Posted on Leave a comment

النهي عن سب غير المسلمين.. من أعلى صور الاحترام في الاسلام

يقول الحق تبارك وتعالى {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ  كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام: 108)

مما فُطر عليه الإنسان حب نفسه، وحب كل ما تحبّه نفسه، ولا يتحمّل المرء فيها قولاً مشيناً، أو نقدا مهيناً، وتراه يتلوّن مع حبّه على أكثر من لون في اليوم الواحد، ومن هذا الحب المشروع والفطري وُلد تعصّبه لكل ما يظن أنه به يدوم الحب.

فيبدع الوسائل والأفكار والطرق، وينغرس فيه حبّها وتعصّبه لها، حتى أنه يعتبرها الحق المطلق، ولا يصبر على نقد الآخرين وملاحظاتهم. بل تنزلق به القدم إلى سبّ وشتيمة كل ما يخالفه، ويزيّن له هواه أن في ذلك انتصاره للحق، ويمارس كل صور الاستهزاء ويتعمّد استنقاص غيره، دون أن يدرك أن كل سبّ واستهزاء واستنقاص يطاله هو وما يعتقد أنه الحق.

فهذه الآية فيها من التوجيهات التربوية العظيمة، إذا توسّلنا بها، ولبسنا قيمها لقلّت أسباب الصراعات والاختلافات بين البشر.

فحب القوم والأمة من الأشياء الفطرية المغروزة فينا،  فالله سبحانه وتعالى زيّن لنا أعمالنا، وغرس حبّها في قلوبنا، ولا نُلام عليها، أما الذي نُلام عليه هو تعصّبنا الأعمى الذي يحجب عنّا الحق والحقيقة التي يمكن أن تكون بعض أجزائها في الغير.

فالنهي عن سبّ معتقدات وآلهة من لا يؤمن بالله، دليل عظمة وصدق هذا الكتاب، فسبحان من أمرنا بالعدل، ونهانا عن الحيف والعسف.

اعلم أيها المؤمن أن بسبّك المعتقدات الأخرى، هو تشريع لسبّ دينك، وفي ذلك أنت الذي اقترف الذنب والجرم!.

واعلم أنك لن تجد صورة في احترام الآخرين والمعتقدات كما صوّرها الكتاب العزيز، وهذه الآية الكريمة تنطق بهذا القبول والاحترام للآخر.

فاحذر أن تنال مما يحبّه غيرك، فذلك قسمته التي قسمها الله له، فكل واحد مجبول على حب ديانته وقومه وأمته وزمنه، وليس أعظم من قيمة الاحترام إذا أردنا سلامة القلب والعقل والعمل.