نحو خطاب رمضاني أنسب لأوضاعنا

الشيخ الهادي بريك

الشيخ الهادي بريك

مقدّمة

ما إن يهلّ رمضان حتّى تمتلئ المساجد باللّيل والنّهار فتهفو الأفئدة إلى سماع خطيب أو واعظ بآذان واعية. هذه المناسبة الفريدة اليتيمة في كلّ عام ما ينبغي للأئمّة والمشتغلين في هذا الحقل إلاّ حسن اهتبالها. كثير من المسلمين لا يرتادون مسجدا عدا في رمضان. وكثير منهم لا يبالون بحديث خطيب أو واعظ إلاّ في ظلال رمضان. كأن الله سبحانه يسوق إلينا عباده في هذا الموسم الرّحمانيّ الأعظم وعلينا حسن سياستهم بما يثبّتهم على دينهم ويقرّبهم من ربّهم. حتّى معدّلات اعتناق الإسلام لا ترتفع عدا في هذا الموسم. وهل يملك الخطباء والأئمّة عدا الخطاب؟ أليس بالكلمة وحدها انتقلت شعوب وأمم من الظّلمات إلى النّور. هنا يتميّز الخطيب الماهر والواعظ الباهر. هذا سوق الخطاب الإسلاميّ بامتياز شديد. كيف ننتقي من ركام مثل الجبال من العلوم الدّينية والمعارف الإسلامية ما به يتجدّد التّديّن في قلوب النّاس. كيف نتكافل على صناعة رواحل عدول بالتّعبير النّبويّ وليس ببّغاوات يحسنون التّقليد الأعمى. كيف نتعاون على جعل النّاس في إثر حبر الأمّة (إبن عبّاس) الذي قال أنّ ما أوتيه من علم كان بلسان سؤول وفؤاد عقول. كيف يكون للمسلمة في خطابنا حظّ يجعل منها مسلمة اليوم. ومثلها الشّابّ. بل الشّاب الأوربي. والفتاة الأوروبية. كيف نجعل الإسلام لدى هؤلاء جميعا دينا مفهوما قريبا منهم. كيف نصنع من أولئك دعاة وليس عبئا. كلّ ذلك لا يكون إلاّ بمنهاج يؤطّر شرعة. أو بميزان يكفل كتابا. أو بحكمة تغذّي علما. ملء الرّؤوس بالعلم أمر يسير. ولكنّه لا يصنع رجالا ونساء إيجابيين جامعين بين العلم الشّرعيّ والموقف الشّرعيّ. فيما يأتي من كلمات أحاول تلمّس معالم خطاب رمضانيّ أنسب لزماننا ومكاننا

تلازم الحكم مع الحكمة

يجدر بالإمام ذكر الحكمة من كلّ حكم يعرض له في حديثه. إلاّ أن يكون ذلك في حقل عقديّ أو تعبّديّ محض. حتّى هذه يمكن استخلاص الحكمة البالغة منها جملة لا تفصيلا. لماذا نصوم؟ يتعرّض صائمون كثيرون اليوم وصائمات في أوربا إلى همز ولمز من زملائهم بسبب صيامهم. وكثير منهم لا يجد ما ينبس به. هذا موقف سلبيّ. ليس مطلوبا منك اليوم في أوروبا الثّبات على دينك فحسب. بل مطلوب منك أن تسوق بعلم وحكمة ما به يهدي الله سبحانه من شاء إليه. قال سبحانه (لعلّكم تتّقون). وقال كذلك (ولعلّكم تشكرون). كيف ذلك؟ يحتاج إلى تفصيل. ولكنّه في الأثناء ذكر حكما أخرى عظمى منها: اليسر (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). ولماذا نصوم شهرا قمريا لا شمسيا؟ ولماذا لا تصوم الحائض والنّفساء؟ ومثلها المسافر والمريض؟

ولماذا نصوم نهارا وليس ليلا؟ هذه الأسئلة لم تكن تقضّ مضاجع الأسلاف. ولكنّها اليوم تتردّد على ألسنة النّاس كثيرا. وهذا تطوّر مهمّ. وقد أعدّت له الشّريعة ما يناسبه. كيف تريد من أوروبيّ أن يهتدي على يديك وأنت أعجز من أن تسوق له حكمة واحدة من حكم صومك أو صلاتك أو طوافك أو إيمانك أو انتهائك عن هذا أو إقبالك على ذاك؟ ليس هذا ترفا. كلاّ. بل هو ثوب الدّعوة القشيب ورداؤها الحريريّ الجميل

الإفتاء دوما بالأيسر وليس بالأحوط

أكثر النّاس إبلاء بالإفتاء هم الأئمة المباشرون. خاصّة خطباء الجمعة. يعسر جدّا اليوم أن تكون إماما خطيبا ـ سيما في أوروبا ـ دون أن تتزوّد بحدود قصوى من الفقه. النّاس لا يميّزون بين واعظ وخطيب وعالم وفقيه وحافظ. كلّ من يتقدّم الصّفوف في المساجد هو عالم يستفتى عندهم. ومازال فقه التّيسير فينا خاضعا لما لا يسرّ. عند أكثرنا يجب تجنّبه لأنّه يوقع صورة الإمام في عيون النّاس من عليائها إلى أسفل سافلين. أو يجرئ النّاس على الدّين. محاذير الحياة لا نهاية لها. عبادة الصّيام بصفة خاصّة أحاطها القرآن الكريم بكلّ وجوه اليسر. لم يكن هذا أبدا البتّة في غيرها في الكتاب كلّه. واقعنا لا يناسبه الأحوط بل الأيسر. بل هي سنّة حتّى في واقعه هو عليه السّلام. ألم ينقل عنه الأصحاب أنّه ما خيّر بين أمرين إلاّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثما. حتّى لو ثبتت رواية (أوسطهما) فإنّ الوسطية هي اليسر. واليسر لا يكون إلاّ وسطيّ الهوى. هذا المسلم الجديد لا يجدي معه عدا التّيسير. ماذا لو حرصنا على رواية الحديث المتّفق عليه في شأن الرّجل الذي وقع على امرأته في رمضان. وكيف أفتاه عليه السّلام وكيف أمّن له هو بنفسه الكفّارة. وكيف ضحك حتى بدت نواجذه إذ آلت الكفّارة إلى بطن الرّجل؟ بعضنا يتجنّب ذكرها وهي من المتّفق عليه. لماذا؟ لأنّه يخشى على صورته في عيون النّاس. لو نتقدم قليلا على هذا الدّرب المحبط لأفضى بنا إلى أنّه عليه السّلام ما كان ينبغي له أن يكون بهذه المرونة واليسر. من هنا تنشأ النّطفة الأولى للغلوّ الملعون

كلّ المذاهب لنا مذهب في أوروبا

معلوم أنّ المقلّد لا مذهب له. وأنّ مذهبه هو مذهب من يفتيه. ومعلوم أنّ المذاهب غير محصورة بعدد محدّد. حتّى لو قلت أنّها ثمانية بها تتعبّد الأمّة اليوم ربّها سبحانه فإنّ الاجتهادات المندرسة من زمن الصّحابة ومن بعدهم حتّى أيّامنا هذه لا يأتي عليها عدّ ولا حصر. لا محلّ هنا للقول بإنّ الانتقاء من المذاهب والاجتهادات أمر غير محمود. هو كذلك عندما يكون للتّشهّي وإتّباع الأهواء. المفتي النّاجح هو من يلتقط الرّأي الأنسب للواقعة يغشاها زمانها ومكانها وحالها وعرفها. كشأن القبلة التي جازت للشّيخ ولم تجز للشّابّ. وشأن توبة القاتل التي جازت لقاتل ولم تجز لمقدم على القتل. تلك هي الشّريعة التي تريد توفير العلاج وليس محاسبة النّاس. لو أفتيت النّاس على مذهب الإمام مالك في أوروبا فإنّه عليك إفتاءهم بكراهة صيام الأيّام السّت من شوّال. كلّ المذاهب ما علمنا منها وما لم نعلم إنّما هي صيدلية عظمى كبرى تختزن ما لا يعدّ ولا يحصى من الأدوية والمراهم. ولكنّ الصّيدليّ الماهر هو الذي يختار الأنسب منها لتلك الحالة بذاتها. كلّه فقه مستنبط من شريعة واحدة. ليس هناك داء ينخر أمّتنا مثل داء التعصّب لمذهب ما أو تيّار ما أو حزب ما أو حتّى صحابيّ ما. وربّ قول مهجور متروك مغمور يصلح أن يكون علاجا لعارضة جديدة أو قديمة جدّت في أوروبا

مذهب البخاريّ أولى بنا هنا

نقل أهل العلم أنّ مذهب الإمام البخاريّ (وهو محدّث فقيه في الآن ذاته) يقوم في مفطّرات الصّائم على أسّ أنّ الفطر ممّا يدخل وليس ممّا يخرج. وأنّ ما يدخل نفسه لا يفطر حتّى يكون غذاء معتادا للنّاس ويكون دخوله من المنفذ المعتاد. وهو هنا يقترب من المنهج المالكيّ الذي يعتدّ كثيرا بالعرف والمعروف والعادة. قد يكون الصّائم مشتغلا في مصانع أغذية ويكون طيلة يومه مغمورا بريح الأكل وربّما رذاذه. وقد يكون المريض يتناول حقنا عن طريق الأوردة. أو مريضا بالرّبو فيحتاج في كلّ ساعة تقريبا إلى ترطيب حلقه بذلك البخار المعروف. وقد يتناول حقنا في دبره أو قطرات في عينيه أو أنفه أو أذنيه. ومن قاء غلبة ورجع بعضه إلى جوفه بأيّ حقّ نحكم عليه بالفطر. وهل هناك من يقيء اختيارا. الله أعلم. وأحوال أخرى كثيرة تجعل من الإمام ييسّر على النّاس بمذهب الإمام البخاريّ

صرف النّاس عن الجدل العقيم حول دخول الشّهر

قد نختلف في هذا العام كذلك كما كان شأننا دوما في تحديد دخول رمضان أو شوّال. الأفضل عندي أن يتولّى الإمام شرح الوسائل الثّلاث التي جعلها عليه السّلام لتحديد دخول أيّ شهر قمريّ. كلّها في أحاديث صحيحة. وبعضها في حديث واحد حتّى لو اختلفت رواياته أو طرقه. نحن نعلم سبب المشكلة التي فرّقت الأمة ومازالت عقودا طويلة. ليس لها أيّ سبب دينيّ. كيف يفرّق الدّين النّاس؟ لم لا نعود إلى ما كتب الشّيخ المدني قبل عقود في هذا الشّأن. وغيره من أساطين العلم. كثير منّا يستحي أن يعلن الحديث نفسه للنّاس. يخشى أن يوصم أنّه ضدّ الرّؤية. وضدّ السنّة. من تأخذه هنا لومة أيّ لائم فيقدّم خشية النّاس على خشية ربّ النّاس ليس جديرا بالإمامة. فمن لم يستطع جرأة أو علما أن يشرح للنّاس أصل المسألة من الدّين والحديث فلا يعفى من مسؤولية صرف النّاس عن كلّ جدل عقيم لا يزيد الصّف إلاّ تمزّقا. ومثل ذلك حول زكاة الفطر تقديما وتأخيرا أو عينا أو نقدا. ولكنّ لا مناص من بيان الحكمة من كلّ ذلك حتّى تبرز للنّاس عظمة هذا الدّين وجانبه العمليّ المعقول. بعض المسلمين مازالوا يعدّون الدّين عقوبات إلهية حلّت بهم. لماذا؟ لأنّهم لا يدركون الحكمة من هذا التّكليف أو ذاك النّهي

كلّ الإمساكيات مشروعة

في كلّ رمضان جديد لا بدّ أن يرد على الإمام هذا السّؤال: نحن في مدينة واحدة وللفلانيين إمساكيتهم وللآخرين إمساكيتهم. والفارق بينهما سيما في تحديد الإمساك زمن السّحر يصل إلى نصف ساعة وأكثر وأقلّ. ليس كلّ من يسأل يريد أن يعلم. بعضهم رسالته هي أنّ الإمام عاجز أو جبان. وبعضهم رسالته أنّ الفلانيين ناقصو إسلام أو دين. الرّأي عندي أن نتوافق على أنّ كلّ إمساكية صنعها مسلمون هي إمساكية صحيحة مهما كان الفارق في التّأقيت. هذا أدعى إلى تجنّب جدل عقيم قد يكرّ على الصّيام نفسه بالبطلان وأدعى إلى صفّ مرصوص في رمضان على الأقلّ. من يتقدّم خطوة أخرى عليه أن يشرح للنّاس الأسباب الكونية لذلك الاختلاف. ومن هنا يملأ العقول بقضية التّقدير التي لا مناص منها وهي تظلّ ظنّية. وبذلك يصنع الإمام عقولا واعية وليس رعايا تابعة

إنصاف المرأة

صحيح أنّ الخلاف معروف حول مسّ الحائض والنّفساء للمصحف. ولكن هل هو خلاف معتبر. وما هي مواصفات الخلاف المعتبر الذي تمكن مراعاته؟ ولكنّ القوادح التي تصرفك إلى اعتبار هذا العمل جائزا لا شكّ فيه أكثر من الأخرى. استمع إن شئت إلى فقيه من أكبر فقهاء اللّغة في عصرنا وهو يتحدّث عن آية سورة الواقعة التي يستند إليها المحرّمون لهذا الأمر. هو الدّكتور صالح السّامرّائي. أظنّ أنّ هذا الإتّجاه أولى وأنسب. فيه التّيسير وفيه التّبشير وفيه الأخذ برأي معتبر عليه عدد من الأقدمين والمعاصرين. لماذا أستحي من ذكر حكم غريب عند النّاس؟ ألست أخشى النّاس؟. المصحف اليوم وعاء من أوعية كثيرة تحوي القرآن الكريم. وما حكم مسّ الهاتف النّقال الذي يبدو أنّه في طريقه حثيثا إلى إستبعاد المصحف؟ وما حكم الأقراص المضغوطة؟ بأيّ حقّ أحرم المسلمة من الإتّصال مع ربّها من خلال كتابه أسبوعا كاملا بل أكثر وخاصّة في شهر القرآن الكريم؟ لو قام الإمام برسم آية سورة الواقعة على سبّورة وشرح أحكامها اللّغوية للنّاس لأفاد النّاس علما وفقها بلسانهم أوّلا. حتّى لو لم يأخذوا بإباحة هذا المسّ فإنّهم يقتربون من علم أصول الفقه وكيف تستنبط الأحكام

خطاب التّكافل

لم فرض الإسلام زكاة الفطر في رمضان؟ ليس سوى لجمع قيمة الصّيام ذات البعد الفرديّ الشّخصيّ مع قيمة التّكافل ذات البعد الاجتماعي. ولو حبّب الإمام إلى النّاس فريضة التّكافل وذكر لهم الحديث الصّحيح أنّ من فطّر صائما كان له مثل أجره عدا أنّه لا ينقص من أجر الصّائم شيء لحقنهم بما يحبّه الله. أي إحياء فريضة التّكافل. أكثر خطابنا يشيّد علاقة طيّبة مع الله ولكنّه لا يفعل مثل ذلك مع النّاس. ليت شعري أيّ عبادة تقبل أو تصحّ إذا كانت عمودية الاتجاه فحسب. أليس الله يحبّ منّا أكثرنا عونا لعباده. ماذا لو قصّ الإمام مرّات قصّة حبر الأمّة وهو يقطع اعتكافه في مسجده عليه السّلام ليسعى في قضاء حاجة رجل لا يعرفه؟ بعضنا لا يفعل ذلك لأنّه يعتقد ـ وهو محقّ في هذا ـ أنّ النّاس لا يصدّقون هذا. يقطع اعتكافه في مسجد رسول الله عليه السّلام وهو حبر الأمّة في رمضان والعشر الأواخر وقد تكون تلك هي ليلة القدر لأجل قضاء حاجة مدين؟ هذا غير مقبول في المخيال الشّعبيّ الإسلاميّ. ولكن أظنّ أنّ العلاج بالصّدمات الخفيفة مفيد في بعض الأحيان

لزوم التّحوّط في صيام الطّفل أولى

هذا مثل من أمثلة الجمع بين العلم الشّرعيّ والموقف الشّرعيّ. العلم الشّرعيّ لا يعترض على تعويد الطّفل على الصّيام بساعات أو أيّام قدر ما يطيق. ولكنّ الموقف الشّرعيّ في أوربا يختلف. ذلك أنّ كثيرا من أعداء الإسلام من المعلّمين والمعلّمات في أوروبا ينتظرون شهر رمضان بفارغ الصّبر لشنّ حملة على المسلمين الذين يكرهون أبناءهم ـ بزعمهم ـ على الصّيام كما يكرهون فتياتهم على الاختمار. الطّفل ليس مكلّفا أصلا بالصّيام. وعندما يذهب إلى المدرسة صائما قد يعتريه ضعف أو خمول فيلتقط المعلّم ذلك ليشنّ على الإسلام الذي يشنّ من خطاب الكراهية. ويجد الطّفل نفسه في موقف محرج جدّا فهو لا يعرف من الصّيام لا حكمة ولا شيئا. الرّأي عندي ألاّ نعرّض أبناءنا وبناتنا لمثل هذه المواقف السّيئة. دعهم في رمضان بصفة خاصّة أنشط التّلاميذ وأكثرهم حضورا ذهنيا. وربّما يتدرّبون في أيّام العطلة سواء كانت عطلة آخر الأسبوع أو أيّ عطلة أخرى. هي موازنة بين مصلحة ومفسدة. الأخذ بالأحوط هنا أولى عندي

سنّة استضافة غير المسلمين

سنّة حسنة دأبت عليها مساجد كثيرة في أوروبا وهي سنّة استضافة غير المسلمين في أثناء رمضان في المسجد سواء كانوا إطارات سياسية رسمية أو رجال دين أو جيرانا للمسجد أو غيرهم. هذه سنّة حميدة بكلّ معاني الحمد. الأوروبيون بصفة عامّة يحبّون الاستضافة. صحيح أنّ كثيرا من الكلام هو من باب (البروتوكولات) والمراسيم التي يلزمها هنا كلّ طرف. ولكن المجاملة في ديننا مطلوبة. استضاف عليه السّلام في بيته عديّا ابن حاتم الطّائيّ إكراما لقيمة السّخاء التي كان عليها أبوه. وحديث (بئس أخو العشيرة) معروف وصحيح. غرضنا هو فتح ثقب في جدران الصدّ التي بيننا وبينهم. الدّعوة إلى الإسلام اليوم لا تكون إلاّ بمثل هذا. تهاديا وتهاني وتعازي وإضافات ومجاملات. كثيرون منهم يصدّقون الإعلام الفاجر. دعوهم يرون بأمّ أعينهم عباداتنا ومساجدنا. دعنا نتحدّث عن أنفسنا بأنفسنا شهرا واحدا وخصمنا يتحدّث عنّا إليهم ليل نهار صباح مساء. لنكن مرنين مع امرأة سافرة تدخل مساجدنا. ما الذي حملها أصلا إلينا؟ عندها ما يغنيها عنّا. ما جعلها تأتي إلينا إلاّ لأنّ غاشية إيمان بدأت تدقّ على قلبها. كيف نفرض عليها شيئا لم يفرضه الله عليها؟ الله أوجب الخمار على المسلمة. ولم يوجبه على غير المسلمة. غير المسلمة أوجب عليها الإيمان أوّلا. عندما نكون ممتقعين حيالها مكفهرّي المحيّا فإنّ الرّسالة واضحة: غير مرغوب فيك. من الخاسر؟ نحن وهي سواء بسواء. نحن خسرنا امرأة أوروبية يمكن أن تكون داعية في قومها بلسانهم. وهي خسرت كذلك. نستقبل سياسيا قد يكون من أكبر المخطّطين لنسف مسجدنا. ولا نستقبل امرأة سافرة؟ وقد تكون ترنو إلى الله؟ أيّ الذّنبين أعظم. أليس إرادة نسف الإسلام؟

للشيخ: الهادي بريك