يكون لكل فرد في الأسرة وبخاصة الأبناء برنامجاً فردياً يتناسب مع ظروفه والتزاماته ويتوافق مع ميوله وحاجاته.

Posted on

رمضان مدرسة تعلمنا قيمة الإخلاص

رمضان الإخلاص «مدرسة ربّانية لبداية جديدة»

رمضان مدرسة تربوية إصلاحية جامعية، ذاك ما انتهيت إليه وأنا أجمع الآيات والأحاديث في موضوع الصيام، معلوم أن الإسلام كله مدرسة تربوية إصلاحية جامعة إذ هو يرتب للناس دورات مكثفة دورية مرتبة في الزمان والمكان والغاية القصوى منها هي تزكية النفس رشدا وتقوى فإذا انصلحت النفس تأهلت لإصلاح العمران من حولها.

ومن ذلك أن الصلاة كتاب موقوت وهي وجبات يومية تحصّن المصلي من الفحشاء والمنكر، والصيام دورة مكثفة مرّة واحدة في العام يجني منها الصائم تقوى تحجزه عن دسّ نفسه وتعلمه الشكران والرشد، والزكاة مطهرة وتزكية، والحج شهود منافع ولقاء وذكر وغير ذلك، الإسلام كله إذن بمعاقده العظمى وعباداته الكبرى المؤسسة مدرسة تربوية إصلاحية جامعة.

ممّا نتعلمه من رمضان قيمة الإخلاص الذي يشيّد الإنسان على أسس نفسية متينة راسخة تنبذ عنه رذيلة الرياء والطمع في الناس والخوف منهم وتحميه من الذلة بين أيدي الموسرين، نعمة الإخلاص لها منافع في الدنيا قبل الآخرة ومصالح هنا قبل هناك، من هذا الحديث القدسي المتفق عليه تعلمت أن رمضان مدرسة تعلمنا قيمة الإخلاص «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع الإنسان طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» كأن الله سبحانه بسط كل العبادات والقربات وانتقى منها واحدة فحسب جعلها له هو وحده وهي قربى الصيام.

العمل كله له وحده عندما يتقرب به العبد إليه ولكن التصوير مجازي يقصد منه أن الصوم؛ مثله مثل الصبر، خارج عن الجدول الحسابي الذي يناسب فيه كل عمل ثوابا معينا محدودا، كل عمل صالح يضاعف عشرًا كما ورد والإنفاق يضاعف سبعمائة ضعف وصلاة الجماعة بزهاء ثلاثين وغير ذلك مما ورد، المهم أن المسلم في هذه الدنيا تاجر يبحث عن الأجر الأكبر ويتجنب الوزر الأعظم كما يفعل تاجر الدنيا بالتمام والكمال.

الصيام يعلمنا قيمة الإخلاص بمعنى أن الإنسان يمكن أن يتسلل إليه ذئب الرياء في كل عمل سواء كان صلاة أو إنفاقا أو حجا أو طلب علم أو بثه أو مقاومة أو أي عمل، بلا أي استثناء عدا الصيام فلا مجال لأن يتسلل إليه شيطان الرياء لأن الإنسان عندما يكف عن الشهوات المباحة ولا يراه أحد، إن أكل أو شرب فهو ينهل من مشكاة الإخلاص لربه ويكرع من نهر الصدق معه سبحانه.

ذلك هو معنى أن رمضان مدرسة تعلمنا قيمة الإخلاص ولذلك اصطفى الله سبحانه عبادة الصيام دون كل العبادات والقربات لتكون له كما أخبر وهو يثيب عنها خارج دائرة الحسابات المعروفة مثلها مثل الصبر الذي ورد فيه أنه كذلك إذ يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

Posted on Leave a comment

بأقلام المسلمين الجدد: تجربتنا الأولى مع رمضان

لولا، معلمة نرويجية، 32 سنة، أول رمضان سنة 2019:

{منذ 9 سنوات كنت أؤمن أن الإسلام هو الدين الصحيح بالنسبة لي، وبمساعدة الرابطة، كنت على استعداد لاعتناق الإسلام قبل رمضان 2019. وأنا ممتنة جدًا لذلك!

أود أن أشارككم تجربتي مع رمضان، ويمكنني أن أقول إنني واجهت تحديات وإيجابيات في رمضان. 

ولنبدأ بالتحديات:

 – أنا المعلمة المسلمة الوحيدة في المدرسة التي أعمل فيها. لذا فقد واجهت قلة التفهم لصيامي بين زملائي. فقد كانت أيام عملي طويلة وشاقة، دون أي اعتبار أو تقدير لمستوى طاقتي أو قدرتي على التركيز.

 – كامرأة عزباء، عانيت من الوحدة في أيام رمضان الطويلة خلال الأسبوع، لقد كنت محظوظًة جدًا لأنني كنت أتلقى دعواتٍ على الإفطار من العديد من العائلات في مؤسسة الرابطة، ولكن نظرًا لارتباطاتي المهنية ولأنني يجب أن أستيقظ في الساعة 05:30 كل يوم، كان يجب علي أن أنام قبل الإفطار مباشرة وبعده أيضا، لذلك لم تتح لي الفرصة لتلبية تلك الدعوات. إن شاء الله، سيكون لدي عائلتي في غضون سنوات قليلة، وربما تكون أيام الأسبوع في رمضان أكثر متعة حينها.

 – مكان إقامتي بعيد جداً عن الرابطة ولا أستطيع المشاركة في التراويح في أيام العمل، الأمر الذي جعلني أشعر بالاكتئاب قليلاً.

 أما الجوانب الإيجابية من تجربتي مع الصيام ورمضان فأصفها كالتالي :

 – مرَّ الجوع والعطش بعد يوم أو يومين ولا أشعر بهما إطلاقا الآن.

 – أصبحت أكثر صبرًا، خاصة في أثناء التدريس في الفصل مع طلابي.

 – أشعر بأنني أقرب إلى الله مع كل يوم يمر.

 – أشعر بدافع أكبر لتعلم سورة جديدة وقضاء الكثير من الوقت في قراءة القرآن والقراءة عن الإسلام.

 – أشعر أنني محظوظة لأنني جزء من دين يمكنني من الذهاب إلى التراويح في المساء. هناك أشعر بسعادة ومتعة حقيقيتين!

 – على الرغم من أنني لا أحصل على الكثير من الدعم من زملائي، إلا أنني أحصل على الكثير من الدعم من طلابي، يصوم العديد من طلابي أيضًا، لذا فقد أصبح هذا شيئًا نقوم به معًا في صفي، وهناك العديد من غير المؤمنين الذين صاموا لعدة أيام “تضامنًا” معنا. 

 – أشعر وكأنني جزء من شيء كبير عندما أصوم، وغالبًا ما أعتقد أننا حوالي مليار شخص يصومون معًا، وهو أمر أعتقد أنه من الجيد التفكير فيه.

 – عززت علاقتي بالمسجد وبالناس الجميلين الذين قابلتهم في الرابطة. أنا سعيدة جدًا بكل الدعم والرعاية الذي أظهروه لي. شكرا جزيلا عائلتي الرابطة ❤

على الرغم من أنني أشعر بالحزن قليلاً عند انتهاء شهر رمضان لهذا العام، إلا أنني أتطلع إلى الاحتفال بالعيد لأول مرة!  الحمد الله! }

****

لارس، طبيب نرويجي، 40 سنة:

 أول رمضان لي

السلام عليكم

 نحن الآن في منتصف أول صيام لي لشهر رمضان في حياتي.  انتابتني مشاعر مختلطة من الفرح والتخوف قبل بداية الشهر بقليل، وتساءلت كيف ستسير الأمور، هل سأتحمل قضاء كامل اليوم دون تناول الطعام والشراب دون أن ينهار عقلي …؟

 ما شاء الله – أنا أبلى بلاءً حسناً، بل إنني في حالة جيدة جدا بشكل مدهش !!!  حتى أنني كنت في نزهات وجولات في الطبيعة وذهبت لمسافات طويلة في أيام إجازتي، وهو شيء أحب القيام به. نعم – أشعر بعدها بعطش أكثر قليلاً، لكن ليس أكثر مما أستطيع تحمله.

  الجوع ليس مستمرًا، ولكنه يأتي فقط في موجات قليلة قصيرة على مدار اليوم.  ربما يكون أكثر مرونة قليلاً في المساء، عندما يقترب الإفطار، عندها يجب أخذ المزيد من جلسات العزف على “البيانو”.

كان أول يومين من الصيام صعبين بعض الشيء، ولكن بعد ذلك يبدو أن الجسد قد دخل في وضع جديد، حتى أنني لم أفتقد قهوة (الإسبريسو) المعتادة في الصباح، تقريبًا لا أفكر في ذلك.

 لقد قمت ببعض التعديلات فيما يتعلق بالعمل ؛  أنا محظوظ جدًا لأنني أقرر بنفسي ساعات عملي، ويمكنني تغييرها إذا لزم الأمر.  لذا فأنا أعمل ساعات مخفضة طوال شهر رمضان، وأبدأ يوم العمل فقط في منتصف النهار وأعمل نصف يوم … وهذا يعني أنني أحصل على حوالي 6 ساعات من النوم المتواصل من السحور / الفجر (قبل الساعة 4:00 بقليل) حتى ساعة الاستيقاظ.

 التحدي الأكبر بالنسبة لي هو النوم المتقطع – إن الاضطرار إلى الخروج من النوم العميق والاستيقاظ لتناول الطعام في حوالي الساعة الثالثة ليلًا يبدو غريبًا للغاية … خاصة أن الأمر يستغرق بعض الوقت للقدرة على الرجوع الى النوم بعد ذلك، لكن كما ذكرت أعلاه، لدي فرصة أن أنام جيدًا في الصباح، وهذا ينقذني.

 وأنا أعي أن هذه الأوقات الغريبة هي أولاً وقبل كل شيء نتيجة العيش في خطوط العرض العليا (نعيش عند 60 درجة شمالًا)، وليست حالة معظم المسلمين في العالم، الذين يعيشون في خطوط عرض أقرب إلى خط الاستواء، والصيام عندهم كل يوم يزيد أو ينقص قليلاً عن 12 ساعة مهما كان وقت حلول شهر رمضان.

لاحظت بعض التغييرات المثيرة للاهتمام على المستوى العقلي، خاصة منذ اليوم الثالث: فكأن قدرتي على الصبر والرحمة قد زادت بضع درجات، وكذلك حالة الرضا والقدرة على التحكم في الحاجات المادية كالطعام والشراب، إنه تمرين انضباط جيد للغاية يستفيد منه جميع الناس، أشعر حقًا أن رمضان عزز إيماني والحمد لله.

كما أنني أحصل على دعم معنوي وغذائي جيد جدا من عزيزتي.  كما أن الفترة التي تسبق الإفطار فيها كثير من المرح والمتعة !  (مما يشجع ربما على الأكل اكثر  …)

 وأنا أعلم أن الكثيرين شملوني بالدعاء في صلواتهم لأتمكن من قضاء رمضان بطريقة جيدة. أعتقد أن الله سمع هذه الدعوات واستجاب لها.  الحمد لله.

 الله أكبر!  السلام، لارس }

Posted on Leave a comment

رمضان في زمن الجائحة

حلّ رمضان المبارك بلا مساجد تستقبل المصلِّين، وجاء شهرُ القرآن بلا معتمرين، وانقطع شدّ الرحال فيه إلى المساجد الأساسية في الإسلام. إنها خبرة قاسية عايشناها جميعاً في زمن استثنائي، وأدركت الأمم عبر القارّات والأقاليم مثيلاتها بعد أن توقّفت عجلة الحياة اليومية بإغلاقات صارمة اقتضتها الأولوية الصحية في زمن الجائحة.

إنها محنة عظيمة واختبار قاسٍ، لكنّ مدرسة رمضان المبارك تُشرع أبوابها في كلِّ الظروف، فالاقتدار على خوض التجربة يصقل الإنسان ويهيِّئه لمزيد من الارتقاء، فوق صبره واحتسابه.

اجتمع موسم رمضان الاستثنائي مع ظرف الإغلاق الشامل، فصار الاختبار أن نجهد في الارتقاء ونحن في قعر المحنة؛ أن نسعى إلى تقارب الوجدان رغم تباعد الأبدان؛ أن نَعمُرَ المساجد وهي موصدة قسراً أو متوقِّفة عن الصلوات الجامعة. ألقَت بنا الجائحة في مواجهة التحدِّي؛ وأثقلت كاهلَ كلٍّ منّا بمسؤولية مباشرة لا مناص منها؛ فأنتَ أيها المسلم الإمامُ اليوم لمن حولك، وأنتَ من يقيم الصلاة في بيتك، وأنت من عليك المبادرة في مجتمعك، وأن تلتمس تذكير نفسك بالطاعات وتحفيز غيرك للخيرات.

فتحت الجائحة أفقاً جديداً للتفكّر في سكون العالم، وفي السكون أذهانٌ تتألّق، ووجدانٌ يتحرّك. داهمتنا الجائحة في ذُروة انشغالنا بما في الأيدي من منجزات لم تبلغ البشرية مبلغها من قبل. كانت الأمم مَزهوّةً بتسابقها في اجتياز الفضاء والهبوط على الكواكب واكتساب أسباب القوّة، وتتنافس في التصنيع والترويج والاستهلاك بلا حدٍّ، حتى أبصرنا جميعاً تحت الصدمة حدود قدراتنا في مواجهة كائن مجهري لا نبصره؛ عطّل عالَمنا وأوقف حركتنا، وفرض علينا حظر التجوال، وألزَمنا بخوْض مراجعات عميقة في الحال والمآل.

يساعدنا رمضان على تحرِّي المنحةِ الكامنة في جوْف المحنة، فإنّ شهر الصيام يحمل فرصة إصلاح واستقامة، وينطوي زمن الجائحة على فرصة استدراك وترشيد.

ثمّ إنّ رمضان المبارك يشدّ من عضدنا، فوق هذا، بِزادٍ نحتاجه في مواسم الأزمات؛ مثل الطمأنينة، واليقين، واللجوء إلى الله، والصبر والاحتساب، والتكافل والتراحم، والتفكّر والتأمّل، والسعي والمثابرة باستلهام العون من الله تعالى. وفي زمن الجوائح ضغوطٌ وصدماتٌ تعصف ببعض البشر، أو تدفع بهم إلى شفير القنوط وأُتُونِ الجزع، لكنّ من تربّى في مدرسة رمضان يستلهم العون من الله تعالى مستعيناً بالصبر والصلاة، وقد قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: “عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ ! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خيْراً لَهُ”. إنّ الصيام اختبارٌ للصبر والمُصابرة، ومن أَمارات الفلاح في هذا الاختبار ألاّ يجزع الإنسان في مواجهة الضُرِّ إنْ مسّه شيء من ذلك في زمن الوباء، لا قدّر الله.

وفي رمضان فُسحةُ تحرّرٍ وانعتاقٍ وارتقاءٍ؛ بأنْ يملِكَ الإنسانُ زِمامَ نفسه كي يرقى بها فوق التثاقل الذميم إلى الأرض، وكي ينعتق من غواية الاستهلاك الجامح المشبّعة بألوان الدُّنيا الزائفة. لعلّنا أدركنا في موسم الجائحة أنّ هوَس الحرص على العلامات التجارية والتباهي بالمُشتريات تَبدَّدَ بين عشيّةٍ وضحاها، في لحظة داهمة تعطّلت فيها طقوس الاستهلاك الاستعراضي تحت صدمة الوباء المستشري. اكتشف البشر يومها أولويةَ الوقاية والنجاة، واستولت عليهم الخشية من انقطاع الأنفاس في أروقة الطوارئ المكتظة بالذاهلين. كانت خبرةً عميقة ولا زالت ذيولها حاضرة، وإن غفل كثير من الناس عن عِظاتِها بعد أن اجتازوا لحظة الهلع.

سيبقى موسم كورونا درساً قاسياً في تاريخ البشر؛ انقشعت فيه أوهام الفردوس الأرضي، وفتح عيوننا على عوالم تخالطنا وكائنات دقيقة تجري منّا مجرى الأنفاس دون أن نكترث بها؛ رغم أنّ بعضها مؤهّل – بإذن الله – لأن يُرغِم كبرياءنا، وأن يُقِضَّ مضاجعنا، وأن يعطِّل مدنيّتنا الحديثة .. بعد أن حسب بعضنا أنها بلغت نهاية التاريخ.

إنّ في ذلك لآية .. أن يُعجزنا كائنٌ ضعيفٌ غير مرئيٍّ عن آخِرِنا. والعبرةُ أنّ موسم كورونا كان ولا زال، كتاباً مفتوحاً للبشرية كي تتفكّر في كائناتٍ دقيقة من حولها بما يتجاوز مؤشرات الجائحة النمطية؛ هي عبرة لقوم يتفكّرون في ذرّة، أو في مثقال حبّة من خردل، أو في بعوضة فما فوقها، أو في ذُبابٍ يُعجِز البشرَ رغم ضعفه: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ” [الحج: 73].

Posted on

مكتوبات خمس تقيم أود الحياة

الكتب لغةً: الترسيخ والتثبيت ولذلك سمّى الله كتابه كتابا حتى لمّا لم يكن كتابا أي منظوما في كتاب واحد في زمن النبوة وما بعدها بقليل، ما يعبر عنه بالكتب والكتاب لا يكون إلا عهدا موثوقا أو ميثاقا غليظا لا ينقضه إلا فاسق.

ومن ذلك أنه سبحانه أخبرنا أن خمس مكتوبات في الإسلام كتبها علينا كتبا فهي لحمة العهد وسدى العبودية، هي الصلاة التي قال فيها سبحانه: «إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا» وهي الصيام الذي قال فيه سبحانه «كتب عليكم الصيام» وهي القصاص الذي قال فيه سبحانه «كتب عليكم القصاص» وهي القتال الذي قال فيه سبحانه «كتب عليكم القتال» وهي الوصية التي قال فيها سبحانه «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين».

فما كتب كتبا فهو عهد غليظ لا ينقض، المكتوبات الخمس المذكورة لا تقوم الحياة إلا بها فلا قيام لحياة الإنسان إلا بحالة تواصل مع الله سبحانه ذكرا، وصلاة ليستمد المدد ويتغذى فؤاده، ويتأهل في كل حين لمعركة الحياة ولا قيام لها كذلك إلا بحالة صيام وهو بالتعبير النبوي: جنّة تقي الإنسان المصارع والآفات ووجاء يمتص وطأة الغريزة الجنسية، بل شبه الصائم بحامل صرة مسك يفوح شذاها ويملأ عبقها الأرض.

ولا ريب في أن الصيام مضاد حيوي يفترس السموم في البدن ويقوي جهازه المناعي الداخلي ويجعل نفسه أبيّة في غير كبر، ولا قيام للحياة كذلك إلا بنظام قضائي يقتص للمظلوم من الظالم وهو النظام الذي اهتدت إليه العرب في جاهليتهم إذ قالوا: القتل أنفى للقتل، فإذا اقتص من القاتل انزجر القاتل القابل.

ونظام القصاص حياة كما أخبر سبحانه وهو يعكس اهتمام الإسلام بالحياة الإنسانية ولا قيام للحياة كذلك إلا بالقتال الذي مقصده تحرير الإنسان من العدوان، فهو قتال مفروض وليس هو قتل عدواني وهو أمر قررته العقول وإنما جاء الدين يؤسسه على قيم القسط ونبذ العدوان.

كما لا تقوم الحياة إلا بأن يدخر الإنسان قبل موته لآجلته شيئا من ماله وصية لمحتاج، لا قيام للحياة إذن إلا بتلك المكتوبات التي تجعل من الإنسان إنسانا حليما رشيدا حازما يحفظ الحياة ويربط نفسه بمالكها الحق وليس سبعا أعجم أبكم يفترس الطريدة بلا رحمة ولا شفقة، مكتوبات خمس الصيام أحدها.

Posted on Leave a comment

نصائح وتوصيات بين يدي رمضان

الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، والصلاة والسلام على من أرسله ربه هدىً ونوراً.

إن لله في أيامه نفحات تستجلب فيها البركات وتتقى فيها النقمات، وإن شهر الصيام لهو أعظم أيام الله زماناً وأعلاها مقاماً وأفضلها بركة وإحسانا، اجتمعت فيه خصال البر من صوم وصلاة وزكاة وتلاوة واعتكاف وغيرها من وجوه الخير ومعالم التقوى.

 لذلك توافق المسلمون على الفرح لقدومه، قال تعالى: ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )، وتعودوا على حسن الاستعداد له واستقباله، وعُدّ ذلك من تعظيم شعائر الله، قال تعالى ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ).

شهر بهذه المكانة، حرِيّ بكل مسلم أن يتهيأ له ويوطن نفسه على حسن الاستفادة من نفحاته وبركاته، إن لم يكن من باب تحصيل الأجر والارتقاء بالنفس، فمن باب تجنب الخيبة والخسران وألا يكون من المُرغمين المتربين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”  رَغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ علَيهِ رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبلَ أن يُغفَرَ لَهُ “ ( أخرجه مسلم (2551) والترمذي (3545) واللفظ له).

ولعل هذه المعاني تتأكد لدى أهل الإيمان وأحباب رمضان، وتُشحذ لها هممهم وتتطاول لها عزائمهم،  ونحن نرى هذه الهجمة الشرسة على مقام شهر رمضان ومكانته في قلوب المؤمنين، حيث صار سوقاً للبضائع الكاسدة ومرتعا للفاشلين والتافهين، وموسما لإشاعة الفواحش والمنكرات، وصار شهر التقوى محطة للتنافس بالفوازير والمناكير، ومناسبة لإطلاق الأفلام والمسلسلات والدعايات بما فيها من فحش وفجور، لا يرضاه الله تعالى في سائر الأيام فكيف بأحب الأيام إليه؟ ومن السذاجة الظن بأن هذه ظاهرة تلقائية، بل هي حلقة في خطة متكاملة لإفراغ شهر الصيام من محتواه، وتمييع شعائر الإسلام وتحريفها، وقطع الطريق أمام السائرين إلى الله والعائدين إليه.  

ولكن أنى لهم ذلك، ولله عباد مخلصون يستظهر بهم على الباطل ويستنصر بهم على حفظ الدين وتعظيم شعائره، هؤلاء هم عباد الله الذين يعرفون له حقه ويقفون عند حدوده ويغتنمون مواسمه لحسن التقرب إليه والاستئناس به.

ومما يبعث على التفاؤل والسرور ما نلحظه من اهتمام المسلمين في الغرب بهذا الموسم العظيم، وعنايتهم به، وما يضفيه شهر رمضان على حياتهم من بهجة وحيوية وتجديد لمفاعيل الإيمان والارتباط بالإسلام وتجذير معالم الهوية لدى الكبار والشباب على حد سواء.

وقد تذوب لديك كل مشاعر القلق عندما تقرأ خواطر المسلمين الجدد ومشاعرهم في أول رمضان يصومونه. إنه حقاًّ دين الحق.

وأخيراً، اعلم أخي المسلم، أختي المسلمة، أن هذا الشهر المبارك ضيفٌ راحلٌ فأحسن ضيافته، فالعمر قصير، والزاد قليل، والعقبة كؤود فاغتنم منه فإنه لا يعود إلى يوم القيامة.  

نصائح وتوصيات قبل دخول رمضان

  • احرص أن يكون رمضان محطة محاسبة وتقويم، وتصحيح لحياتك. سارع إلى التوبة .
  • التزم بقرارات الهيئات الدينية في بلدك في دخول وخروج رمضان وفتاوى الصيام، وحافظ على صلتك بمسجدك عبر البرامج التي ينظمها.  
  • محنة الوباء والحجر تحمل معها منحة الاجتماع بالعائلة على الصيام والقيام والعناية  بها، وتعهد الأهل بالرعاية والتعليم، فلا تفرط في هذه الفرصة.   
  • احذر الإسراف في الأكل أو النوم أو استعمال الأجهزة في رمضان. قال تعالى: «إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» .
  • تفقد إخوانك وجيرانك، فلعل فيهم المهموم أو المحتاج، واعلم أن رمضان شهر المواساة.
  • إن كنت من العاملين في قطاعات الصحة أو الخدمات العامة لمواجهة الوباء، فاعلم أن جهدك في رمضان أعظم أجرا عند الله، فاغتنم واحتسب، فقد حباك الله بمكرمتين. 
Posted on Leave a comment

تطوير البرامج والنشاطات المسجدية في رمضان

يمتدّ الموسم الرمضاني المبارك شهراً بحِيَالِهِ، تنفتح معه آفاق رحبة للبرامج والنشاطات المسجدية، التي تجدر العناية بتنميتها وتطويرها حولاً بعد حولٍ، أخذاً بعين الاعتبار الأولويات والمتطلبات والخيارات التالية:

  • تنويع البرامج والنشاطات المسجدية بما يوائم طبيعة موسم رمضان ويتحرّى مقاصده ويُلبِّي احتياجات الجمهور المتعددة. غنيّ عن البيان أنّ هذا الشهر فرصة مثالية لتعليم الأجيال أمور دينها، ولإنعاش الإيمان الدافئ والحضّ على الطاعات وتنمية الالتزامات القِيَميّة، وللتشجيع على المبادرة إلى الخير والبرّ والإحسان، والتراحم والتواصل بين الأجيال، ولتوثيق عرى المسلمين فيما بينهم، ومع مجتمعهم العريض، وتنمية حضورهم الإيجابي في البيئة المحلية.
  • إعادة تصميم برامج رمضان ونشاطاته بما يُراعي التحوّلات والمستجدات في الواقع والبيئة المحلية. يتّضح هذا، مثلاً، في مواسم الأوبئة والجوائح – نسأل الله العافية – بما قد يترتّب عليها من إغلاقات، وتعليق الصلوات الجامعة، وفرض إجراءات وقائية حسب تعليمات السلطات الصحية المختصة.
  • إدماج جمهور المسجد في تطوير البرامج والنشاطات، من خلال خيارات تفاعلية في تصميم هذه البرامج والنشاطات وفي تنفيذها. من شأن هذا المسعى أن يحقِّق جملة من المكتسبات المرجوّة، منها:
  • ربط الجمهور بالمسجد أو المركز بعُرى أوثق.
  • تكييف البرامج والأنشطة بما يراعي اهتمامات الجمهور ويتحرّى احتياجاته.
  • تنمية القدرة على الوصول إلى أوساط وفئات في المجتمع.
  • تمكين إدارة المسجد أو المركز من استشعار انطباعات الجمهور والاستفادة منها في التحسين والتطوير.
  • تخفيف أعباء التنفيذ عن إدارة المسجد أو المركز والانفتاح على خيارات تطوّعية.
  • رغم أنّ الأولوية في النشاطات والبرامج ينبغي أن تتوجّه في العادة إلى جمهور المسجد المباشر في المقام الأوّل، إلاّ أنّ ذلك لا يقضي بالاقتصار على هذا الجمهور اللصيق وحده. يَجدُر توسيع مجالات النشاط إلى دوائر أوسع وأوساط أكثر تنوّعاً، من خلال خيارات عملية وتواصلية وشبكية متعدِّدة.
  • على المساجد والمراكز الإسلامية أن تطوِّر برامج اجتماعية وخِدْميّة خاصة بشهر رمضان المبارك، فهو موسم العطاء والتراحم. يُنصَح في هذا المقام بتنظيم برامج ونشاطات تتوجّه إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، ونزلاء المشافي وأصحاب الأمراض المستعصية، والفئات الضعيفة والهشّة في المجتمع، والفقراء والمحتاجين وفاقدي المأوى ونزلاء السجون، من خلال مبادرات مباشرة و/أو عبر شراكات مع مؤسسات وهيئات متخصِّصة. من المهمّ الحرص على معايير الجودة ومتطلّبات الرعاية والتواصل في هذا الشأن حسب ما هو مقرّر في الأنظمة المحلية وما يُتعارَف عليه في البيئة المحلية.
  • إنْ وافق شهر رمضان المبارك، وموسم العيد من بعده؛ مناسباتٍ ومحطّات عامّة أو أيّاماً وطنية ودولية أو مبادراتٍ وحملات مجتمعيّة؛ يجدُر اغتنام هذه الفرصة قدر الإمكان في تقديم رسالة رمضان للمجتمع وإبراز القيم الإيجابية ذات الصلة التي يحضّ عليها الإسلام، وتوجيه بعض برامج رمضان ونشاطاته بما يتناسب مع هذه المناسبات ونحوها إنْ أمكن.
  • على إدارات المساجد والمراكز الإسلامية أن تحرص على تقديم رمضان لمجتمعها العريض والمتنوِّع. يقتضي هذا، مثلاً، توجيه قسط من برامج رمضان ونشاطاته نحو حضّ المجتمع المسلم المحلِّي على إنعاش المعايشة الإيجابية والتواصل الحميد مع شركاء المجتمع من حولهم، خاصة من خلال أواصر الجيرة والزمالة والصداقة والعلاقات الاجتماعية المتعددة. إنّ إقامة موائد الإفطار الجامعة مثال حَسَن في هذا الشأن دأبت عليه مساجد ومراكز وجمعيات في مدن وبلدات أوروبية، يجتمع عليها الناس على اختلاف أديانهم ومشاربهم في تراحُم ووئام، وقد يتوجّه بعضها إلى فئات معيّنة في المجتمع هي أحوج إلى من يتفقّد أحوالها ويُجالِسها.
  • مواكبة الاهتمام الذي تُبديه بعض وسائل الإعلام والصحفيين والمؤثِّرين في مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الموسم، من خلال تهيئة فرص التعرّف على هذا الموسم وإنجاز تقارير إيجابية أو مُنصِفة عنه، وتوضيح ما يلزم توضيحه لدفع ما قد يقع من سوء فهم أو إساءة تأويل. على إدارات المساجد والمراكز الإسلامية أن تجتذب التغطيات الإعلامية الإيجابية عن هذا الموسم وتُيسِّر لها السُّبُل، من خلال مواكبة البرامج والنشاطات المسجدية أو الاجتماعية المتصلة بالشهر المبارك، أو التمكين من المعايشة الإعلامية والشبكية لحياة المسلمين في رمضان في نطاق الفرد والأسرة والحياة اليومية، عبر برامج مخصصة لهذا الأمر قد تقوم إدارة المسجد أو المركز بتهيئة السُّبُل لها والتفاهم مع الصحافيّين والناشطين الشبكيّين بشأنها.
  • الحرص على مراعاة المعايير البيئية والالتزامات الإيكولوجية والصحية والمبدئية في نشاطات رمضان وبرامجه، ويُنصَح بتقيُّد المسجد أو المركز عموماً بهذه المعايير والالتزامات بطبيعة الحال. لا يصحّ، مثلاً، إهمال الخيارات الأمثل للتعامل مع النفايات والمُخلّفات. وينبغي المفاضلة بين المواد المستخدمة في البرامج والنشاطات والموائد حسب مواصفاتها الصحية والبيئية/ الإيكولوجية أيضاً، وأن يقدِّم المسلمون مثالاً حميداً لأنفسهم ومجتمعهم في هذا الشأن. يَجدُر اغتنام الموسم الرمضاني في التوعية والترشيد في هذه المجالات التي تتعاظم أهميتها في الحياة الحديثة مع الاستفادة من المؤسسات والجمعيات المختصة في هذا المقام، وتنظيم حملات من قبيل “رمضان أخضر”، أو “صيام صحي”، أو نحو ذلك.