ندعو الله وتتأخر الإجابة.. فلماذا؟

الشيخ طه عامر

الشيخ طه عامر

ندعو الله وتتأخر الإجابة ….فلماذا؟

يدعو المؤمن ولا يجاب له وقد يكرر الدعاء ويطول الزمان ولا يرى أثرا للدعاء… فكيف يتعامل المؤمن مع تلك الحال؟

يجيب الإمام ابن الجوزي
(مع إضافات وتصرف منا):

أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر.
و يذكر من حكمة تأخير الله تعالى الإجابة ما يلي:

أولاً: لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك الله في محاربة العدو (الشيطان) لكفى في الحكمة.

وقد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك وللمالك التصرف بالمنع والعطاء فلا وجه للاعتراض عليه.

هو خالقنا ونحن عبيده ونعمه علينا تترى ظاهرة وباطنة.

ثانيا: قد ثبتت بالأدلة القاطعة حكمته جل وعلا، فربما رأيتَ الشيء مصلحة والحكمة لا تقتضيه، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة، فلعلَّ هذا من ذاك.

ثالثاً: قد يكون التأخير مصلحة والاستعجال مضرة.
والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

رابعا: قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك، فربما يكون في مأكولك شبهة، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة، أو تُزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنبٍ ما صدقتَ في التوبة منه.

خامسا: ربما كان في حصول مطلوبك زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة خير، فكان المنع أصلح.

سادسا: ربما كان فقْد ما فقدتَه سبباً للوقوف بالباب واللجوء إلى الله تعالى وكثرة التضرع والبكاء، فإذا حصل لك ما تريد انشغلت به عن الله جلَّت قدرته.

وإنما البلاء المحض، ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه ففيه جمالك.

ونضيف/
سابعاً: لو لم يكن من الدعاء إلا شعور المؤمن أنَّ له ربا قادراُ يقف على بابه ويدعوه فيمتلئ قلبه بالسكينة والطمأنينة والراحة والقوة….. لكفى.

ثامنا: قد ثبت بالدليل أن الله تعالى يعطي على الدعاء من خير الدنيا والآخر ودفع البلاء ما يجعل المؤمن يطمئن بالاً وخاطراً.

تاسعاً: الدعاء في ذاته مقصود وجوهر العبادات كلها (الدعاء) وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم الدُّعاءُ هو العبادةُ ثمَّ قرأ {وَقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} رواه أبو داود.

عاشرا: في انتظار الإجابة ولو طالت تحقيق معنى العبودية فيعرف المسلم نفسه بالضعف والفقر ويعرف ربه بالقدرة والغنى.

الله أجب دعاءنا وحقق رجاءنا.
وما زويتَ عنا فارزقنا يقينا في حكمتك، ورضنا بقضائك حتى لا نُحب تعجيل ما أخَّرت ولا تأخير ما عجَّلت.

لفضيلة الشيخ: طه عامر