Posted on Leave a comment

خلاصة ورشة عمل «خطب ومواعظ المناسبات بين التقليد والتجديد»

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رحمة الله للعالمين وبعد،

فقد نظمت هيئة العلماء والدعاة بألمانيا بالتعاون مع المجلس الأوروبي للأئمة ورشة عمل حول {خطب ومواعظ المناسبات الدينية بين التقليد والتجديد}، يوم 15 يوليو 2021م 5 ذو الحجة 1442 ه تناول فيها المحاضرون أهمية استثمار المناسبات الدينية وضرورة العناية بالتجديد في الطرح والأفكار المتصلة بها، ومن هذه المناسبات والمواسم: استقبال رمضان/ خطبة العيدين/ العشر الأوائل من ذي الحجة/ المولد النبوي الشريف/ الإسراء والمعراج/ تحويل القبلة.

وقد أكد المحاضرون والمشاركون جميعا الأهمية الكبرى في العناية بفقه المناسبات الدينية ودورها وأثرها في تكوين وبناء الهوية الإسلامية عند الأجيال الجديدة من أبناء مسلمي أوروبا.

خلاصة ورشة عمل “خطب ومواعظ المناسبات بين التقليد والتجديد”

المداخلة الأولى: الشيخ  كمال عمارة

خطبة الجمعة بين التجديد والتقليد

1- المقدمة

لخطبة الجمعة أهمية كبرى في حياة المسلم بوجه عام، وفي وظيفة الإمام بوجه خاص، لذلك بذل أئمة الخطابة ورُوّادها جهوداً كبيرة في تأصيل الخطابة وإقامة أسسها ومرتكزاتها. كما تعتبر خطبة الجمعة نقطة ارتكاز الخطاب الإسلامي ومصدر قوته، بل يمكن اعتبار صلاة الجمعة وخطبتها أهم شعيرة جماعية تربط الفرد والمجتمع بالله تعالى.

  2- خصائص خطبة الجمعة

– هي مؤتمر اسلامي جماعي ديني وسياسي أسبوعي

– وهي اجتماع الزامي

– محطة للتثقيف والاصلاح الاجتماعي

–  الخطبة الوحيدة التي تستلزم الاصغاء والانصات والإجلال

 3- مكانة صلاة الجمعة وأهميتها في أوروبا

يمكن القول أن الاجتماع الى صلاة الجمعة هو الاجتماع الأكبر والأهم في حياة المسلمين الأوروبيين وذلك لصعوبة الاجتماع في باقي الصلوات الخمس بسبب تباعد المساجد والالتزامات المهنية الصارمة، وهذا يؤكد ضرورة وأهمية ترشيد الخطبة والعناية بها .

والسؤال المهم في هذا الموضوع، هل تعاني خطبة الجمعة أزمة في سياقها الأوروبي؟

في تقديري الخاص فإن خطبة الجمعة لا تعاني أزمة إنما تواجه تحديات باعتبارها شعيرة إسلامية في غير بيئة مسلمة، ونقائص كثيرة يعاني منها القائمون عليها.

لذلك فإن سؤال الأصالة والمعاصرة -ولا أحبذ تسميته بالتقليد والتجديد- يكتسب مشروعية خاصة في هذا السياق، سواءً تعلق الأمر بالشكل (كاللباس الشرعي للإمام …) أو المضمون (كالاستشهاد والاستدلال…)، وهو ما يجب المحافظة والحرص عليه لاعتبارات شرعية وللحفاظ على خصوصية شعيرة الجمعة وحضورها القوي في النفوس ووقعها في القلوب.

إلا أن التحديات الأبرز تكمن في المعاصرة وأقصد بالمعاصرة مناسبة الخطبة للواقع وتطوراته، ومواكبتها لحاجة الناس وهمومهم. 

ولابد لتحقيق ذلك من عنصرين:

أولاً؛ اللغة: فلا بد من مخاطبة بلغة يفهمها ويتجاوب معها.

ثانياً؛ فهم الواقع ومعايشته ومعرفة حاجة الناس ورغباتهم وقضاياهم الأساسية.

المداخلة الثانية:

الشيخ وجيه سعد

  1. المقدمة

لا تقتصر خطبة الإمام على الجُمعة وإنما هناك ما يُسمى بالخطب المناسباتية (ربيع الأول، الإسراء والمعراج، العشر الأوائل والعشر الأواخر…)، وتناول هذه المواضيع أمر ضروري بالنسبة للجمهور المسلم في أوروبا، ولتناول هذه المواضيع أهمية فيما يلي:

  • أنه حاجة أساسية يطلبها المسلم ويستهجن عدم الوقوف عليها في حال مرت دون ذكر.
  • أنها تشكل حالة توثيق للحدث الذي تدور حوله، تضمن حفظها من الناس الاضمحلال خاصة لدى لأجيال القادمة، وهذا يستلزم على الإمام إعطاء أهمية أكبر لمثل هذا النوع من الخُطب.
  • أحد أهم الوسائل التي نحافظ بها على هويتنا ووجودنا في مجتمعاتنا الأوروبية.
  • مشكلة الخطابة وبعض الحلول

والمشكلة ليست في تكرار الحدث والوقوف عنده كل مرة وإنما في الأسلوب وطريقة الطرح، الذي ربما وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى تسرب الملل إلى المستمعين، وحتى نتمكن من حل هذه المشكلة يمكن اللجوء إلى الوسائل التالية:

  • الإصغاء إلى الجمهور وإشراكهم في عملية طرح الأساليب والوسائل، حيث أن الخبرات الجماعية والتفكير بصوت عالٍ يضمن إيجاد الحل الأنسب والأقرب إلى الواقع المُعاش.
  • أن يكون هناك لقاءات بين الأئمة والفاعلين والمؤسسات الإسلامي.

المداخلة الثالثة

الدكتور خالد حنفي

  1. المقدمة
    إن مَهمة الإمام اليوم أصبحت من أعقد المهام وأصعبها، إذ إن الوصول إلى المعلومة أصبح أمراً في غاية اليسر والسهولة وهذا ما يمكن أن نسميه “ظاهرة الابتذال بالكثرة”، فالندرة وصعوبة الحصول على المعلومة تعطي الشيء أهمية أكبر، وربما كان الخطيب سابقاً يمتلك القليل من المعلومات غير الموثقة إلا أن خطبته كانت تجد إقبالاً واهتماماً أكبر مما هي عليه اليوم وذلك بسبب الندرة وصعوبة الحصول على المعلومات في الشأن الديني، وإلى ذلك يشير الإمام محمد الغزالي رحمه الله بقوله: “الداعية قديماً كان ينجح في رسالته بقليل من العلم وقليل من الإخلاص أما اليوم فيحتاج إلى كثير من العلم والإخلاص”. فماذا عساه يقول عن زماننا؟؟

ولأن الانسان بطبيعته سريع الملل، فقد كسرت الشريعة الإسلامية الرتابة في الأسبوع بيوم الجمعة وفي الأشهر بشهر رمضان، وفي الليالي بليلة القدر وهكذا، وتكرار الحديث في خطب المناسبات يصادم أصل كسر الرتابة وقطع الملل المراد للشرع والمتوافق مع طبيعة الإنسان.

والموضوع على أهميته إلا أن أسلوب تقديمه وطرحه قد يُدخل الرتابة والملل إلى نفس المستمع، لذا لا بد أن يضع الإمام نفسه مكان المستمع، وقد نتج عن طريقة الطرح والتكرار الممل أن فقدت المساجد الكثير من روادها، والحقيقة أن هناك أزمة تواجه الإمام في موضوع الخُطب وليس مجرد تحديات.

كما أن الشعور بسرعة مرور الزمن جعلنا نشعر بتقارب الأحداث، وهذا ما يجعل التذكير في المناسبات حاضراً في أذهان الناس، ما يُعجّل ويُسهل في تسرب الملل إلى النفوس، فالناس لا تكاد تنسى الموضوع والخطبة التي أُلقيت في نفس المناسبة من العام الماضي حتى تطل عليهم المناسبة نفسها من جديد، وهذا ما يؤكد أيضاً ضرورة التجديد في الخطاب.

وأشدد هنا على ضرورة اغتنام المناسبات الدينية في السياق الأوروبي لأنها ترسخ الهوية وتدعم حفظ الدين واللغة على الأجيال الجديدة.

أفكار للمناقشة في عملية تجديد خطب المناسبات وإخراجها من دائرة التقليد إلى التجديد

  • تجديد الروح والإخلاص عند الإمام بكثرة الدعاء ومعاهدة القلب، إذ إن عملية التجديد لا تقتصر على الجوانب الحسية إنما تبدأ من مدخل الروح، وكما قيل: “كن مخلصاً في السر تكن فصيحاً في العلن”، فصدق الإمام والداعية وإخلاصه وتضرعه إلى الله تعالى يجعل القديم جديداً والقليل كثيراً، والتجارب العملية أكثر من أن تُحصى، كقول الإمام الحسن البصري لأحد تلاميذه حين طلب منه أن يعظه فلم يتأثر التلميذ فقال له: “إما أن في قلبك شيء أو أن في قلبي شيء” فلم يقف عند شكل الموعظة ومضمونها وإنما على حال القلب.
  • تجديد نصوص المناسبات، باختيار أحاديث صحيحة جديدة غير المتداولة على ألسنة الناس في المناسبات.
  • توليد المعاني الجديدة من الحدث أو المناسبة وتسجيل ما قيل سابقا تجنبا للتكرار ويمكن الإشارة الإجمالية إليه والتفصيل في الجديد. 
  • تمديد المعانى، حتى ولو كان المعنى في ذاته مكرراً إلا أن تمديده من خلال تعديد الإسقاطات وتنوع الأمثلة يعطيه بُعداً وجانباً جديداً مختلفاً عما ألفه الناس، مثلا إذا أردنا الحديث عن عشر ذي الحجة فنتحدث في عام عن أولادنا في عشر … وعام عن زوجاتنا.. وعام عن غير المسلمين في عشر ذي الحجة وهكذا يكون التجديد بإفراد الحديث عن شريحة خاصة من الناس.
  • اختصار الحديث عن المكرر والتركيز على معنى جديد (كالتركيز على معنى تعظيم الله تعالى عن طريق التكبير في الأيام العشر من ذي الحجة …).
  • كثرة القراءة والاطلاع من شأنه أن يوحي بالأفكار الجديدة.
  • تغيير شرائح المخاطَبين في المناسبات.
  • الانشغال بأمر التجديد وتبادل الأفكار مع الأئمة.
  • التبكير في التحضير للموضوع وعدم التأخر إلى يوم الجمعة أو المحاضرة أو قبلها بقليل.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

رابط الورشة:

https://www.facebook.com/euimams/videos/401080394667295