هلال رمضان بين الرؤية والحساب الفلكي.. هل الخلاف في طريقه إلى الزوال؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
لا يخفى على أحد ما يعاني منه المسلمون في البلاد الغربية من فرقة وحيرة كلما دخل عليهم رمضان أو حل عليهم العيدان، وذلك لاختلاف المساجد والأئمة في الطرائق المعتمدة في تحديد أوائل الشهور القمرية، حتى لم يعد غريبًا ان يختلف أهل بيت واحد في صيام رمضان أو الاحتفال بالعيد.
وقد خلف هذا الواقع سلبيات كثيرة على الوجود الإسلامي في الغرب من أهمها:
1) غياب الوحدة والاجتماع على إحياء هذه المواسم وأداء الشعائر
2) تغييب المقاصد الروحية والأبعاد الاجتماعية من الشعائر الإسلامية عبر التركيز على المظاهر والوسائل.
3) تبديد الجهود والأوقات في جدالات عقيمة كل سنة مما يعمق الخلاف والشقاق بين المسلمين.
4) عزوف بعض المسلمين عن حضور الجماعات وإحياء المناسبات
5) إعراض الشباب عن المساجد وفقدان الثقة في الأئمة والقائمين على مصالح المسلمين.
6) تشكيك المتربصين بكمال الدين وجمال الإسلام.
7) عدم اعتماد المؤسسات الحكومية والجهات الرسمية على رزنامة موحدة لأعياد المسلمين.
8) صعوبة حصول المسلمين على عطلهم بمناسبة الأعياد.
9) إعطاء صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين في البيئات الغربية.
10) تصوير الإسلام بأنه دين مناف للعلم معارض للحقائق الفلكية.
وقد كان المسلمون في الغرب، عبر هيئاتهم الإفتائية ومؤسساتهم العلمية كالمجلس الأوربي للبحوث والإفتاء، وهيئات الأئمة ومشرفي المراكز والمساجد الأوربية، على وعي بهذه المشكلة منذ عشرات السنين، فتداعوا إلى ملتقيات عديدة ومؤتمرات وندوات كثيرة، شارك فيها علماء الشريعة ورواد الفلك، وعرضت فيها دراسات مستفيضة حول طبيعة المشكلة وأبعادها الدينية والاجتماعية، وتأثيراتها على حياة المسلمين في أوربا وانسجامهم مع فرائض دينهم ومتطلبات حياتهم، ورغم ذلك لا يعتمد المسلمون في أوربا إلى اليوم، نظاماً موحداً لتحديد أوائل الأشهر القمرية ولا يرجعون إلى رزنامة موحدة تبين مواعيد المناسبات الدينية وبخاصة بداية رمضان وشوال وذي الحجة.
وقد ترددت الحلول طيلة هذه السنوات بين اعتماد الرؤية واعتماد الحساب للنفي لا للإثبات أو اعتماد الحساب مطلقاً، وبقيت الحيرة والسجال السمة الغالبة في حياة المسلمين الأوربيين كلما اقترب موعد رمضان أو أحد العيدين، فتفسد عليهم فرحتهم وتفرق كلمتهم وتضعف من ارتباطهم بأعيادهم ومواسم الخيرات في حياتهم.
وبعد كل هذه السنوات من الدراسات وتراكم الخبرات ومعايشة هموم الناس وآمالهم لا أرى سبيلا للمسلمين لتجاوز هذه الأزمة المتجددة كل سنة إلا بالاعتماد على نظامٍ دقيقٍ موحدٍ ثابتٍ، يحفظ عليهم وحدتهم ويسهل عليهم حياتهم وسبل الاستفادة من مواسم الخيرات وشعائر دينهم، وهذا لا يتوفر - بنظري - إلا بالاستعانة بالحساب الفلكي الدقيق لتحديد أوائل الأشهر القمرية، وهذا مسلك تؤيده الأدلة الشرعية والمقاصد العامة ومذاهب جمع من أئمة الدين قديماً وحديثاً.
ولعل هذا ما خلصت إليه عدة مؤتمرات وندوات كان آخرها مؤتمر التقويم الموحد الذي أقيم في إسطنبول سنة 2016، برعاية رئاسة الشؤون الدينية التركية ومشاركة المجلس الأوربي للبحوث للإفتاء، ونخبة من علماء الشريعة والفلك من شتى أنحاء العالم حيث خلص المؤتمر إلى اعتماد الحساب لإثبات دخول الأشهر القمرية ضمن المبادئ التالية:
يثبت دخول الشهر الجديد شرعيًا إذا توافر ما يلي:
أولًا: أن يكون الاقتران قد حدث فعلًا قبل غروب الشمس.
ثانيًا: أن يكون هناك إمكانية لرؤية الهلال بالعين المجردة أو بالاستعانة بآلات الرصد، ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
ثالثًا: لقبول إمكانية رؤية الهلال لابد أن تتحقق الشروط الفلكية التالية:
أ - أن يغرب الهلال بعد غروب الشمس في موقع إمكانية الرؤية.
ب - ألا تقلّ زاوية ارتفاع القمر عن الأفق عند غروب الشمس عن (5°) خمس درجات.
ج - ألاّ يقلّ البعد الزاوي بين الشمس والقمر عن (8°) ثماني درجات.
ويتضح من هذه الضوابط اعتماد الحساب لتحديد إمكانية الرؤية والبناء عليه، مما يمَكِّن من الإعلان عن بداية الشهر القمري وعدم تأجيله حتى رؤية الهلال بالعين المجردة، وهذا يجنب حالة التخبط عند بداية ونهاية شهر رمضان، ويسهل على المسلمين الاستعداد لإحياء شعائر العيدين والصيام وحسن الاستفادة منها، كما ييسر عليهم الحصول على عطلهم.
علماً أن هذه المبادئ تضبط اعتماد الحساب باعتبار إمكان الرؤية لا بالولادة أو الاقتران. وقد أخذ بهذا القرار أيضا كثير من البلدان والهيئات العلمية والمراكز الإسلامية في أوربا.
ورد في بيان المجلس الأوربي للإفتاء: «والحساب الفلكي أصبح أحد العلوم المعاصرة التي وصلت إلى درجة عالية من الدقة بكل ما يتعلق بحركة الكواكب السيارة وخصوصًا حركة القمر والأرض ومعرفة مواضعها بالنسبة للقبة السماوية، وحساب مواضعها بالنسبة لبعضها بعضًا في كل لحظة من لحظات الزمن بصورة قطعية لا تقبل الشك».
وورد في بيان مجلس الديانة التركي: «إن وقت اجتماع الشمس والأرض والقمر أو ما يعبر عنه بالاقتران أو الاستسرار أو المحاق حدث كوني يحصل في لحظة زمنية واحدة، ويستطيع علم الفلك أن يحسب هذا الوقت بدقة فائقة بصورة مسبقة قبل وقوعه لعدد من السنين، وهو يعني انتهاء الشهر المنصرم وابتداء الشهر الجديد فلكيًا. والاقتران يمكن أن يحدث في أي لحظة من لحظات الليل والنهار».
1- الحساب الفلكي طريقة شرعية ووسيلة مقاصدية.
إن الاختلاف في كيفية تحديد بداية الأشهر القمرية أمر اجتهادي لا ينبغي فيه الإنكار، وهو راجع إلى فهم النص لا إلى رده، وإذا كان الأمر كذلك فإن أولى الأقوال بالأخذ والاعتبار ما يحقق المصلحة ويدفع المفسدة ويرفع الحرج والمشقة.
والأخذ بالحساب، بالضوابط المنصوص عليها في البيان أعلاه هو خير سبيل لتحقيق ذلك الهدف.
وقد جوَّز العمل بالحساب أو الاستعانة به كثير من الأئمة قديما وحديثاً كالتابعي البصري مطرِّف بن عبد الله (95 هـ) وإمام الشافعية في عصره أبي العباس بن سريج (249 هـ 306 هـ) وأبي القاسم القشيري (376 هـ - 465 هـ) وأبي عاصم العبادي (375 هـ – 458 هـ) وابن قتيبة الدينوري (213 هـ 276 هـ) وابن دقيق العيد ( 70 هـ ) وتقي الدين السبكي (683هـ — 756هـ ) ، وجعلوا ذلك مقتضى حديث ابن عمر في الصحيح "اقدروا له" نقله عن بعضهم الإمام النووي في المجموع ( المجموع 6/270 ).
بل ذهب الإمام أبو العباس بن سريج إلى أن قوله: "فاقدروا له": خطاب لمن خصه الله بهذا العلم، وأن قوله: "أكملوا العدة" خطاب للعامة (فتح الباري 6/23).
قال ابن دقيق العيد في إحكامه، في شرح حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - «إذا رأيتموه فصوموا. وإذا رأيتموه فأفطروا. فإن غم عليكم فاقدروا له».
«أما إذا دل الحساب على أن الهلال قد طلع من الأفق على وجه يرى، لولا وجود المانع - كالغيم مثلا فهذا يقتضي الوجوب، لوجود السبب الشرعي. وليس حقيقة الرؤية بشرط من اللزوم؛ لأن الاتفاق على أن المحبوس في المطمورة إذا علم بإكمال العدة، أو بالاجتهاد بالأمارات: أن اليوم من رمضان، وجب عليه الصوم وإن لم ير الهلال، ولا أخبره من رآه». ( إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، كتاب الصيام، حديث 179)
أما المعاصرون فنذكر منهم شيخ الأزهر الشيخ المراغي، والمحدث أحمد شاكر وأحمد الغماري ومصطفى الزرقا ويوسف القرضاوي وغيرهم كثير، وإلا فإن هذا المقام لا يتسع لذكر كل القائلين بجواز الاستعانة بالحساب.
قال الشيخ شاكر: "وكنت أنا وبعض إخواني ممن خالف الأستاذ الأكبر في رأيه، وأنا أصرح الآن أنه كان على صواب. وأزيد عليه وجوب إثبات الأهلة بالحساب في كل الأحوال، إلا لمن استعصى عليه العلم به." (رسالة أوائل الشهور العربية، ص 15)
وللشيخ مصطفى الزرقا رسالة بعنوان: حول اعتماد الحساب الفلكي لتحديد بداية الشهور القمرية هل يجوز شرعا أو لا يجوز؟ مضمنة في كتاب مجلة مجمع الفقه الإسلامي. (ج2 ص744)
ركز فيها على ثلاث نقاط:
• أن تعليق الصوم بالرؤية في الأحاديث داخل في باب الوسائل لأنها كانت الوسيلة الميسورة في ذلك الوقت ، وليس فيها معنى التعبد.
• أن علة تعليق الصوم بالرؤية هو الأمية وعدم معرفة الحساب، والحكم يدور مع علته وجودا وعدماً.
• أن إنكار العلماء القدامى للأخذ بالحساب يعود إلى ما كان معروفا في زمانهم من العرافة والتنجيم.
ثم قال في خلاصة بحثه: «فحينئذ لا يوجد مانع شرعي من اعتماد هذا الحساب والخروج بالمسلمين من مشكلة إثبات الهلال، ومن الفوضى التي أصبحت مخجلة بل مذهلة، حيث يبلغ فرق الإثبات للصوم والإفطار بين مختلف الأقطار الإسلامية ثلاثة أيام، كما حصل في هذا العام، وفي معظم الأعوام الماضية.»
وليس قصدي من بسط بعض أقوال أهل العلم في جواز الأخذ بالحساب الفلكي مطلقاً أو جزئياّ هو البحث والتأصيل الفقهي فهذا باب قد صنفت فيه مطولات وأشبعت بحثاً وتحقيقاً، كما ليس القصد أن أنتصر لرأي محدد وأنكر خلافه، فإن كل رأي في هذه المسألة يقف وراءه جهابذة في العلم وأئمة في الفقه، وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم
إنما مقصدي أن أنبه إلى أن الأمر ليس من باب القطعيات أو الواضحات البينات كما يدّعي البعض، فينكرون ما لا يجوز الإنكار فيه ويضيقون واسعاً ويحجرون على الناس إعمال الفهم ومراعاة المصلحة والاجتهاد في النص فهما وتنزيلا.
ولا جرم أن المسلمين اليوم، وفي الغرب خاصة، لفي أمس الحاجة إلى توحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ورفع الحرج عنهم في أداء فرائضهم وإحياء شعائرهم ضمن قواعد الشرع ومقاصد الإسلام.
وأيًا كان الاختلاف في الرأي بين المسلمين في هذه المسألة فإنهم مطالبون بالتوافق على النقاط التالية:-
أولاً؛ أن لا ينكر بعضهم على بعض في المسائل الاجتهادية، وهذا الأمر اجتهادي تتسع له نصوص الشرع، والاختلاف فيه تيسير ورحمة للأمة.
ثانياً؛ أن الخطأ في بداية الشهر سواءً أكان بالرؤية أو بالحساب مغتفر، والخطأ في الوسائل لا يبطل أصل العبادة ومقاصدها، والمجتهد الذي بذل وسعه في معرفة حكم الله مأجور في الحالين. وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون” (الترمذي، وقال: حسن غريب (697) وفي لفظ: “وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون” (أبو داود -2324 ؛ وابن ماجه -1660 بلفظ “الفطر يوم تفطرون، والأضحي يوم تضحون” رواه من طريق حماد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال الشيخ شاكر: وهذا إسناد صحيح جدًا على شرط الشيخين ا هـ)
وبوب أبو داود لهذا الحديث تحت عنوان: (باب إذا أخطأ القوم الهلال)، قال الإمام الخطابي: معنى الحديث: أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا، فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين، فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعًا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماض، فلا شيء عليهم من وزر أو عنت، وكذلك هذا في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادته ويجزيهم أضحاهم كذلك، وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده.
ثالثا؛ أن أولى ما يجب على المسلمين التفكير فيه ورعايته هو السعي إلى وحدتهم في صيامهم وفطرهم، وسائر شعائرهم ، دون الجمود على اجتهادات محددة أو الانغلاق على انتماءات قومية أو قطرية أو لغوية، قال الله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } [الشورى 13] فاجتماع الكلمة وعدم التفرق المفضي إلى الفشل وذهاب الريح، أصل من أصول الدين العظيمة ومقصد من مقاصد الشريعة، وهو مقدم في الاعتبار والمراعاة على فروع الشريعة وجزئياتها ووسائلها.
وإن كان المسلمون في البلدان الإسلامية يرجعون في أمور دينهم إلى سلطة سياسية تلزمهم وتجمع شملهم، فليس للمسلمين في أوربا سوى وعيهم وفهمهم للحفاظ على هويتهم واجتماع كلمتهم، ولن يتأتى ذلك إلى بنبذ العصبيات والالتزام بقرارات المؤسسات الشرعية والإدارية التابعة للمسلمين، فهي تقوم مقام السلطات الرسمية والمراجع الدينية في البلاد الإسلامية.
وذلك حتى لا تتكرر المآسي التي حصلت في السنوات الأخيرة، حيث اختلف المسلمون في البلد الواحد والمدينة الواحدة، فمنهم مفطر ومنهم صائم، واحتفل بعضهم بالعيد فيما بقي آخرون صائمين، ومنهم من هو لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا يدرون صبيحة يومهم أيمسكون سائر يومهم أم يفطرون وقد بيتوا نية الصوم من الليل احتياطاً!
ويعلم الله شدة المشقة التي نلقاها، نحن أئمة المساجد والمسؤولين على المراكز الإسلامية، في بداية رمضان وشوال، فشخصياًّ لا يهدأ لي بال ولا يتوقف هاتفي عن الرنين إلى وقت متأخر جدا من الليل في ليالي اشتباه دخول رمضان أو حلول العيد، من كافة أنحاء البلاد الأوربية التي أعيش فيها، من مسلمين حائرين لا يدرون ما يصنعون، أو مسؤولي وأئمة مساجد في المناطق النائية لا يدرون كيف يتصرفون ولا ماذا يقولون. وتزداد حرقتنا عندما لا نملك لهم حلاً كافيأً ولا جوابا شافياً، فننصحهم بالالتزام بقرار مدينتهم، فإن تعذر للاختلاف فيها، فبقرار مسجدهم الذي ينتسبون إليه ويصلون فيه. وقد شذت جماعة تائهة من أهل الفضل، لكنهم سئموا أحاديث المطالع واختلاف المجامع ومشكلة دخول وخروج رمضان السنوية، فاختاروا مكة، يصومون لصومها ويفطرون لفطرها، فعزلوا أنفسهم عن محيطهم الاجتماعي وانفصلوا شعوريا ووجدانيا عن بقية المسلمين، في موسم أريد له أن يمثل قمة الأخوة والتضامن ووحدة الشعور والتعاون بين المسلمين.
بل الأدهى من ذلك أننا شهدنا قبل سنتين اختلافا بين أفراد العائلة الواحدة، حيث أصبح الزوج معيِّداً والزوجة صائمة، وصام الابن وأصبح الأب معيداً، وهذا كلام من وحي التجربة ووردت علينا فيه استفتاءات عديدة.
وهذا، لعمري، لا يرضاه الله ولا رسوله، وتأباه مقاصد الدين وروح الشريعة، فما لهذا شرع الصيام. ولا يمكن أن يستمر الأمر على هذه الشاكلة، ولابد للمسلمين الأوربيين من إيجاد حل لهذه المعضلة.
وبحسب رأيي الخاص وبعد سنوات طويلة من المدرسة والمعايشة والمكابدة، لا أرى سبيلاً لذلك إلى بالاعتماد على الحساب الدقيق الموحد الثابت لتحديد إمكان الرؤية، والبناء عليه لتحديد بدايات الأشهر القمرية، ضمن تصور يستجيب لقواعد الشرع ويراعي مقاصد الدين ويحقق مصلحة المسلمين في التيسير ورفع الحرج وإيلاف قلوبهم.
وهذا ما ذهب إليه مؤتمر إسطنبول 2016 وتبناه المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء وسار عليه كثير من الهيئات والبلدان في أوربا، كما بينّا في مقدمة هذا المقال.
ومما يبعث على التفاؤل، أن تطور الأحداث يوحي بتوافق مستقبلي -إن شاء الله- حول هذا الخيار ليطوي المسلمون في أوربا بذلك، صفحة التشرذم والحيرة كلما أقبل رمضان أو راح، وليتفرغوا إلى تحديات أخرى لا تزال تنخر الجسد المسلم الأوربي وتهدد المصالح والمكتسبات التي ضحت من أجلها أجيال وقضى على طريقها رجال.
اللهم أبرم لعبادك المؤمنين في أوروبا خطة رشد تجمع بها شملهم وتوحد بها كلمتهم وتجبر بها كسرهم وترحم بها ضعفهم، إنك على الإجابة قدير
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
- الكلمات الدلالية
- رمضان
الشيخ كمال عمارة