Posted on Leave a comment

محاضرة مرئية | مدارج الترقي الدعوي في الواقع المعاصر| د. محمد راتب النابلسي

محاضرة مدارج الترقي الدعوي في الواقع المعاصر – محاضرة مرئية | لفضيلة الدكتور: محمد راتب النابلسي ضمن فعاليات الملتقى السنوي للأئمة والدعاة في أوروبا، المنعقد في مدينة #اسطنبول خلال الفترة من 19-20 نوفمبر 2022 #ملتقىأئمةأوروبا

محاضرة مدارج الترقي الدعوي في الواقع المعاصر| د. محمد راتب النابلسي

Posted on Leave a comment

الإيمان بحديث الإسراء والمعراج | الشيخ: عبد الرحمن بن صالح المحمود

الإسراء هو السير ليلاً، والمعراج مفعال من العروج، وهي الآلة التي يصعد بها، والله أعلم بكيفيتها، والمقصود العروج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وأهل السنة والجماعة يقولون: إنه كان يقظة، وكان بروحه وجسده، وهذا هو الصحيح.

وهذا الإسراء والمعراج معجزة من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن من حكمة الله تعالى أن جعل فيها الإسراء الذي يستدل به عملياً على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ لأن الله قادر على أن يعرج به من المسجد الحرام إلى السماء، لكن لو عرج به إلى السماء، وجاء الرسول في الصباح يقول: عرج بي إلى السماء، لقال المشركون: هذا مثل كقولك إنه ينزل عليك ملك! أي: أن هذا أمر غيبي لا يمكن أن نستدل به على صدق ما تقول، لكن من حكمة الله أن جعل الإسراء إلى بيت المقدس.

 ولهذا لما اعترض المشركون لم يعترضوا على العروج به إلى السماء، وإنما اعترضوا على الإسراء به إلى بيت المقدس؛ لأن هذه هي القضية المادية التي يرون أنها لا يمكن أن تتم في ليلة واحدة؛ ولهذا لما أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك أنكرته قريش وأكبرته، وقالت: هذا شيء لا يمكن أن يتم ولا يمكن أن يقع، وبقية القصة معروفة.

لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرهم عن أشياء دلت على أن هذا وقع فعلاً، فأخبرهم عن العير، وماذا جرى لها، ومتى ستقدم، بل وأخبرهم عن تفاصيل دقيقة عن بيت المقدس، وهم يقطعون ويجزمون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ذهب إلى فلسطين، فإنه حين سأله المشركون عن المسجد الأقصى رفعه الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم، وصار كأنه ينظر إليه، فجعل عليه الصلاة والسلام يصفه وصفاً دقيقاً؛ حتى إن الواحد من المشركين قد يكون استقر في ذهنه جزئية بسيطة في المسجد، كالمدخل، والعتبة الفلانية، والمكان الفلاني، أما ماذا فيه من وصف فلا، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل يصفه وصفاً دقيقاً، لكن لو كان مناماً كما يزعم البعض ويقول: الإسراء والمعراج كان مناماً، فإنهم لا ينكرونها؛ لأن المنامات لا تنكر، فإذا جاء واحد وقال: رأيت في النوم أنني ذهبت إلى كذا وصعد بي وعرج بي إلى آخره، فسيكون هذا مناماً ليس بمستغرب، لكن قريشاً وهم كفار فهموا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم إنه أسري بي، ثم عرج بي إلى السماء، أنه كان بروحه وجسده، يقظة لا مناماً.

بقي إشكال، وهو أنه في بعض روايات الإسراء أن الرسول ذكر فيه أنه استيقظ، وفي بعضها: أنه كان مناماً، وقد أجاب العلماء عن ذلك بأنه لا يبعد أن الرسول كان يرى رؤيا ثم تقع مثل فلق الصبح، فقد يكون الرسول صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا ثم بعد ذلك وقعت حقيقة، لكن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين إنما هو إخبار بالإسراء بروحه وجسده، يقظة وليس مناماً.وأما كيف تم ذلك؟ فهذا علمه عند الله، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن البراق، وعن شيء من وصفه، وعن شيء من سرعته، وأخبرنا عما جرى له في السماوات، وكيف استفتح كل سماء، وكيف التقى ببعض الأنبياء، وكيف أنه بلغ سدرة المنتهى، وكيف أنه سمع صريف الأقلام، وكيف أنه رأى جبريل، وكيف أن الله كلمه في السماء، وخاطبه مباشرة بدون واسطة، وفرض عليه الصلوات الخمس إلى آخره.فنؤمن ونصدق بجميع ذلك، وهذا مثال فقط ذكره المصنف في بداية هذه القضية الكبرى، وهي الإيمان بكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال: [وكان يقظة لا مناماً؛ فإن قريش أنكرته وأكبرته، ولم تنكر المنامات] .

المصدر : شرح لمعة الاعتقاد – عبد الرحمن بن صالح المحمودشارك 

Posted on Leave a comment

المقصد الأعلى من وراء رحلة الإسراء والمعراج | العلّامة: محمد الطاهر بن عاشور

لطالما سمعنا أن رحلة الإسراء والمعراج كان سببها؛ التسرية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الذي أصابه من رحلة الطائف؛ والاحتفاء به صلى الله عليه وسلم.

ولا شك أن هذه الرحلة لم تخلُ من مظاهر الحفاوة والتكريم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن اشتمال الإسراء والمعراج على مظاهر الاحتفاء والتكريم لا يستلزم بالضرورة أن يكون هذا هو المقصد من وراء هذا المسرى العجيب.

لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا

وإذا كانت الآيات القرآنية التي تحدثت عن المسرى قليلة إلا إنها لم تغفل المقصد من ورائه، قال تعالى : {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: 1] جاء ذلك تعليلا وبيانا للمقصد: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الإسراء: 1].

يقول ابن عاشور  عن رحلة الإسراء والمعراج  : وقوله: : {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} تعليل الإسراء بإرادة إراءة الآيات الربانية، تعليل ببعض الحكم التي لأجلها منح الله نبيًّه منحة الإسراء، فإن للإسراء حكمًا جمة تتضح من حديث الإسراء المروي في «الصحيح» .

وأهمها وأجمعها إراءته من آيات الله تعالى ودلائل قدرته ورحمته، أي لنريه من الآيات فيخبرهم بما سألوه عن وصف المسجد الأقصى. ولام التعليل لا تفيد حصر الغرض من متعلقها في مدخولها.

وإنما اقتصر في التعليل على إراءة الآيات؛ لأن تلك العلة أعلق بتكريم المسرى به، والعناية بشأنه، لأن إراءة الآيات تزيد يقين الرائي بوجودها الحاصل من قبل الرؤية.[1]

حق اليقين

ومعنى كلام ابن عاشور أن الله أراد أن يُرِيَ رسوله صلى الله عليه وسلم  من آياته الكبرى، ما يثبت به فؤاده، ويزيد به يقينه، وينقله من حالة علم اليقين إلى حالة عين اليقين، بل إلى حالة حق اليقين.

وذلك أن لليقين ثلاث درجات:

الأولى : علم اليقين.

الثانية : عين اليقين.

الثالثة : حق اليقين.

فنحن نعلم بوجود الجنة علم اليقين، لكن إذا شاهدنا الجنة، أصبح علمنا بها عين اليقين، فإذا تناولنا قطفا من عنبها وصلنا إلى مرحلة حق اليقين، وهي أعلى درجات اليقين.

لماذا حق اليقين؟

إذا كانت الآية بينت لنا أن كشف بعض الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم المقصد الأعظم من الإسراء والمعراج ، إلا إنها لم تسعفنا عن سبب هذا الكشف؟ أي لماذا أراد الله أن ينقل نبيه صلى الله عليه وسلم إلى حالة حق اليقين؟

لكن إجالة النظر في كتاب الله عز وجل تكشف لنا عن السبب من وراء ذلك.

لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى

لقد حدَّثَنا القرآن عن شاب يسير بين جنبات صحراء موحشة في ليلة شاتية مطيرة ، شديدة الرياح، يسير هو وزوجته عائدا إلى موطنه الذي غادره منذ عشر سنوات. فضلَّ هذا الشاب الطريق ، فأراد أن يوقد نارًا يستدفئ بها ويستهدي بنورها معالم الطريق، فجعل كلما يقدح الزناد ينطفئ بفعل الرياح والمطر.

وفجأة يبصر من بعيد نارًا، فيقول لأهله : { امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه: 13 – 24] [طه: 10 – 24].

لقد كانت كل مشكلة موسى أن يجد نارا تدفئه هو وأهله، وتهديه طريق العودة، إنها هموم صغيرة، ومشكلات أسرية ضيقة، لم يكن يعلم أنه على موعد سيغير مسار حياته ويوسع آفاق حياته، لتتحول همومه الأسرية إلى هموم قومية كبرى، ليحمل رسالة ربه لاستنقاذ بني إسرائيل من فرعون الذي وصفه الله بقوله: {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} [يونس: 83]

لكن، هل يمكن لهذه النقلة أن تتم هكذا دون أن يحصل موسى على جرعة من اليقين تثبت فؤاده أمام جبروت فرعون؟ بالطبع لا.

لذلك أراه ربه آية تلو الآية، من الآيات التي تدل على قدرة الله وأن أزِمَّة الأمور كلها بيده، وأن فرعون وملأه وحاشيته مقهورون بقوة الله عز وجل وقدرته.

لكن هذا الكشف من الله لموسى بهذه الآيات لم يكن  لإثارة إعجابه وفقط، إنه إعداد وتربية، ولذلك تقول الآيات : {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه: 23] بعدها مباشرة : { اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه: 24].

وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ

وكذلك نجد القرآن يحدثنا عن سيدنا إبراهيم : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75]

فلم يكن الكشف لإبراهيم عن ملكوت السماوات والأرض عبثا، ولا تسلية، ولا لمتعة المشاهدة؛ ولكنه كان ” ليَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ”.

المجابهة الكبرى

وبهذا نعرف أن المقصد من وراء الإسراء والمعراج : رؤية الآيات، والمقصد من وراء رؤية الآيات، أن يري الله رسوله من آياته الكبرى توطئة لمرحلة المجابهة القادمة، التي ستنشأ مع ولادة الدولة الجديدة في المدينة.

فلئن كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعاديه كفار مكة اليوم، فإنه تنتظره صلى الله عليه وسلم في قابل الأيام عداوات أشرس وأكبر، سيعاديه اليهود في المدينة، وستنشأ على ضفاف دولة الإيمان مجموعات من المنافقين يظهرون مناصرته ويستبطنون عداوته، ويعملون في الخفاء على التخلص منه ومن دينه ، ثم سيعاديه الفرس والروم.

نعم كان يوم الطائف داميًا وقاسيا، لكنه ليس آخر أيام الشدة في حياته صلى الله عليه وسلم، فلم تكن أيامه صلى الله عليه وسلم إلا سلسلة من الابتلاءات القاسية المتواصلة ، التي يؤمر فيها بالنصب بعد الفراغ {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ } [الشرح: 7] حتى يلقى الله عز وجل.


المصدر: كتاب[1] – التحرير والتنوير (15/ 20)

https://waqfeya.net/book.php?bid=918