من قصص المسلمين الجدد في أوروبا .. لمحة من كتاب “الولادة من رحم المعاناة”

“المسلمون الجدد” … كيف أسلموا ؟!

سؤال مهمٌّ حاولت الكاتبة المبدعة مريم منصور الإجابة عليه بنجاحٍ كبيرٍ.

يُصلّون معنا في مساجدنا في أوربا، ويشاركوننا مختلف المناشط الدعوية والتربوية وغيرها، ويتبوأ بعضُهم أدواراً قياديّةً رائدةً في الكثير من المراكز والمؤسسات الإسلامية في أوربا، بل إنّ بعضهم اقتحم ميدان الكتابة وأبدع فيه، معبّراً عن تجربته الشخصية من ناحية، ومُنافِحاً – من ناحية أخرى – عن تعاليم دينِهِ الجديد الذي ارتضاه لنفسه بعد رحلة معاناة من الشك إلى اليقين، فكان هو/هي بدوره/ها سبباً في هداية باحثين عن الحقيقة سلكوا الطريق نفسها من بعده/ها وساروا على نفس خطواته/ها، أو ربما سلكوا إلى الهداية طريقا أطول وأصعب، ولكنهم وصلوا هم أيضاً.

هناك جانبٌ آخرُ من جوانب حياتهم، غالباً ما نغفل عنه كلما اقتربنا منهم وسألناهم عن قصة إسلامهم منتظرين منهم أن يسمعونا الأمور الإيجابية التي نحب سماعها، دون الالتفات إلى النواحي الإنسانية والنفسية في تجاربهم وتجاربهنّ. وهذا بالضبط ما ركّزت عليه المؤلفة، متتبّعةً رحلة “الولادة من رحم المعاناة” من أفواه أصحابها، فأخرجت للنور: “عشر قصص واقعية لأشخاص أنار الإسلام حياتهم وبعث فيها الأمل”.

جلستِ الكاتبةُ مع كل بطلٍ وبطلةٍ من أبطال روايتها واستمعت لهم بآذان صاغية، وحسٍّ مرهفٍ، وقلبٍ واجفٍ، ثم أعادت صياغة حكاية الرحلة إلى الإسلام بأسلوب أدبي وقصصي جميل وشيق يجعلك تحلق في سماء القصة متنقّلاً بين خطواتها، متشوّقاً إلى النهايات الجميلة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.

لقد نجحت الكاتبة في صياغة القصة بطريقة تُشعِرُكَ أنكَ تقرأُ قصةً كُتِبت بأيدي أصحابها أنفسهم، وليس نقلاً عنهم ومحاورةً لهم.

لقد أضاءت الأخت مريم على جانبٍ توثيقيٍّ مهم لم يسبق لي الاطلاع عليه بين دفتي كتاب واحد.

تقول المؤلفة:

“في غمرةِ فرَحِنا بإسلامِ أحدهم، وعُرسِ التّكبير والتّهليل، وسَكْبِ الدموع فرحاً، ولنا الحق في ذلك، قد ننسى ما عاناه هذا الشخص في طريقه.

لِشدَّة ما تأثرتُ بِحُرقَتِهم للوصول إِلى الهدف المنشود، وتلوُّعِهم في البدايات، أحببتُ أن أُسلِّط الضوءَ على بعض الأمور التي سبَّبت لهم المتاعب، وكادت تُثقِل خُطاهُم، عسانا بِذِكرها نزدادُ حمداً لله على نعمٍ قد لا ندرك قيمتها، بينما تكون هي مفتاحَ السعادة والنَّعيم لغيرنا”.

صدر الكتاب في سويسرا في صيف 2021، ويحتوي على عشر قصص إسلام، ومقدمتين وخاتمة، في 200 صفحة من الحجم المتوسط.

وفي الختام لا يفوتني التحفظ على كلمة “المسلمين الجُدُد” التي لم تستعملها الكاتبة حقيقة، وإنما استعملتُها لشُيُوعِها بيننا كمصطلحٍ، ذلك أن بعضَهم قد مضى على إسلامه ثلاثة عقود، أو أربعة، أو ربما أكثر، ولا زلنا نقول “مسلمون جدد” !!

ترقبوا قريباً حواراً مع الكاتبة لمزيد من الإضاءة حول موضوع الكتاب.

وكتبه: علي بن مسعود/ سويسرا

المقالات المنشورة بالموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس الأوروبي للأئمة