أيّ أيامك أجمل يا محمد؟ (1)

الشيخ الهادي بريك

الشيخ الهادي بريك

(خواطر إيمانية في حب خير البرية)

((( 1 ))) أيام التعظيم والتكريم

أيّ أيامك أجمل يا محمد؟

أيوم خلع عليك ربك أجمل حلّة وأقشب رداء فقال فيك : (وإنك لعلى خلق عظيم)؟

 هكذا بكلّ أدوات التأكيد البيانية والمعنوية، لم يرض الخُلُق العظيم أن يتسربل بك سربالاً، أو أن يكون لك نطاقاً، لا.. فذلك لا يشفي غليله، ما أرضاه إلاّ أن تستوي فوق عرشه الكريم. كما يستوي الملك المظفّر فوق عرشه. فلا ينازعه فيه أحد.

 هكذا نكّر الخلق ليشمل كلّ خُلُق طيب عظيم كريم، لم يتردّد الوحي أن يجلسك هذا المجلس العالي إذ جاء ذلك في الأيام الأولى من بعثتك نبياً هادياً مهدياً. 

خلقك مع ربك عظيم، وخلقك مع نفسك عظيم، وخلقك مع الناس كلّهم عظيم، أنّى لي أن أتصور أنّ العظيم سبحانه أجلس محمداً عليه الصلاة والسلام على عرش الخُلُق العظيم، ميدالية أغلى من الذهب، وأطيب من المسك، لم ينلها أحد قبلك ولا أحد بعدك، هنيئاً لك وهنيئاً للإنسان بك.

أيّ أيامك أجمل يا محمد؟

أم يوم أخبرك أنه يصلّي عليك سبحانه وملائكته معه صلاةً ويسلّمون تسليماً؟ 

آالله في علياء عليائه يصلّي عليك؟! والملائكة؟ كم عددهم؟ الله أعلم بجنوده. كلّهم يصلّون عليك بصيغة الاستمرار بقاءاً ومضاءاً واطراداً لا يتخلّف.

 الصلاة دعاء، ودعاء الله قضاء. قضى عليك. بل لك بالخير كلّه، بل إنّ الكون كلّه الحياة والوجود في حركة صلاة وتسبيح إذ قال: (هو الذي يصلّي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور) أي أنّ الله نفسه سبحانه وملائكته يصلّون على المؤمنين، والمؤمنون يصلون على محمد عليه الصلاة والسلام، ألا ترى أن الكون كله وهو في حالة حركة يصلي؟ ألا ما أكفر الإنسان وهو يكفر والكون كله في حالة ضراعة.

أيّ أيامك أجمل يا محمد؟

أم يوم أسري بك وعرج من مهجعك بمكة إلى القدس الشريف. ثمّ إلى أعلى نقطة في الوجود، وآخر لبنة في الكون؟

 براقٌ يخترق بك الحجب بأسرع من سرعة الضوء ليصل بك إلى سدرة المنتهى، حيث المنتهى وحيث جنة المأوى، مكانٌ أعلى في الكون لم يصل إليه جبريل (أمين الوحي) نفسه، إذ تأخر في مكان ما وتقدمت يا محمد صلى الله عليك وسلم. 

أبعد هذا التكريم تكريم؟ أبعد هذا التجليل تجليل؟ أبعد هذا التجميل تجميل؟ كلاّ.. هناك حيث يأنس العابد بالمعبود، هناك حيث يكرم الضيف ويبجل ويقدم. 

هناك حيث رأيت الذي رأيت. رأيت من آيات ربك الكبرى. ما الذي رأيت يا محمد؟ لم ما زاغ منك البصر وما طغى؟ هل رأيت ربك يا محمد؟ نور أنّى تراه كما أخبرت السائلين.

 هي رحلة التكريم، جائزة تشجيعية على سعيك صبراً وشكراً في المرحلة المكية ملؤها العذاب والتهجير والنفي والقتل والقهر والسحق والمقت. هي محطة تأهيلية لمرحلة مدنية أخرى فيها الكيد الإسرائيليّ. وفيها المكر العربيّ. وفيها الزحف الروميّ. المقاوم يحتاج إلى ساعة أُنس وجائرة تشجيع.