Posted on Leave a comment

ثلاث رسائل من الهجرة | الشيخ طه عامر

صَدَع النبي الكريم بالحق يوم أمره الله تعالى “فاصدع بما تُؤمر”، ومنذ تلك اللحظة نَذَرَ الرسول صلى الله عليه وسلم وقته وجهده وما يملك في سبيل هداية الخَلْق إلى طريق الحق، وَوَصْل قلوبهم بخالق السماوات والأرض، فأشرق بنور الوحي ثُلَّة من الأولين وربَّاهم على عينه وملأ قلوبهم بمحبة الله وحده، والرغبة فيما عنده وتَلَمُّس مراضيه، والرهبة من جنابه ومَغاضبه، وناله صلى الله عليه وسلم من الأذى الكثير، وأصاب رِفاق دَرْبه ألوانا من العنت والتضييق والعذاب.

ولما ضاقت مكة برسالته وأغلقت في وجه دعوته أبوابها، هيَّأ الله تعالى لدينه أرضا جديدة وقلوبا متلهفة، وعقولا قد استضاءت بنور القرآن، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم مَنْ آمن معه بالهجرة إلى المدينة المنورة ” أرسالا” أي مجموعات، وترك الصحابةُ قصصا عظيمة في التضحية، حينما فارقوا أرضهم وأموالهم وأهلهم في هجرة ستغير وجه التاريخ الإنساني إلى يوم الدين، وفارق النبي مكة وهو مجروح القلب ملتاع الفؤاد.

المسلم بين التأييد الإلهي وقانون الأسباب
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى في ” فقه السيرة” : “ولا نعرف بشرا أحق بنصر الله وأجدر بتأييده مثل الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لاقى في جنب الله ما لاقى، ومع ذلك فإن استحقاق التأييد الأعلى لا يعنى التفريط قيد أنملة في استجماع أسبابه وتوفير وسائله “
لو تتبعنا جميع مراحل الهجرة النبوية سيتجلى لنا بدقة ووضوح أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يترك للأمة دروسا عظيمة من هجرته في الجمع بين احترام قانون السببية مع جمع القلب على الله تعالى بكُليته، كان يمكن أن تكون الهجرة معجزة لكن كانت معاناة وجهدا كبيرا وركوب مخاطر ضخمة، لم يترك الرسول صلى الله عليه وسلم للصدفة والعشوائية سبيلا، إنما قام بإحكام الخُطة ودقة التدبير والترتيب.

ومع هذا كان قلبه في وصال دائم مع ربه، امتلأ باليقين في نصره وتوفيقه ومدده، ولما انطلق المشركون يطاردونه وصاحبه في جنون، وبعد بحث بين شعب الجبال والوديان وصلوا ووقفوا أمام الغار الذي تشرًّف بضم جسد النبي الطاهر الكريم والصديق أبو بكر، وحين انتفض قلب أبي بكر خوفا على حبيبه وسيده وسيدنا وحبيبنا ظنه بالله جميل حيث قال له مطمئنا ” لا تحزن إن الله معنا”

ما أحوج الأمة الآن في كل مكان، وما أحوجنا أن نمتلك مفردات الأسباب: التخطيط/ الدقة/ احترام الوقت/ النظام/ النظافة/ جودة الأداء/ فن الإدارة. ثم نجمع في نفس المستوى مفردات التوفيق والسداد: اليقين / الثقة في الله/ الافتقار لله/ كثرة التضرع والدعاء/ صدق القلب مع الله / التوكل على الله .

الرسالة هي الحياة
الناس في الحياة مذاهب تصرفهم نحوها وينصرفون لها، ذلك لأنهم وجدوا فيها قرة العين ومهوى الفؤاد، ومن أجلها يبذلون وينفقون ويصبرون، وكانت غاية الرسول صلى الله عليه وسلم التي ملكت عليه قلبه وسكنت روحه هي: إسعاد الخلق بتعريفهم بالخالق وحقه عليهم، قرة عينه استقامة الناس على أوامر الله، ولذلك لم يترك فرصة للدعوة إلا استفاد منها وهو في طريق هجرته الشاقة في صحراء حارقة أسلم على يديه
وهكذا صاحب الرسالة دوما، تعيش دعوته في قلبه وتتحرك بها جوارحه ولا يملك العقل إلا أن يعطى الأمر بالتعريف بها أينما ذهب وحلَّ وارتحل، لم تَلِن عزيمته، ولم تضعف إرادته، ولم تغلبه الضغوط، ولم تصرفه عن رسالته أساليب الترهيب أو الترغيب، ويا له من درس للدعاة وللمسلمين حول العالم في الاعتصام بحبل الله، والتوكل على العزيز الرحيم، وتعلق القلب به وحده لا شريك له مهما كانت التحديات والصعوبات التي تعترض حياتنا .


للمهاجرين حول العالم
الذين فارقوا ديارهم وأهلهم إلى أصقاع الدنيا، وعلى الرغم من ألم الفراق ووحشة البعد وطول السفر نقول : لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير وإن بدا غير ذلك، احتسبوها عندها هجرة في سبيله كمن سبقكم من الصالحين، والدنيا راحلة، والتعب والنصب عندها سيزول، وعند الصباح يحمد القوم السُّرى، وهنيئا لكم التأسي بالمهاجرين الأولين رضى الله عنهم، فقد ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوطانهم وفارقوا ديارهم وحيل بينهم وبين أهليهم وأحبابهم ولا ريب أنهم كابدوا مرارة البُعد والحرمان، لكن سرعان ما تجاوزوا تلك المحنة بفضل التهيئة القرآنية لهم أنّّ الأرض كلها لله وأن المسلم يجب أن يكون مع الله في كل مكان، والكون كله محراب للعبادة وميدان للدعوة قال تعالى: “يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ” (56) العنكبوت.

ثم بَشَّر الذين خرجوا من ديارهم في سبيل الله جلَّ في علاه بحسنى العاقبة وخير الدنيا والآخرة. “وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (41) النحل. أبَعْد هذا الوعد يبقى المؤمن في حزن أو قلق؟! ثم عاش الصحابة في المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبدلهم الله خيرا، وبعد سنوات أصبحوا في الخير قادة، وفي ميادين الدعوة أئمة الهدى ودانت لهم الأرض وهدى الله بهم القلوب وأنار بعلمهم العقول .فلنستقبل أيامنا بعزيمة على الرشد، وثبات في الأمر، وإرادة على تجاوز الصعوبات. ومن الله العون والسداد، وهو مُلهم الهدى والرشاد، عليه توكلنا وإليه المآب.

المصدر: مدونات الجزيرة

Posted on Leave a comment

حديث وفوائد جليلة

دكتور: أحمد طه
إمام المركز الإسلامي بـ ميونخ، وأستاذ الحديث وعلومه

روى البخاري ومسلم عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:” قال رسُولُ اللَّهِ لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ حين بَعَثَهُ إلى الْيَمَنِ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فإذا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إلى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لك بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قد فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لك بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ من أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ على فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لك بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فإنه ليس بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ”
ما وراء النص من فوائد:
1ـ المعرفة والخبرة بالواقع أهم من العلم والتحصيل فقد أكون عالما بالدين جاهلا بفقه الواقع فلا أنجح في دعوتي ولا بالبيئة المرتحل إليها
2ـ الإنصات التام والاستماع الجيد ، والوعي بالمرحلة والأرض للسابق في الدعوة والعالم بضروبها المطلع على ملابساتها أساس في الدعوة ونجاحها
3ـ لم يقتصر النبي على علم معاذ وبراعته وإحاطته بالحلال والحرام فالمنصرف إليه لا ينشغل بكل ما يعلمه معاذ، بل ينبغي أن ينشغل معاذ نفسه بما لا بد أن يفقهه ليوظف ما عنده في أرض الاغتراب
4ـ معالم في الفهم: أرض أهل الكتاب تختلف عن غيرها فعندهم (شريعة ـ ومقدسات ـ وعقائد ـ وأفكار ـ وموروثات ـ وفهم وثقافة) أبعاد إن لم تراعى لا تنجح الدعوة ولا التعريف بالإسلام
5ـ ترتيب الأولويات دون التقيد بزمن أو استعجال النتيجة أمر ضروري لفهم وتوصيل وثبات الأتباع، وإلا ستكون المهمة شاقة والنتيجة موهومة
6 ـ أهمية التدرج المبني على الاطمئنان على ما تم بيانه وتفعيله، والفطنة لروعة إقرار هذا المنهج المعروف نتيجته.
7ـ عدم الانشغال بالشبهات أو العقبات أو المثيرات مع وقوعها لم يتطرق النبي لها وفي ذلك فوائد:
ـ عدم كثرة النصائح والتحدث بها لمعاذ فقد يغيب عنه بعض من النصيحة
ـ الاهتمام بالقضية الأساسية وعدم الانشغال بالفروع ـ
ـ ترك باب الاجتهاد للعامل والداعية في الملامات وهذا أقره معاذ في حديث آخر حيث قال: أجتهد رأي ولا ألو ـ
ـ تنوع الشبهات وكثرتها واختراعها قد يجعل الكلام فيها مسبقا نوع من الهزيمة المقدمة والحمل الثقيل على صاحب الدعوة.
8ـ الثوابت هو أهم ما يشغل النبي، والمشتركات هي الأساس قدم الأصل ولا تنشغل بالفروع، وما لم يفتح اليوم قد يفتح لك غداً
9ـ استدعاء الهمة واستحضرها في قوله: ” ستأتي ” يتبعها يقظة ، اهتمام ـ استفراغ جهد ـ بصيرة ـ همة عالية ـ جمع للأسباب
10ـ الفاء التعقيبية في الحديث مهمة جدا في عدم التواني والتباطؤ في الاهتمام وعدم التراخي في المهمة.
11ـ الأصل في الدعوة الناجحة هو الاحتكاك المباشر والوقوف على المفارقات لا التنظيرات والأوهام مدلول الحديث يشمله احتكاك مباشر ميداني على أرض الواقع
12ـ الناس متفاوتون في درجات المعرفة تفاوتا بعيدا ولا ريب أن هذه المعرفة ليست كمعرفة المهاجرين والأنصار فهم ابن القيم في مدارج السالكين
13ـ لا يتمتع بالثروات إلا أهل البلاد، ولا تنتقل إلا بين مواطنيها، هدف نبيل، صدق في الدعوة ـ دعوة للرخاء والازدهار للبلد ـ جمال التعايش ـ إقرار الوفاء “
14ـ من عوامل الثمرة الناجحة للداعية عدم التطلع والاستشراف لا للماديات فحسب ولكن لكرائم الأموال فقدم الأعلى والنفيس في عدم التطلع إليه ليكون ما وراءه من باب الأولى
15ـ من أنواع الفقه في الحديث:” فقه الواقع ـ فقه الأولويات ـ فقه الموازنات ـ فقه التدرج ـ فقه المقاصد ـ فقه التعامل ـ فقه الاستيعاب ، وغيره”
16ـ اختيار اليمن له مدلوله الخاص في الطبيعة البشرية والبيئية عين رسول الله على البلاد حوله وإلمامه بطبيعة الشعوب، واختيار الأقرب فالأقرب في الدعوة والتعريف.
17ـ الدعوة بين جناحي النجاح والفشل أمر طبيعي فلا تحكم مسبقا بفشلها فتقعد، وتفتر ، ولا تحكم بنجاحها مسبقا فتتكل وتغر مدلول:” فإن هم أطاعوا لذلك في الحديث”
18ـ العدل من أساسيات الدعوة والحكم، والمتطلعُ إليه لجذب الانتباه وتبني الأفكار والمعتقد ، وأكثر ما يشغل الناس لتعريفهم بالإسلام.
19ـ لا تظن أسبقيتك في الدعوة أو مكانتك العلمية أو خبرتك الميدانية مسوغا لنسيان الثوابت أو تغافل الأصول ولذلك ختم النبي بأمر دعوة المظلوم لتكون أكثر ما يتعلق في الذهن آخر ما يوصى به

20ـ حصر النبي الكلام على الصلاة والزكاة بعد الدخول في الإسلام، دون التطرق لبقية الفرائض، إما تأكيدا لمنهج القرآن بكثرة ذكرهماـ أو لكونها لا يسقطان عند وجوبهما بخلاف غيرهما ـ أو من باب الاهتمام بقضية التدرج ـ أو التأكيد على التواصي بالأولى وبيان أهداف ذلك فإذا حقق النجاح أتبع النبي بمراسلات إلى معاذ بما يأتي بعد ذلك، أو بيان أن الإسلام لا يحمل أتباعه علي الالتزام به كاملا في بداية دعوتهم بل رويدا رويدا ، أو مخافة أن يستعجل معاذ في الثلاثة الأول لإدراك الرابعة والخامسة ، أو لعله أرسله في موعد بعيد عن زمانهما فلا يلزم إشغال الناس بهما الآن …الخ “
21ـ رقة القول واختيار الأسلوب من أهم ما يشغل الداعية
22ـ دائما سفراء الرسول شباب الأمة ( حركة ـ صحوة ـ إمكانيات ـ قدرات ـ همة ـ أمل ـ عطاء …. وعوامل أخرى في النجاح “
23ـ قال:” واتق ” ولم يقل “واحذر ” للكلمة مدلول وغاية فالتقوى هي استفراغ الجهد والسعة في الوصول إلى الغاية ليكون المعنى اجعل الأمر نصب عينيك دائما
24ـ أخوف ما يخاف على الداعية هو انفتاحه على الدنيا أو تحول مساره إلى مغرياتها عندها سيفقد مصدقيته وتتحول همته وتقزم دعوته وتأثيره ، وينجح داعي الشر في مقابله لإفساد ما بناه
25ـ الالتفات من الكلام عن الدعوة والمدعو إلى الكلام للداعية هو ذاك المزيج الرائع في توصيل المراد دون وغارة الصدر أو فقد التوازن.
26ـ الوصية تبدأ بالدعوة وتنتهي بالداعية ( فهم ـ إبصار ـ تكليف ) لن تنج في الأولى إذا لم تلتزم بالثانية
27ـ في قوله : “حين بعثه إلى اليمن ” وصية على سلم الطائرة لتكون أخر ما يتعلق بالذهن، وليفهم منه عظم التكليف المرسل فيه ،وليحفظ المراد ، وليبقى على العهد.
28ـ في قوله : ” وأن محمداً رسول الله ” تكلم عن نفسه كأنه شخص آخر يفهم من وراءه معنى الرسالة في خلد النبي ـ وأساس في الاقتداء ـ وأدب في الحوار ـ ونقل للفظ المتواتر ـ وتعظيم للرسالة “
29ـ مدلولا : “من، وعلى ” في قوله ” من أغنيائهم على فقرائهم” ، بيان عدم الطمع ولا الجباية للأموال من كل الناس بل التبعيض لمن بلغ الواجب فالأخذ ليس هو الهدف الأسمى ولا الحرص التام بخلاف “على ” لبيان الشمولية في العطاء واستقصاء الأفراد والاهتمام بالفئة الغالبة في المجتمع واستمالة للبذل
30ـ الله لا يرضى بالظلم حتى وإن كان كافر ورد الظلم واقع من الله للبشرية جميعا فالمظلوم لم يحدد لا جنسه ولا نوعه ولا دينه ، ولا مذهبه ، مبدأ عام للبشرية أعدل وأنصف وأخش دعوة لمظلوم ولو كان كافراً
والله أعلم.

Posted on Leave a comment

صناعة البيئة الصالحة للمسلم الأوربي كيف تصنع بيئتك الصالحة؟

أهمية البيئة الصالحة للمسلم
خمسة اسباب مهمة تجعل صناعة البيئة الصالحة ضرورة للمسلم:
1- تذكر عند الغفلة
قال الله تعالى:” وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا “
وقال تعالى:” فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّىٰ عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا”
أخرج أبو يعلى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ” أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ بِالْآخِرَةِ عَمَلُهُ»

2- تصحح عند الخطأ
روى مسلم في صحيحه/ عن عُرْوَةَ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ شَيْئًا فَلَمْ يَحْفَظْهُ، إِنَّمَا مَرَّتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «أَنْتُمْ تَبْكُونَ، وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ»
روى مسلم في صحيحه / عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ: «فَلَا تَأْتِهِمْ» قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: ” ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ –

3- تعصم عند الفتن
وقال تعالى : ” وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً” الفرقان: 27، 29″

  • أخرج أبو داود/ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ»
    -روى ابن أبي شيبة / عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ؟، قَالَ: «لَا إِلَّا النَّارُ، فَلَمَّا ذَهَبَ» قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا هَكَذَا كُنْتَ تُفْتِينَا، كُنْتَ تُفْتِينَا أَنَّ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ مَقْبُولَةٌ، فَمَا بَالُ الْيَوْمِ؟ قَالَ: «إِنِّي أَحْسِبُهُ رَجُلٌ مُغْضَبٌ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا» قَالَ: فَبَعَثُوا فِي أَثَرِهِ فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ “

4- تقوي عند الضعف
﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا ﴾.
-روى البخاري ومسلم/ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ جَالِسًا، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ، أَوْ طَالِبُ حَاجَةٍ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ»

5- تدعم عند العوز والاحتياج ( المادي والمعنوي)،
قال الله تعالى: ” وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)” القصص)

  • روى مسلم/ عن جَرِيرٍ، قال: : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ.. الحديث وفيه: «تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ – حَتَّى قَالَ – وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، “
  • روى ابن المقرئ/ عن حبِيبٌ الْحَلَّابُ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْإِنْسَانُ؟، فَقَالَ: ” غَرِيزَةُ عَقْلٍ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟ قَالَ: أَدَبٌ حَسَنٌ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟ قَالَ: أَخٌ صَالِحٌ يَسْتَشِيرُهُ، “

صناعة البيئة الصالحة في المجتمعات الغربية
كيف تصنع بيئتك الصالحة في الغرب؟

  1. إحياء فقه المؤاخاة:
    {إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقال تعالى: “وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا”، ” قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ”
  • مؤاخاة مكة
    على المواساة والصبر ومثالها:” آخى النبيﷺ بين حمزة وبين زيد بن حارثة ” “والزبير وابن مسعود”
  • مؤاخاة المدينة
    كما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين ” عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع – أبو بكر وخارجة بن زيد – عمر وعتبان بن مالك – جعفر ومعاذ – مصعب مع أبي ذر – سلمان مع أبي الدرداء “
  • روى البخاري عن أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ، قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ، قَالَ: فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ، عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «صَدَقَ سَلْمَانُ»
    روى البخاري/ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: ومنهم: وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، “
    الفكرة في أوربا:” أن يتفقا اثنان على إحياء فكرة المؤاخاة بينهما، وأن يتفقا على الوسيلة أيضا والوسائل كثيرة مثل “سؤال – متابعة ورد – حضور فريضة – تمشية مع التفكر – قراءة كتاب – تزاور- الخ”

2 – القراءة في سير الصالحين: ( النبي ﷺ والصحابة والتابعين ومن بعدهم حتى في وقتنا المعاصر)
﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾، ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
روى البخاري ومسلم / عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ: «فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ»، البخاري ومسلم / عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»

  • وعن الذهبي قيل لابن المبارك: “إذا أنت صليت؛ لم لا تجلس معنا؟!”، قال: “أجلس مع الصحابة والتابعين، أنظر في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم؟! أنتم تغتابون الناس!”.
  • وعن نُعيم بن حماد قال: كان ابن المبارك يُكثر الجلوسَ في بيته، فقيل له: ألا تستوحِش؟ فقال: كيف أستوحِشُ وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟‍! اهـ
  • عن أبي حنيفة رضي الله عنه: “سير الرجال أحب إليَّ من كثير من الفقه، ” قال الثوري -رحمه الله: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة.
  1. زيارة القدوات المجتمعية والجلوس والتواصل معها:
    قال الله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ”
    وفي زيارة القدوات ومجالستهم والتواصل معهم فوائدا عظيمة ومنافعا كثيرة منها:
    منافع متعددة/ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: ” إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً “

تصحيح المفاهيم

“أخرج الترمذي في سننه/ عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «جَالَسْتُ النَّبِيَّ  أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ، وَيَتَذَاكَرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَرُبَّمَا يَتَبَسَّمُ مَعَهُمْ»:
إصابة الخير على كل حال
روى الطبراني / عنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «الْمُؤْمِنُ إِنْ مَاشَيْتُهُ نَفَعَكَ , وَإِنْ شَاوَرْتُهُ نَفَعَكَ , وَإِنْ شَارَكْتُهُ نَفَعَكَ , وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ مَنْفَعَةٌ»

استكمال النقص:
ذكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم / عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ؛ قَالَ: جَالَسْتُ الْفُقَهَاءَ؛ فَوَجَدْتُ دِينِي عِنْدَهُمْ، وَجَالَسْتُ أَصْحَابَ الْمَوَاعِظِ؛ فَوَجَدْتُ الرِّقَّةَ فِي قَلْبِي؛ وَجَالَسْتُ كِبَارَ النَّاسِ؛ فَوَجَدْتُ الْمُرُوءَةَ فِيهِمْ، وَجَالَسْتُ شِرَارَ النَّاسِ؛ فَوَجَدْتُ أَحَدَهُمْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ عَلَى شَيْءٍ لَا يُسَاوِي شَعِيرَةً.

التأدب قبل التعلم
ذكر الخرائطي في مكارم الأخلاق / يَقُولُ: يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا جَالَسْتَ فَكُنْ عَلَى أَنْ تَسْمَعَ أَحْرَصَ مِنْكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ، وَتَعَلَّمْ حُسْنَ الِاسْتِمَاعِ، كَمَا تَعَلَّمُ حُسْنَ الْقَوْلِ، وَلَا تَقْطَعْ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثِهِ»
دفع الغرور
قال الزُّهْرِيّ: كنتُ أظنُّ أَنِّي قَدْ نْلتُ مِن العلمِ حَتَّى جَالَسْتُ عُبَيْد اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَأَنَّمَا أُفَجِّرُ بِهِ الْبَحْر.

التوريث والخبرة
روى الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ.

  1. المشاركة في عمل تطوعي أو إغاثي
    قال تعالى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وقَالَ تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
    قال ابن كثير : ” وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ( كَانَ أُسَرَاؤُهُمْ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكِينَ) ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا أن رسول الله ﷺ أَمَرَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ يُكْرِمُوا الْأُسَارَى ، فَكَانُوا يُقَدِّمُونَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْغَدَاءِ “
    روى البخاري ومسلم / عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ” بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا، فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ “، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ»
  2. الاندماج الإيجابي مع أصحاب الفطر السليمة:
    قال تعالى : ” وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره”، وقال الله تعالى: “وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ “.ابن أبي شيبة / عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَحِبَ نَصْرَانِيًّا فِي طَرِيقٍ، فَذَهَبَ النَّصْرَانِيُّ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: «عَلَيْكَ السَّلَامُ» ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: «لِحَقِّ الصُّحْبَةِ»
  3. تفعيل الارتباط الأسري والمسجدي:
    ابن خزيمة / عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّه -ﷺ- وَإِذَا النَّاسُ فِي رَمَضَانَ يُصَلُّونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: “مَا هَؤُلَاءِ؟ ” فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ نَاسٌ لَيْسَ مَعَهُمْ قُرْآنٌ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يُصَلِّي بِهِمْ، وَهُمْ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “أَصَابُوا -أَوْ نِعْمَ مَا صَنَعُوا-“
  4. مجموعات التواصل الاجتماعي وتفعيلها في التربية كبيئة داعمة

Posted on Leave a comment

الإنسان بين محمد (صلّى الله عليه وسلم) والمسيح (عليه السلام)

إن من يؤمنون بالمسيح عليه السلام، ومن يؤمنون بمحمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يجب أن يهبّوا اليوم جميعاً لحماية الإنسان، وحماية الحياة.
إن الإنسان هو محور الوجود كله .. كل شىءٍ سٌخِّر له، فالدين جاء من أجله، والوحي اتجه بالخطاب إليه، والقرآن والتوراة والإنجيل وكافة الكتب السماوية إنما تدور جميعها حوله.

ماذا قدم محمد صلي الله عليه وسلم ، والمسيح ابن مريم عليه السلام لهذا الإنسان،
1 – إنهما اشتركا في تحرير الإنسان من الجهل، ومن رواسب الرؤي المغلوطة، والأساطير الموروثة.
مثال ذلك: عنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : “كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاس كَسَفَتْ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ” متفق عليه.
كان يمكن- لو لم يكن نبياَ رسولاً- أن يصمت ويدع المقولة تنتشر، ولكنه لا يفعل لأنه نبي أولا، ولأن واجبه تعليم الإنسان الحقيقة، وتصحيح النظرة ثانيا.
ويدخل المسيح ابن مريم على البنت وهي تعالج سكرات الموت، وأهلها حولها ينوحون، ويضجون، فيلقي عليها نظرة طاهرة، فيتحرك الجسد تحت غطائه، ويتحول الحزن الي فرح ودهشة، فيقولون : إن المسيح أحياها – لكن الصادق العظيم يقول لهم “إنها لم تمت، لقد كانت نائمة”

2 – وفي مجال رعاية الإنسان وتكريمه.
يقول القرآن الكريم “ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيماً وأسيراً”
ويقول المسيح عليه السلام “روح الرب مسحني لأبشر المساكين، وأرسلني لأشفي منكسري القلوب، ولأنادي للمأسورين بالانطلاق”
انظروا إلي التوافق بين السيد المسيح و نبينا الكريم، المسألة كلها تكمن في كرامة الإنسان، وتحريرالإنسان في مجتمعات تنتهك حقوقه وكرامته.

لقد خاض المسيح -عليه السلام- معركة كبيرة مع أولئك الأشراف والنبلاء ليزجر غرورهم، ويكسر كبرهم، ويفتح أعينهم علي آثامهم ومظالمهم، وليشجع المستضعفين الذين يترنحون منهم، ولقد فعل وقام بالواجب، ومن أجل ذلك أوذي وعودي، وقد فعل محمد عليه الصلاه والسلام نفس الشئ إلا انه كان أكثر انتشاراً وتأثيراً.

(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ۝ فَكُّ رَقَبَةٍ ۝ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ۝ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ۝ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ۝ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ۝ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ۝ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ۝ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ)
كان النبي صلي الله عليه وسلم يقول “ابغوني في ضعفائكم” (رواه أبو داوود) يعني اطلبوني تجدوني مغ الضعفاء، وكان يأتي عليه الشهران ما يُوقَد في بيته نار … لا يأكل هو وأهل بيته إلا التمر والماء، فإذا وجد غير ذلك بدأ بالمساكين والفقراء، حتي ابنته فاطمة لم يكن يبدأ بها، وكانت ترضى وتصبر، لأنه هو وأهل بيته كانوا أول من يجوع إذا جاع الناس، وآخر من يشبعوا إذا شبع الناس، وكان منهاجه تكريماً للعمل الكادح، وإعزازاً للبساطة، وتوقيراً للفقراء والضعفاء.

  • كان عيسي يقول: “من له ثوبان فليعط من ليس له، ومن له طعام فليفعل هكذا “
  • وكان نبيناً يقول: “من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، ومن له فضل مال فليعد به علي من لا مال له ..” صحيح مسلم

3 – وفي مجال حقوق الإنسان
يقال : إن للإنسان حقوقا كثيرا لابد من صيانتها ، حتي يستطيع القيام بدوره علي هذه الأرض وعلي رأس هذه الحقوق حق معاشه وحق كرامته وضميره .


فأما حق معاشه
فكان عيسي عليه السلام يصيح بكلمات لاهبة علي أولئك الذين يستحلون عرق الكادحين وحقوق العاملين كان يقول (يأكلون بيوث الأرامل ولعلهم يطيلون الصلاة ، يظلمون الفعلة والحصادين بينما صياحهم قد يصل إلي رب الجنود)
يشير إلي وكلاء روما وتجار اليهود ورؤساء الكهنة ، وكانوا سواء في التآمر علي عرق الكادح ولقمة الجائع.
وكان نبينا يقول (أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه) رواه ابن ماجه وصححه الالباني وكان يسامح الناس في حق نفسه وفي الذنب الذي بين العبد وربه يشرع التوبة ، أما ما يتعلق بحقوق الناس فكان لا يقوم لغضبه شيء.

وأما عن حق كرامته وضميره
فقد أتي عيسي عليه السلام ليجد الضمير الإنساني وقد وضعت عليه الأغلال، فكل سكينة نفس، وكل طمأنينة قلب، وكل مغفرة ترتجي، وكل حرية تراد، كان الكهنة يتقاضون عليها الأجر
كل عطاء ديني بثمن، دخول الهيكل بثمن، التماس البركة بثمن، الصلاة للرب بثمن، فيتقدم المسيح عيسي ابن مريم ليحرر ضمير الإنسان ويعيد إليه كرامته.
بدأ فأنقذ الضمير من وطأة المساومة فكان يقول للكهنة وعامة الشعب (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) يقصد تلك المرأة المخطئة التي أرادوا عقابها، وكان يقول: مكتوب إن بيتي بيت صلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص.

وقال محمد -صلي الله عليه وسلم- عن المرأة الغامدية التي أخطأت: (لقد تابت توبة لو وزعت علي أهل المدينة لوسعتهم) صحيح مسلم، وكان يقول: (إن الله لم يأمرني أن أشق علي صدور الناس لأري ما فيها)، وكان يشجع الضمير الإنساني علي الانطلاق في بساطة ويسر مع تحمل المسؤولية (يافاطمة اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا) البخاري ومسلم
كان الناس يخافون من الأصنام الصماء ومن كسري وقيصر فجاء محمد بن عبد الله فأخذ الناس من أمام هذه الأصنام ومن بين أيدي القياصرة المعبودين وقال لهم (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)… إذا كنتم تريدون الله المعبود بحق فانطلقوا نحوه.


وعلي الجملة أيها الإخوة والأخوات فإنما جاء عسي ومحمد عليهما الصلاة والسلام وجميع الأنبياء من قبلهم ليصححوا المفاهيم، ويصلحوا المفاسد، ويحلوا المشاكل، ولينبهوا علي حقوق الأنسان وواجباته، وليكرموا المرأة والطفل واليتيم والمسكين، ولينشروا العلم والعدل والسلام.