Posted on Leave a comment

الإسراء والمعراج: قيم ومقامات

يعتبر الإسراء والمعراج من أهم المحطات في سيرة الرسول ﷺ، ومن أشد الأحداث حضوراً في ذاكرة ووجدان المسلمين جيلاً بعد جيل، وذلك لما تحمله من قيم وأبعاد، وما نشأ عنها من تكليفات وتغيرات على مسار الدعوة الإسلامية.

وبعيدا عن التفاصيل الجزئية يمكن تقسيم الرسائل والإشارات التي حملها هذا الحدث العظيم إلى قيمٍ ومقامات.

فمن المقامات

مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومقام الوحي ومقام الصلاة ومقام المسجد عموما والمسجد الأقصى خصوصاً.  

مقام الرسول

لا شك ان التكريم الذي حظي به النبي صلى الله عليه وسلم لم يحظ به أحد قبله ولا بعده، وهو يتناسب مع شخص الرسول ﷺ ورسالته والآثار العظيمة التي تركها على المسار الإنساني والكوني عموما. وإن لم يكن الإسراء والمعراج أول تكريم إلاهي حسي للرسول صلى الله عليه وسلم ولا آخره، فإنه أقصاه وأعلاه، وبلغ فيه من المجد منتهاه.     

وهو تأكيد لمقررات فضله في القران، كما في قوله تعالى: “وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (النساء 113)، وتذكير بوعدٍ وعده إياه ربه أن قد وجده يتيماً فآوى وضالاًّ فهدى وعائلاً فأغنى، ومن كان هذا شأنه عند مولاه فلن يتركه ربه ويخزيه ولسوف يعطيه فيرضيه، وأي عطاء أبلغ من أن أسري به إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماوات.

فقد جدّه وزوجه صلى الله عليه وسلم، فآنسه ربه بقربه، وأنكره قومه فاعترف بفضله الملائكة والأنبياء، وأغلقت في وجهه أبواب الأرض ففتحت له أبواب السماء.

ولله درّ أمير الشعراء حين وصف مقامه صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج فقال:

 أَســرَى بـك اللـهُ ليـلا إِذ ملائكُـه       والرُّسْـلُ في المسجد الأَقصى على قدَمِ

لمــا خـطرتَ بـه التفُّـوا بسـيدِهم         كالشُّـهْبِ بـالبدرِ، أَو كـالجُند بـالعَلمِ

صـلى وراءَك منهـم كـلُّ ذي خـطرٍ      ومن يفُــز بحــبيبِ اللـه يـأْتممِ

جُـبْتَ السـمواتِ أَو مـا فـوقهن بهم       عـــلى منــوّرةٍ دُرِّيَّــةِ اللُّجُــمِ

رَكوبـة لـك مـن عـزٍّ ومـن شرفٍ        فـي الجيـادِ، ولا فـي الأَيْنُق الرسُمِ

مَشِــيئةُ الخـالق البـاري، وصَنعتُـه       وقدرةُ اللــه فـوق الشـك والتُّهَـمِ

حــتى بلغـتَ سـماءً لا يُطـارُ لهـا         عـلى جَنـاحٍ، ولا يُسْـعَى عـلى قَـدمِ

وقيــل: كــلُّ نبــيٍّ عنـد رتبتِـه            ويــا محـمدُ، هـذا العـرشُ فاسـتلمِ

مقام القران

القرآن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم وأساس الدين، هو المنهج الناظم للعقائد والشرائع والأخلاق، والخيط الرابط بين الأرض والسماء وبين المثال والواقع، كما أنه المصدر الذي يوثق مسار الدعوة ومحطاتها ويمنحها المرجعية والمشروعية.

وفي رحلة الإسراء والمعراج  كان الوحي حاضرا من خلال حامله إلى الأرض وأمينه في السماء، جبريل عليه السلام، حيث كان رفيق النبي ﷺ في هذه الرحلة، ومن خلال توثيق التشريف والتكريم الرباني، قرآناً يتلى آناء الليل وأطراف النهار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وثقها سورةً كاملةً باسمها أطلقها بمطلعٍ أثبت التمجيد للمُسرِي، والتشريف للمُسرى به، و محطات الرحلة ومراحلها، ومقاصدها وغاياتها، بسم الله الرحمن الرحيم:{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء 1)

مقام الصلاة

للصلاة مكانة لا تضاهيها أي عبادة أخرى، فهي أعظم ركن عملي في الإسلام. وارتباطها برحلة الإسراء والمعراج إشارة قوية إلى أهميتها وخصوصيتها، فالصلاة لم تشرع على الأرض كسائر العبادات، بل شرعت في السماء في أجواء من الحفاوة والتكريم شهدها الأنبياء المرسلون والملائكة المقربون، إذ أخذ جبريل بيد الني ﷺ إلى السماء السابعة ” ثم عَلَا به فَوْقَ ذلكَ بما لا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ، حتَّى جَاءَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى، ودَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ العِزَّةِ، فَتَدَلَّى حتَّى كانَ منه قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى، فأوْحَى اللَّهُ إليه ما أوحى“  أوحى إليه خمس صلوات في اليوم والليلة، عماداً للدين وسمةً للمومنين وملاذاً وراحة للمتقين.   

لكل مؤمن معراج

مثلما أكرم الله عبده ونبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلّم- بالعروج إليه ويسر له سبل الوصول إليه وأخرجه من وحشة الدنيا إلى الأنس بوصله وقربه، أكرم عباده المومنين في كل آن وحين بوسيلة للوصول إليه والأنس به، وهي الصلاة، وإن كانت وسيلة الرسول ﷺ في معراجه البراق وصحبة جبريل فإن وسيلة المؤمن في معراجه ركعات وسجدات تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم. فالصلاة معراج المؤمن إلى ربه، وصلته بخالقه ومصدر قوته وراحته.

المسجد منطلق وموئل

وقعت حادثة الإسراء والمعراج في المرحلة المكية، قبل قيام الدولة الإسلامية وتكوين المجتمع المسلم، ورغم ذلك حمل هذا الحدث إشارات قوية إلى أهمية المسجد في الإسلام ومكانته في صلب هذه الدعوة الحديثة. فالرحلة انطلقت من مسجد وانتهت إلى مسجد ليكون المسجد محور الحياة الإسلامية ومنطلق البناء الداخلي والإشعاع الخارجي. ولقد أكدت النصوص القرانية والنبوية على أهمية هذا البناء في الحياة الإسلامية، عبر ربطها بالعبادات والقرب، ونسبتها إلى الله عز وجل نسبة تعظيم وتشريف، وتفضيلها على سائر الأماكن. ثم لتكتسب في المرحلة المدنية صورتها النهائية باعتبارها داراً للعبادة ومؤسسة للتربية ومدرسة للتعليم ووإطاراً مجتمعيا ومنتدى سياسياًّ ومنطلقاً لحشد الإمكانات والطاقات لخدمة الأمة ونشر الفضيلة والذود عن حمى الدين والحرمات.   

وإضافة إلى هذه الأبعاد الواقعية حملت رحلة الإسراء بعدا رمزياّ للمساجد التي كانت محطات لها، وذكرت في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء 1) في إشارة إلى خصوصية هذه المساجد ومكانتها ومحوريّتها في التدافع الحضاري والصراع بين الحق والباطل.

والتعبير بالأقصى يقتضي وجود قاصٍ وهو المسجد النبوي الشريف لتكتمل صورة المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها ولا يكتمل عز الإسلام ورفعة المسلمين دون رجوعها إلى حضيرة الأمة واستعادة دورها الرباديّ وتأثيرها الحقيقيّ، المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.

وورود المسجد الأقصى في سياق رحلة الرسول ﷺ، وذكرُه في القران الكريم مباركاً وما حوله، يوجه رسالة إلى المسلمين قاطبة، أن لا عذر لهم في التفريط في حفظه واستخلاصه من أيدِ الطغاة والمنحرفين عن نهج الله تعالى، ” فالقدس آية من الكتاب من ضيعها فقد ضيع الكتاب”.    

ندعو الله تعالى أن يقيض لها من يستخلصها من أيدي الظالمين وأن يرزقنا الصلاة فيه محرراً.

كتبه الشيخ: كمال عمارة

Posted on Leave a comment

بيان الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث “حول تحديد بداية شهري رمضان وشوال لعام 1443هـ- 2022م

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، وبعد:

فإن الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث تنتهز هذه الأيام المباركة لتدعو المسلمين قاطبة إلى الاعتصام بحبل الله تعالى ووحدة الصف ولمِّ الشمل متذكرين قول الله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا… الأية” 103 آل عمران .

كما نسأل الله تعالى أن يتقبَّل من الجميع صيامهم وصلاتهم وصالح أعمالهم، وأن يجعل هذه الأيام المباركات خيراً، وبركة لعباده فى الأرض.”إنه ولىّ ذلك والقادر عليه” .

وتنتهز الأمانة العامة هذه الفرصة لتعلن بخصوص هلال شهري رمضان وشوال للعام الهجري 1443هـ 2022م وحسب مقررات الدورة الأولى للجنة التقويم الهجري الموحد المنعقدة في مدينة استانبول في الفترة ما بين (26-29) ذي الحجة 1389هـ الموافق لـ (27-30) تشرين الثاني/نوفمبر 1978م ، وبناء على ما أكده المجلس الفقهي الدولي في قراره رقم (18) في مؤتمره الثالث لعام 1986م، وحسب الشروط التي تبناها المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث في قراره الذي اتخذه في دورته العادية التاسعة عشرة في الفترة 8-12 رجب 1430هـ الموافق 30 حزيران – 4 تموز (يوليو) 2009م، وكذلك ما صدر عن الندوة العلمية التى انعقدت بباريس في الفترة 12-13 ربيع الأول 1433هـ الموافق لـ 4 و 5 فبراير 2012م وكان موضوعها:

“بداية الشهور الهجرية والتقويم الهجري” حيث حضرها ثلة من علماء الفقه والفلك وقدمت فيها عدة بحوث ودراسات فقهية وفلكية، وكذلك ما صدر عن المؤتمر العالمي لإثبات الشهور القمرية بين علماء الشريعة والحساب الفلكي الذي عقده المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة من 19-21 ربيع الأول 1433هـ الموافق لـ 11-13 شباط/فبراير 2012م وشارك فيه عدد كبير من الفقهاء والعلماء الفلكيين، وما صدر حديثا عن مؤتمر توحيد التقويم الهجري الدولي الذى انعقد فى استانبول في الفترة 21 – 23 شعبان 1437ه الموافق 28 – 30 مايو 2016م، وشارك فيه أكثر من سبعين دولة ممثلة في عدد من وزارات الأوقاف، ودور الإفتاء، والعلماء، والفقهاء، والفلكيين، بالإضافة إلى ممثلي معظم المجامع والمجالس الفقهية في العالم، والتي أقرت مجموعة من المبادئ والمعايير الأساسية ومن أهمها:

أن الأصل في وجوب صيام رمضان هو دخول الشهر وإثبات ذلك بوسيلة قطعية، وأن الحساب الفلكي العلمي يخبرنا مسبقا وبشكل قطعي عن توقيت الرؤية الصحيحة، ولا يمكن أن يعارض تحققها، وأنه لا عبرة باختلاف المطالع؛ لعموم الخطاب: “صُومُوا لرُؤيَتِه وأفْطِرُوا لِرُؤيَته” متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون». أخرجه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي وصححه.

وبناء على ذلك تعلن الأمانة العامة التالي:

1– أن الحسابات الفلكية الدقيقة بالنسبة لهلال شهر رمضان لعام 1443هـ تؤكد أن الاقتران سيكون على الساعة 06 و 25 دقيقة حسب التوقيت العالمي الموحد (جرينتش GMT) من يوم الجمعة (01) أبريل/نيسان2022م الموافق 29 شعبان 1443هـ أي ما يوافق الساعة 09:25 حسب التوقيت المحلي لمكة المكرمة.

2- ويمكن رؤية الهلال في الجزء الغربي من إفريقيا والأمريكتين بالتليسكوب بعد غروب الشمس. وعليه:

سيكون أول شهر رمضان المبارك لعام 1443هـبإذن الله تعالى يوم السبت الموافق (02) أبريل/ نيسان 2022م.وبالنسبة لـ هلال شهر شوال لعام 1443هـ – 202م1-فإن الحسابات الفلكية الدقيقة لهلال شهر شوال لعام 1443هـ تؤكد أن الإقتران سيكون على الساعة 20:28 حسب التوقيت العالمي الموحد (جرينتش GMT) من يوم السبت (30) إبريل/نيسان 2022م الموافق 29 رمضان 1443هـ أي ما يوافق الساعة 23:28 حسب التوقيت المحلي لمكة المكرمة.

2-وعليه، تستحيل رؤية الهلال بعد غروب شمس يوم السبت، ويمكن رؤيته يوم الأحد (01) مايو/ آيار( بالعين المجردة في أمريكا الشمالية والجزء الجنوبي من أمريكا الجنوبية، وفي إفريقيا وأسيا بالتليسكوب وأجهزة الرصد. وبهذا سيكون شهر رمضان ثلاثين يوما كامل العدة بإذن الله تعالى .ويكون أول شهر شوال (عيد الفطر المبارك) لعام 1443هـ .بإذن الله تعالى يوم الإثنين الموافق( 02 ) مايو/ آيار 2022 م.سائلين الله تعالى أن يستقبل المسلمون شهر رمضان المبارك وهم في خير وبركة.

Posted on Leave a comment

بيان المجلس السويدي للأئمة حول موضوع مصلحة الشؤون الاجتماعية (السوسيال) وسحب الأطفال من عائلاتهم

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان صادر من المجلس السويدي للأئمة حول موضوع مصلحة الشؤون الاجتماعية (السوسيال) وسحب الأطفال من عائلاتهم.
يعبر المجلس السويدي للأئمة عن بالغ استيائه لما تشهده السويد في هذه الأيام من حالة استقطاب كبيرة نتيجة الحملات الإعلامية الداخلية والخارجية التي تتحدث عن إجراءات السوسيال المتعلقة بملف سحب الأطفال من عائلاتهم ويؤكد على ما يلي:
◼️ ضرورة مساندة الأسرالتى يثبت تضررها بالفعل والتعاون معها من أجل الحصول على حقوقها والتدقيق مع الموظفين الذين تعسفوا في استعمال القانون وتصحيح الجراءات الخاطئة و إلزامهم بالخضوع إلى حكم القضاء إذا قرر إعادة الأطفال أوالحكم بحق الرؤية للأهل.
◼️ يدعو المجلس جميع الأئمة إلى مواجهة خطاب الكراهية والتعاون مع الجهات المختصة لتيسير سبل الحوار والبحث عن حلول تفيد المجتمع.
◼️ يوجه المجلس نداءه إلى جميع الأئمة لبذل المزيد من الجهد في توعية ودعم الأسر وتقديم الدعم لمصلحة الشؤون الجتماعية (السوسيال) من أجل إزالة العوائق اللغوية والثقافية حتى تؤدي دورها بشكل احترافي .
◼️ يطالب المجلس جميع الفاعلين من مسؤولين وسياسيين وإعلاميين وأئمة أن يتحملوا مسؤولياتهم بالدعوة إلى الحواروالتعاون ونبذ خطاب الكراهية وحل جميع الخلافات ورفض تقسيم المجتمع إلى نحن و هم.
◼️ يرفض المجلس بشدة حملات التحريض من قبل وسائل العلام الداخلية و الخارجية ويدين بشدة حملات الإساءة و التحريض ضد السويد.

إدارة المجلس السويدي للأئمة.