لماذا نصوم؟ .. حول فلسفة الصيام في الإسلام | د. خالد حنفي

لماذا نصوم؟

سلسلة مقالات موجزة حول فلسفة الصيام في الإسلام … للدكتور خالد حنفي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام حضارة المسلمين وبعد ،،

 فهذه سلسلة مقالات تجيب على سؤالٍ يُطرح اليوم بقوة في الشرق والغرب، من المسلمين وغير المسلمين كلما دخل شهر رمضان وهو: لماذا نصوم، وهل للصوم حكمة معقولة المعنى، أم هو ضرب من التعذيب لا يناسب الإله الرحيم بعباده؟

ولا تهدف تلك المقالات الوجيزة إلى استقراء تلك الحِكَم والتعليلات للصيام، وإنما تُقدِّم بياناً لصحة وإمكانية هذا التعليل، وتُؤكد على أن الشارع الحكيم لم يُنص عليها؛ لتبقى متجددة متمددة بتجدد العصور والأزمنة ونظر المفكرين والعلماء، ولئن نَسَأ الله في الأجل سأكمل تلك المقاصد التي أوصلتها إلى عشرين مقصداً أو يزيد إلى الآن.

وتقرير المبدأ وهو تعليل العبادة ومعرفة مقصدها أهم عندي من الاستقراء والإكمال كما قال القرافي في ” الفروق “: (1/ 121): (وما لا أعرفه، وعجزت قدرتي عنه، فحظي منه معرفة إشكاله، فإن معرفة الإشكال علم في نفسه، وفتح من الله تعالى) ا. هـ.

وأود هنا التأكيد على أمرين مهمين: الأول: أن الامتثال للتكليف بالصيام لا يجوز شرعاً أو عقلاً أن يتأخر حتى تُكشف العلة ويتضح المقصد، أو أن يعلق الامتثال والتعبد على معرفته وظهوره، وإنما يجب الامتثال والطاعة ثم يأتي التعليل والتقصيد ليطمئن المسلم ويزداد امتثالاً وانقياداً وتسليماً، ويتفتح عقل غير المسلم لقبول التشريع واليقين بعدم تصادمه مع العقل أو الواقع. وتعليق الامتثال على الاقتناع بصحة التشريع يتناقض مع معنى ومفهوم العبودية، بل حقيقة الإسلام وهي الاستسلام لرب العالمين..

الثاني: أننا اليوم بحاجة ماسة إلى إعادة تقديم الإسلام وأحكامه التشريعية وفق منهج فلسفي مقاصدي تعليلي، وأن افتراض سؤال حول أى قضية في الإسلام بأداة الاستفهام: لماذا؟ وإيجاد جواب له هو عين روح التشريع، ومقتضى آيات التنزيل والسنة النبوية.

وقد كان السبب الذي دفع ولى الله الدهلوي لتصنيف كتابه الشهير الذي اعتني ببيان حِكم وأسرار التكليفات الشرعية )حجة الله البالغة( أنه: لاحَظَ أن العالم الإسلامي مقبلٌ على تطور جديد، وأنه سوف يستقبل عصراً يقوم بناؤه على العقل وما يكتسبه من علم، وأنه سوف يواجه ثورة فكرية عارمة، ولابد من إيضاح الفكرة الإسلامية وجلائها، وبيان أسرار الدين وحكمه، وأصول التشريع الإسلامي وأسسه في تنظيم الحياة والمجتمع. رغم أن الدهلوي رحمه الله تعالى توفي سنة 1176هـ = 1762م فماذا يمكن أن يُقال عن زماننا وعصرنا الذي كثرت فيه الشبهات والتشكيكات في الثوابت والقطعيات؟ لا شك أن التوجه إلى التقصيد والتعليل وبيان العلة والحكمة من التكليفات الشرعية هو واجب الوقت.

وقد سرني أن تُرجمت هذه المقالات إلى عدة لغات مما يعني تشوف القاريء المسلم إلى هذا السلوب التعليلي في تناول الأحكام.

أدعو الله تعالى أن يكتب القبول والنفع لهذا العمل، وأن يمدني بقوة من عنده لإكماله والولوج إلى غيره من القضايا والموضوعات قياماً بواجب البلاغ المبين لهذا الدين الذي شرفنا الله بالانتساب إليه دين الإسلام. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

لتحميل السلسلة PDF اضغط على كلمة تنزيل

المقالات المنشورة بالموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس الأوروبي للأئمة