من فقه خطيب الجمعة
يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لسِحْرًا". رواه مسلم.
وقد اتفق علماء الأمة قديما وحديثا على أن من علامات فقه الخطيب أن يطيل في الصلاة ويقصر في الخطبة ويوصل المقصود بأبلغ عبارة وهنا أمور أربعة:
أولها: إن المقصود بالخطبة هو إيصال فكرة أو مجموعة أفكار بطريقة بيانية واضحة ومبهرة ومختصرة ومتسلسلة ومركزة وساحرة كما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث فهو أدعى لقبول الناس لها وعدم نسيانها بسبب الكلام والتطويل الكثير.
وثانيها: وهذه من عجائب فقه العبادات في الإسلام أن تكون الصلاة أطول من الخطبة ومن المعلوم أن أطول ما في الصلاة هو القيام وأن ركن القيام هو موضع تلاوة القرآن وهذا يدل على أن الشرع يريد من المسلم أن يكثر من سماع القرآن في الجمعة لخصوصيتها فكما يكون التذكير بالكلام والموعظة في الخطبة كل أسبوع يكون هناك تلاوة مميزة للقرآن في النهار كل أسبوع أيضا ومن لم يتعظ بالقرآن فقد لا يكون له من كلام الخطيب واعظ.
وثالثها: إن الخطبة لا تكون قصيرة مخلة ولا طويلة مملة ويستثنى من ذلك طول الخطبة عند الحاجة لبيان أمر يقتضي التطويل من نازلة أو ازمة أو بيان لشيء مبهم كما إن المقصود بتطويل الصلاة ليس التطويل المفرط الذي لا يراعي المريض والضعيف وذا الحاجة لكنه تطويل مقدور عليه.
ورابعها: إن كل ذلك يحتاج في تطبيقه إلى تدرج وحكمة من الخطيب بحسب المدينة والحي ومستوى المصلين ويسبق كل ذلك توعية شرعية كافية بالموضوع.
- الكلمات الدلالية
- بأقلام الأئمة
- خطب
دكتور سعد الكبيسي