مكتوبات خمس تقيم أود الحياة

الكتب لغةً: الترسيخ والتثبيت ولذلك سمّى الله كتابه كتابا حتى لمّا لم يكن كتابا أي منظوما في كتاب واحد في زمن النبوة وما بعدها بقليل، ما يعبر عنه بالكتب والكتاب لا يكون إلا عهدا موثوقا أو ميثاقا غليظا لا ينقضه إلا فاسق.

ومن ذلك أنه سبحانه أخبرنا أن خمس مكتوبات في الإسلام كتبها علينا كتبا فهي لحمة العهد وسدى العبودية، هي الصلاة التي قال فيها سبحانه: «إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا» وهي الصيام الذي قال فيه سبحانه «كتب عليكم الصيام» وهي القصاص الذي قال فيه سبحانه «كتب عليكم القصاص» وهي القتال الذي قال فيه سبحانه «كتب عليكم القتال» وهي الوصية التي قال فيها سبحانه «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين».

فما كتب كتبا فهو عهد غليظ لا ينقض، المكتوبات الخمس المذكورة لا تقوم الحياة إلا بها فلا قيام لحياة الإنسان إلا بحالة تواصل مع الله سبحانه ذكرا، وصلاة ليستمد المدد ويتغذى فؤاده، ويتأهل في كل حين لمعركة الحياة ولا قيام لها كذلك إلا بحالة صيام وهو بالتعبير النبوي: جنّة تقي الإنسان المصارع والآفات ووجاء يمتص وطأة الغريزة الجنسية، بل شبه الصائم بحامل صرة مسك يفوح شذاها ويملأ عبقها الأرض.

ولا ريب في أن الصيام مضاد حيوي يفترس السموم في البدن ويقوي جهازه المناعي الداخلي ويجعل نفسه أبيّة في غير كبر، ولا قيام للحياة كذلك إلا بنظام قضائي يقتص للمظلوم من الظالم وهو النظام الذي اهتدت إليه العرب في جاهليتهم إذ قالوا: القتل أنفى للقتل، فإذا اقتص من القاتل انزجر القاتل القابل.

ونظام القصاص حياة كما أخبر سبحانه وهو يعكس اهتمام الإسلام بالحياة الإنسانية ولا قيام للحياة كذلك إلا بالقتال الذي مقصده تحرير الإنسان من العدوان، فهو قتال مفروض وليس هو قتل عدواني وهو أمر قررته العقول وإنما جاء الدين يؤسسه على قيم القسط ونبذ العدوان.

كما لا تقوم الحياة إلا بأن يدخر الإنسان قبل موته لآجلته شيئا من ماله وصية لمحتاج، لا قيام للحياة إذن إلا بتلك المكتوبات التي تجعل من الإنسان إنسانا حليما رشيدا حازما يحفظ الحياة ويربط نفسه بمالكها الحق وليس سبعا أعجم أبكم يفترس الطريدة بلا رحمة ولا شفقة، مكتوبات خمس الصيام أحدها.

المقالات المنشورة بالموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس الأوروبي للأئمة