Posted on Leave a comment

فقه الأقليات المسلمة مع الشيخ سالم الشيخي على «قناة ق»

في لقاء متلفز على قناة (ق) الفضائية تناول فضيلة الشيخ سالم الشيخي تعريف ماهية الأقليات المسلمة وأين يعيشون؟، وتعريف (الأقليّات) كمصطلح سياسي مًتعارفٌ عليه بين دول العالم من حيث الاختلاف في الدين والعرض أو اللون أو اللغة أو الثقافة أو الجنس.

كما تناول الشيخ كيف يتعامل المسلمون في أوروبا وبلاد الغرب مع القضايا اليومية العامة والخاصّة ورأي الشريعة الإسلامية فيها، وعلاقة الأقلية المسلمة مع غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى.

وأشار الشيخ إلى كيفية اندماج المسلم في المجتمع الأوروبي بشكلٍ إيجابي بحيث لا يؤثر ذلك على انتمائه ودينه، ولا يؤثر على سلوكه وأخلاقه.

لمتابعة اللقاء يُرجى مشاهدة الفيديو ..

Posted on Leave a comment

رمضان في زمن التشبيك، والأجهزة المحمولة

كانت إدارات المساجد والمراكز الإسلامية في الديار الأوروبية، قبل عقود مضت، تنشغل بالردّ على اتصالات هاتفية أرضية لا تنقطع من مجتمعاتها المحلِّية المسلمة قبيل دخول شهر الصيام، وقبيل إتمامه، للاستفسار عن تحرِّي الهلال وبداية الشهر وانتهائه. كان المسجد أو المركز يمثِّل مركز الإرشاد الديني غالباً في العديد من المجتمعات المحلية المسلمة في أوروبا. لكنّ مركزية التلقِّي والتلقين شهدت تحوّلات جوهرية من بعد. فالجمهور الذي صار يحصل على المعلومة ذاتها عبر قنوات فضائية، ثم من خلال الشبكات ومنصّات التواصل، اقتدر تقريباً على تجاوز قسط وافر من الدور الإرشادي الوسيط للمسجد أو المركز الإسلامي في بعض المجالات، وإن تعدّدت الحالات والوقائع بطبيعة الحال ضمن المشهد المتنوّع لمسلمي أوروبا. يمكن اختبار هذا التحوّل في مسألة الفتاوى مثلاً، والدروس الإرشادية والوعظية أيضاً، التي تنفتح على خيارات متجاوزة للمكان والبيئة المحلية.

لهذا التحوّل مَظاهِرُه في العالم الإسلامي عموماً، فلا تُطلَب “الفتوى” من “علماء البلد” وحدَهم، بل يبحث بعضهم عن مُفتٍ مرغوب أو حتى عن فتوى مفضّلة، كحالِ خُطب جُمَعية ودروس وعظية يواكبها المهتمّون حسب تفضيلاتهم في الشاشات والشبكات دون اعتبار مَنشئِها المكاني تقريباً؛ ومن شأن هذا أن يضغط على البنى القِيَميّة والاختيارات الجامعة على نحو يحاكي الافتراق في أيام الصيام والفطر والأعياد تبعاً لاختلاف الأقوال والتقديرات والمعاينات والحسابات في مسائل المواقيت والأهلّة.

تسارعت التحوّلات التي تشهدها المجتمعات الإنسانية، تفاعلاً مع تطوّراتٍ كبرى في واقع الإعلام والاتصال والتشبيك والتقنيات. يتلقّى الجمهور اليوم مزيداً من المضامين من مصادر أكثر تنوّعاً، وبصفة متجاوزة للمكان كما لم يحدث من قبل، وصار الجمهور شريكاً في إنتاج المحتوى وتبادله عبر الشبكات الاجتماعية وتطبيقات التواصل. تعود هذه الحالة على المجتمعات بمكاسبَ وفُرصٍ وتفرض تحدِّيات أيضاً.

أدّت انسيابية المحتوى وتمدُّده عبر أوعية التواصل والإعلام والثقافة إلى تخطّي دور المؤسسة والمعلِّم، والمرشد والمربِّي والواعظ، وحتى الأسرة ذاتها. ومع تنامي خيارات التلقين والتلقِّي الذاتي لدى الجمهور؛ قد يستشعر الفرد فرصَته في الاستغناء عن وسطاء العلم والإرشاد والوعظ والتوجيه المباشرين في محيطه، وقد يزهد بهم أو يتعالى عليهم؛ ليلتحق بمن يراهم أجدر بالأخذ عنهم أو الانضمام إليهم بصفة غير مباشرة ينشأ معها نمط جديد من وشائج الرعاية والإلهام والتأسِّي، أو آصرة “الشيخ والمُريد”؛ نمط يقوم على الافتراق المكاني والنجومية المرئية مع التعالي على مراكز التوجيه التقليدية في مجتمعه.

تتعاظم خيارات الضخّ التواصلي؛ فعلاوة على تزاحم آلاف القنوات على الشاشة الرقمية؛ تتمدّد الشبكات بصفة هائلة شكلاً ومحتوى، وتضمّ في ذاتها تناقضاتٍ وتجاذباتٍ تستبطن التنوّع وتحفل بالاستقطابات، كما يتّضح، مثلاً، في وفرة هائلة من الإرشادات والفتاوى المتعدِّدة أو المتعارضة في كثير من المسائل، والتي يبعث بعضها على التِّيه والاضطراب بالنسبة لجمهور غير متخصِّص أو لا يملك أداة التمحيص.

كان الجمهور المسلم، أو بعضه بالأحرى، يسعى إلى المسجد القريب طلباً للإرشاد، وصار على إدارة المسجد أن تُولِي عنايةً خاصةً للوصول إلى الجمهور حيث هو، عبر ما يتوفّر لها من خيارات التواصل. تبقى وسيلة التواصل ذاتها فرصة أيضاً لتحقيق حالة مواكبة ومعايشة بين المسجد ومجتمعه المحلي، وما يتجاوزه أيضاً. فالمغزى هنا؛ أولوية الوصول إلى الجمهور بدل الاكتفاء بانتظاره.

وكما لا يصحّ بمؤسسات المجتمع ومرافقه أن تبقى على ما كانت عليه قبل عقود؛ فإنّ دور المسجد في مجتمعه يتجاوز الحضور المكاني المتمثِّل في دخول الجمهور أروقته الطاهرة. يجدُر مراعاة هذا المطلب، بالأحرى، في تواصل المسجد والمركز الإسلامي مع المجتمع عموماً على تنوّع مكوِّناته في المعتقدات والمشارب والأوساط والشرائح.

إنّ اتِّساع آفاق التلقِّي المتاحة للجمهور في المجتمع المسلم المحلي، يقتضي من الإمام والخطيب ومن القائمين على جهود الإرشاد والتعليم والتثقيف ضمن المساجد والمراكز الإسلامية في أوروبا العناية المتزايدة بالجودة والتميّز، إن أرادوا اجتذاب الجمهور وتعميم النفع في فضاء تواصلي متزاحم. ويفرض هذا، بطبيعة الحال، التزامات مضاعفة في المسؤولية عن المحتوى والأداء والتعبيرات. لا يقضي هذا بالاكتفاء بواسطة البث الشبكي للدروس المسجدية في هيئتها الأولى مثلاً، لأنّ الفرص المتاحة أوسع من هذا وأرحب، وتنويع أنماط المادة الإرشادية وقوالبها حاجةٌ يمليها الواقع التواصلي المتجدِّد. قد يتحقّق القياس الميسّر لأداء إدارة المسجد في هذا الشأن بالنظر إلى منسوب المخاطبة المجتمعية القائمة في مرافق المجتمع الأخرى وهيئاته على تنوّعها، مع تحفيز الأخذ بما يستجدّ من خبرات وفنون في هذا الباب. من الخطأ الاقتصار في هذا المقام على تطوير الأدوات التقنية وإعفاء مضامين الخطاب وكيفيات المخاطبة من التمحيص والتحسين والمعالجة الحكيمة.

قد يشقّ المسعى على إدارة المسجد إن لم تجد ما يُسعفها من الخبرات والموارد اللازمة لبعض هذا، لكنّ فرصتها المؤكدة تتمثّل في إدماج جمهورها في إنتاج المحتوى وتطويره وتبادله. إنّ ضمان تفاعل الجمهور، المباشر منه وغير المباشر، كفيل – بعون الله – بإحداث نقطة تحوّل أو قفزات نوعية في الجهود التواصلية للمسجد والمركز في زمن التشبيك والأجهزة المحمولة. إنّ “المسجد الافتراضي” – إن جاز التعبير – يتيح معايشة واقعية أيضاً؛ بما يتأتّى له من اقتدار على بلوغ أوساط لم يكن منبر المسجد ببالغها من قبل.

ومن مقوِّمات الامتياز أن تتهيّأ للمسجد شراكاتٌ وأواصر يتعاون فيها مع مساجد ومراكز وهيئات وجمعيات وتشكيلات مجتمعية من المسلمين وغير المسلمين، تلتقي على كلمة سواء، ولا شكّ أن موسم رمضان المبارك يختزن فرصاً واعدة ومتجدِّدة في هذا الحقل.

غنيّ عن البيان أنّ موسم رمضان المبارك واقع يتجلّى في الشبكات الاجتماعية وتطبيقات التواصل أيضاً، ومن شأن هذا أن يُنعِش النشاطات المسجدية التي تسعى على بصيرة إلى معايشة الشهر الفضيل في أوساط المسلمين وغيرهم. يَسَعُ المساجدَ والمراكزَ الإسلاميةَ، مثلاً، أن تُطلق مسابقات تشجِّع الجمهور على التعبير عن الرُّوح المتألِّقة والرسائل النبيلة والقيم السامية التي يجدونها في أيام رمضان ولياليه، بمضامين مبثوثة في مواقع التواصل وتطبيقاته، أو أن تحفِّز خوض تحدّي المبادرة الإيجابية كي يتنافس المتنافسون في حقل مخصوص من حقول الخير والبرّ والتواصل والتضامن.

تتحقّق المعايشة المسجدية في الزمن التواصلي الجديد بخيارات تفاعليّة غير مسبوقة أيضاً، وهذا يقتضي حسّ مبادرة وروح إبداع يختزنه جمهور المسجد؛ وهذا ممّا يجدر التنقيب عنه واستثماره على أحسن وجه.

جدير بالنظر أنّ نشاط المسجد في إحياء رمضان صار مع الفرص التواصلية المستجدة نشاطَ المجتمع وما يتجاوزه، وإغفال هذه الفرصة السانحة تحجيم للأداء وتضييقٌ لواسع.

طوى زمنُ التشبيك والأجهزة المحمولة مركزيةَ البثّ والتلقين، وأحادية الاتجاه في المخاطبة، فالواقع المستجد يضع الجمهور في مركز الحالة التي تقوم على تفاعلية متبادلة يجدر الاعتراف بها والتكيُّف معها، واستيعاب النّقد الذي يرتفع منسوبه وتشتدّ تعبيراته عبرها، ومن شأن هذا أن يحفِّز العناية بالإتقان في الحضور والأداء والتصرّف؛ في العمل المسجدي وسواه من المجالات المجتمعية. تستثمر الإدارات الحاذقة الشبكات الاجتماعية وتطبيقات التواصل في استشعار آراء جمهورها وتفضيلاته لأجل التطوير المستمرّ؛ الذي لا غنى لأي إدارة رشيدة عنه، مع السعي إلى تكييف المخاطبة بما يتحرى خصوصية بعض الفئات والشرائح والأوساط.

إنْ لم تُنجِز إدارات المساجد والمراكز تجربة التحوّل الشبكي بمقاصدها الحسنة ومواصفاتها اللائقة، مع التجديد المستمرّ في هذا المضمار المتجدِّد؛ فإنّ فرصتها وإن تأخّرت تبقى قائمة؛ إن عزمت على اللّحاق وسَعَتْ إلى الاستباق، فمزيد من الآفاق التواصلية تنفتح عاماً بعد عام، أو مع كل موسم رمضانيّ بالأحرى.

Posted on

سلم خماسي للظفر بالميدالية الذهبية

يتراءى لي أن الناس كلهم ـ أي المسلمين منهم ـ في حالة سباق وتنافس ومسارعة في رمضان ليس إلى الجنة فحسب بل إلى الظفر بالميدالية الذهبية الأولى ولعلّ ما يأتي يساعد على ذلك

أوّلا : لزوم صلاة الجماعة التي تفضل صلاة الفذّ بزهاء ثلاثين درجة كاملة والأمر هو بالتمام والكمال كمن يعرض عليه مؤجّر عملا يقبض فيه يورو واحدًا (في ساعة عمل في حين أن مؤجّرا آخر يعرض عليه العمل ذاته بسبع وعشرين يورو في الساعة الواحدة. هل يتردد هذا الأجير طرفة عين واحدة؟ طبعا لا. لأنه اشتغل على العملية اشتغالًا مقاصديا منفعيا ربحيا وذلك هو المطلوب

ثانيا : دع الناس يصومون شهرا واحدا وصم أنت شهرين بل ثلاثا وخمسا وأكثر، كيف ذلك؟ حبيب الأمة محمد عليه السلام يسّر الأمر إذ قال «من فطّر صائما كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئًا، معنى ذلك هو أن من فطّر صائما بأي صورة من صورة التفطير، لو كانت عن بعد من خلال جمعية إغاثية، فإنه يحصد أجر صيام ذلك اليوم الذي صامه ذلك الرجل الذي فطّره ولكن يحتفظ ذلك الصائم بأجره، أليس معنى ذلك أنه يمكن لكل واحد منا أن يصوم شهرين أو أكثر من ذلك بقدر ما يفطّر من صائمين وصائمات في هذا الشهر وإن كان الحديث لا يقصر على رمضان فحسب؟

ثالثًا: لا تفوتنك أغلى ساعة: ساعة السحر، لحكمة ثمينة أثنى سبحانه مرتين فحسب في كتابه العزيز على المستغفرين بالأسحار إذ قال: «والمستغفرين بالأسحار» وقال: «وبالأسحار هم يستغفرون» ذلك هو أغلى زمان إذ فيه ينزل فيه الله سبحانه إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر فأغفر له، فمن فاته أوّل الليل فلا يفوتنه سحره.

رابعًا: نبذ أكبر ناقض للصوم منذ الآن، مما ينقصنا في هذا الزمان كتب فقه ترشد القلوب وتزكي النفوس وتطهر الأرواح إذ أن الناس كلهم ينصرفون إلى كتب الفقه التي تبين الكيفيات والصور وهذا مهم ومطلوب ولكنه لا يكفي، أخبرنا عليه السلام محذّرا أن ناقضا للصيام قد يحول دون قبول صومنا وهو حالة الصرامة بين الناس إذ قال عليه السلام «تُعرض الأعمال يومي الإثنين والخميس على الله سبحانه فيغفر لكل مؤمن لا يشرك بالله شيئا إلا متشاحنين يقول لملائكته: أنظروهما حتى يصطلحا» أي أن أعمال الصيام تظل معلقة حتى يصطلح المتشاحنون وحدّه الأدنى هو إفشاء السلام وردّه ولو بحركة الإبهام التي يحيي به الناس بعضهم بعضا اليوم.

خامسا: لا مناص من التدبّر في كتاب القرآن في شهر القرآن، لا ريب أننا دُعينا إلى الصوم في رمضان بسبب أنه الشهر الذي احتضن نزول هذا الكتاب فيكون صيامنا فيه إذن تكريما لهذ الزمان الذي تشرّف بالذكر الحكيم.

يتنافس الناس سيما في رمضان على التلاوة، والحقيقة أن التلاوة ليست مقصودة لذاتها إنما قصد بها التدبر ومن ذا فإن تلاوة واحدة كاملة لهذا الكتاب العزيز متدبرة متأنية متريثة خاشعة فيها النظر والتأمل لهي أجزل أجرا وأعظم ذخرا من تلاوات كثيرة لا يظفر منها القلب بشيء.

Posted on Leave a comment

رمضان جديد، فرص جديدة

في غمرة تَلَوُّنِ الحياة وتقلُّبها وكثرة الانشغالات وتعددها، يتجدد علينا شهر الصيام عاماَ بعد عامٍ ليفتح لنا أبوابا جديدة نحو التأمل وإعادة ترتيب الأولويات، والتزود بخير الزاد لسائر الأيام وبقية الأوقات .

ولا شك أن ظروف جائحة كورونا اليوم تفرض على المسلمين تحدياتٍ جديدةً وحلولاً إبداعيةً في كيفية الاستفادة من هذا الشهر العظيم، فإذا تعذرت بعض مظاهر إحياء شعائر رمضان بسبب غلق المساجد وامتناع الاجتماع، فإن الله سبحانه وتعالى قد يسر لنا من السبل والوسائل الأخرى ما يبلّغنا به مقصد التقوى ومبلغ الهداية، وذلك من رحمة الله ومرونة التشريع.

بل إن ظروف هذا الوباء قد لفتت الانتباه إلى مجالات كانت غائبة، وقطاعات كانت مهملة في مواسم الخيرات السابقة. فالبيوت صارت معتكفاً للإيمان وإطاراً لدروس العلم وحلقات الذكر العائلية، والأبناء صار لهم النصيب الأوفر من العناية والتوجيه الرمضاني. كما أقبل الأئمة والدعاة على وصل ما انقطع من حبل التواصل بالمصلين عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغرف الاجتماع عن بعد.

وإن كانت هذه الحلول، على أهميتها، لا يمكن أن تعوضنا عن بهجة المساجد العامرة في رمضان بالذكر والصلاة والقيام، ومتعة برامج الإفطار الجماعي، فإنها من باب أداء المتاح والقيام بأقل الواجب، فما لا يُدرَكُ كلُّه لا يُترَكُ جُلُّهُ.

ونحن ننطلق اليوم من تجربة ثرية في السنة الماضية، حقّقنا فيها أقداراً مهمة من التأقلم مع ظروف الإغلاق العام، وسيطرة أجواء الجائحة.

فما هي الحلول التي تيسّر الاستفادة القصوى من شهر الصيام لهذه السنة، وبخاصة في البيئة الأوربية؟

توصيات مهمة في رمضان

  • احرص أن يكون رمضان محطة محاسبة وتقويم، وتصحيح لحياتك. سارع إلى التوبة.
  • التزم بقرارات الهيئات الدينية في بلدك في دخول رمضان وخروجه، وفتاوى الصيام، وحافظ على صلتك بمسجدك عبر البرامج التي ينظمها.
  • محنة الوباء والحجر تحمل معها منحة الاجتماع بالعائلة على الصيام والقيام والعناية بها، وتعَهُّد الأهل بالرعاية والتعليم، فلا تفرّط في هذه الفرصة.
  • احذر الإسراف في الأكل أو النوم، أو استعمال الأجهزة في رمضان. قال تعالى: «إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»
  • تفقد إخوانك وجيرانك، فلعل فيهم المهموم أو المحتاج، واعلم أن رمضان شهر المواساة.
  • إن كنت من العاملين في قطاعات الصحة أو الخدمات العامة لمواجهة الوباء، فاعلم أن جهدك في رمضان أعظم أجراً عند الله، فاغتنم واحتسب، فقد حباك الله بمكرُمتَين.
  • اعلم أن هذا الشهر المبارك ضيفٌ راحل، فأحسن ضيافته، فالعمر قصير، والزاد قليل، والعقبة كؤودٌ، فاغتنم منه، فإنه لا يعود إلى يوم القيامة.

اجعلوا بيوتكم قبلة

لا يخفى ما للأسرة من دور في رعاية الأجيال الجديدة وتربيتها، وتحقيق التوازن النفسي لأفرادها حتى يكونوا عوامل بناءٍ، وأساساً للاستقرار والنماء. وإن كان هذا الدور مهما في المجتمعات المسلمة، فهو أشد أهمية وقوة في المجتمعات الغربية، حيث ندرة المحاضن التربوية، وسطوة القيم المادية، وغياب المعاني الإسلامية من الحياة الاجتماعية والمؤسسات التربوية.

وقد اعتُبِرَ غيابُ الأسرة عن مواكبة المناسبات الدينية وإحياء الشعائر الإسلامية سِمةً بارزة في أوروبا لمدة طويلة، مما أضعف ارتباط الأجيال الجديدة بدينها واعتزازها بهويتها. لذلك لا بد من تدارك هذا الخلل، وإيلاء هذا الجانب ما يستحقه من الاهتمام. فالأسرة يجب أن تكون المجال الأول للتربية والتعليم، وتعظيم شعائر الله، والمحضن الأساسي الذي تُرَبَّى فيه الأجيال على العلم والتقوى وتحمل المسؤولية.

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ” [التحريم: 6]

وقال تعالى: “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا”

وقال أيضاً: “وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ”

وقال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: “كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ” (متفق عليه)

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” (رواه الترمذي وابن ماجه).

أفلا تهتم النفوس وتنشغل الهمم بفلذات أكبادٍ أُسْكِنت بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ مِنْ هدايةٍ وإيمانٍ، فتعمل على تزويدها بما يحصنها من جدب الروح ويرويها من العطش إلى الإيمان؟ ولله درُّ سيدنا إبراهيم عليه السلام، فقد كان شديد الخوف على ولده، شديد الحرص على رعايتهم، شديد الشوق لهدايتهم، رقيق القلب عليهم، فدعا ربه فقال:

“رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.

رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء.

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء” [سورة إبراهيم: 37-40].

ثم جعل منتهى أمله أن يكونوا في هذه الأرض الغريبة الجدباء مقيمي الصلاة، هداةً مهديّين.

في رمضان .. بيوتنا أسعد

إن أشد ما يخلد في أذهان الأطفال من رمضان ويحببهم فيه، هو العادات الجديدة وأجواء البهجة والسعادة المرتبطة بها، لذلك لا بد من توفير هذه الأجواء في البيت، وأن يكون التعليم والتوجيه في جو من الألفة والسعادة، والحرص على اجتماع جميع الأسرة على أعمال رمضان وعباداته، وذلك عبر:

  • إشراك كل أفراد الأسرة في إعداد برنامج عائلي قبل أن يُهِلَّ هلالُ رمضان، على أن يتضمن: 
  • الاجتماع على الإفطار والسحور، مع المحافظة على آدابهما وسننهما، والتعاون على الإعداد لهما.
  • المحافظة على صلاة الجماعة والقيام.
  • حلقات علم وذكر
  • برنامج ترفيهي جماعي
  • إعداد رزنامة رمضان

هذه الفكرة مستقاة من البيئة الأوربية في البيوت والمدارس، وهي مجرّبة، وأثبتت تأثيراً كبيراً وأضفت جوًّا من السعادة والتشويق والاستفادة لدى الأطفال خصوصاً. وتقوم الفكرة على اقتناء ثلاثين هدية بسيطة، وإعداد ثلاثين قصاصة تتضمن مواعظ وحكماً، وتوزع الهدايا والقصاصات على رزنامة من ثلاثين يوما، ويقوم أحد الأطفال كلّ يومٍ بفتح القصاصة وقراءتها على الجميع والحصول على الهدية. وحبذا لو يقوم الأطفال أنفسُهم بكتابة المواعظ والحكم إن كان بمقدورهم ذلك، وليس هذا بمستبعد، فقد رأينا أطفالا مولودين في بلدٍ أوربيٍّ وقد أعدوا رزنامة بمواضيعها وقصاصاتها، تثير الإعجاب.

  • مراعاة عدم إزعاج الجيران من غير المسلمين عند السحور خاصة، وإعلامهم بقرب دخول رمضان وتعهدهم بالرعاية والهدية، تأليفًا لقلوبهم، ولجعل هذه المناسبة تترافق دائما بانطباعات إيجابية لديهم.
  • الحرص على ألا يؤثر برنامج رمضان على انتظام الأطفال الدراسي وتحصيلهم العلمي. وتجنيب الأطفال دون البلوغ صيام الأيام الطويلة.
  • الاهتمام بيوم العيد عبر إعداد الزينة والهدايا، والقيام بنشاط خارجيٍّ لكل العائلة، كالذهاب إلى المسجد إن أمكن، أو تناول الغداء في مطعم أو زيارة الأهل والأقارب.

رمضان معراج النفس إلى الله

إن الاهتمام بالمناشط الجماعية والبرامج العائلية لا يمكن أن يحجب عنا الفرصة العظيمة في رمضان للرقي بالنفس وإصلاح الحال. إنّ رمضان، بالإضافة إلى كونه مناسبة اجتماعية تعمق الشعور بالانتماء والشراكة مع بقية المؤمنين في شرائع وشعائر واحدة، والإحساس بهموم المحرومين من الناس، فإنه مجال رحب لكل مسلم، يعيش فيه تجربة شخصية ربما لا يشاركه فيها أحد. لذلك فإن محطات من الخلوة وساعات من التهجد وعلاقة خاصة بالقران الكريم في هذا الشهر العظيم، تُعدُّ معياراً لحسن الاستفادة منه في تحقيق التوازن وبناء طاقة إيجابية تكون زاداً لسائر أيام السنة، وتسهم في رقيّ الفرد والمجتمع.

لذلك من المهم، إلى جانب البرنامج العائلي، أن يكون لكل فرد في الأسرة – وبخاصة الأبناء – برنامجٌ فرديٌّ يتناسب مع ظروفه والتزاماته، ويتوافق مع ميوله وحاجاته.

رمضان شهر القرآن

مع انتشار التقصير في رعاية القرآن في حياتنا، وهجره من قبل أبنائنا، صار شهر رمضان المحطة السنوية الأهمّ لترميم هذا النقصان، وتدارك هذا الهجران، ولا غرابة في ذلك، فإن الله تعالى يفتح قلوب المؤمنين في رمضان إلى القرآن الكريم، فيشتد تعلقهم به، تلاوةً وحفظاً وتأملًا وتدبراً.

ورمضان والقرآن صِنوانِ لا يفترقان في كتاب الله وحياة رسول الله صلى اللَّهَ عليه وسلم، ووجدان المسلمين على امتداد العصور.

  • ففي رمضان أنزل القرآن: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان” [البقرة: 185]
  • وفي أعظم ليلة فيه، أُنزِل إلى بيت العزة جملةً واحدةً، قال تعالى: “إنا أنزلناه في ليلة القدر” [القدر:1]. وقال تعالى: “إنا أنزلناه في ليلة مباركة” [الدخان: 3].
  • بل إن كل الكتب السماوية كلها أُنزِلت في رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: “أُنزلت صُحفُ إبراهيم أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لِسِتٍّ مضت من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآنُ لأربع وعشرين خلت من رمضان” [حسنه الألباني في صحيح الجامع].
  • والصيام والقرآن شفيعان. قال صلى الله عليه وسلم: “الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ”. (أخرجه أحمد).
  • لذلك كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. (أخرجه البُخَارِي)
  • و”كان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها”. وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليالٍ مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة” (ابن رجب/ لطائف المعارف ص 191).

وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث” (لطائف المعارف ص 191). وكان مالكٌ إذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وقال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن.

وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت. وهكذا كان حال السلف رضوان الله عليهم من الصحابة والتابعين ومن اتبع سبيلهم، يتخذون من شهر رمضان محطةً لتلاوة القرآن وتدبره وتعلم أحكامه. ورغم أنهم كانوا أشد الناس حرصاً على التعلق بكتاب الله في سائر الأيام، فإنهم كانوا أشد حرصاً وأكثر اجتهاداً في شهر رمضان، وهذا حال المسلم الحقيقي، يحذر من أن يكون ممن ذمهم الله تعالى في قوله تعالى: “وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً” [الفرقان:17].

وهِجرانُ القرآن قد يكون طوال العام أو بعضاً منه،

وقد يكون هجران تلاوةٍ أو تدبرٍ أو عمل، وقد يكون كل ذلك والعياذ بالله.

لذلك يُعتبرُ رمضان محطةً سنويةً لتجديد العهد مع القرآن، والاستزادة من مَعِينِهِ وتدارك النقص في تلاوته وتدبره والعمل به.

وحبذا لو يكون ختم القرآن في هذا الشهر عنصراً قارّاً في برنامج كل فرد في الأسرة. ومن الملاحظ أن كثيرا من الناس، وبخاصة الأطفال والشباب، يعجز عن ختم القران خلال الشهر نظراً للارتباط بالتزامات مدرسية أو مهنية، لذلك يمكن تشجيعهم على أن يبدؤوا ختمة رمضان في شعبان ليتوافق ختمه مع العشر الأواخر منه.

برنامجٌ نموذجيٌّ ليومٍ رمضانيٍّ

  •  صلاة الفجر جماعة مع الأهل، ثم تسبيح ودعاء، وتلاوة ربع حزب من القرآن.
  • صلاة الظهر جماعة، ثم تلاوة نصف حزب.
  • صلاة العصر جماعة، ثم درس يومي في الفقه أو السيرة أو غيرها.
  • تلاوة ربع حزب قبل المغرب، والحرص على الأجواء الروحية عبر تشغيل ابتهالات أو مأثورات المساء أو غيرها أثناء الإعداد للإفطار.
  • الإفطار على اللبن والتمر، ثم صلاة المغرب.
  • صلاة العشاء والتراويح جماعة، يتخلّلها ذكر وتسبيح وموعظة قصيرة.
  • تلاوة حزب قبل النوم.
  • الاستيقاظ قبل الفجر، وصلاة ركيعات.
  • السحور.
  • تجديد نية الصيام، وكثرة الدعاء والابتهال.