رؤية الله سبحانه وتعالى ورؤية النبي ﷺ في الدنيا والآخرة

أحمد محمود عمورة

أحمد محمود عمورة

*”في الدنيا، هل نرى ربنا سبحانه وتعالى، ونبينا ﷺ، واليوم الآخر ومصيرنا؟!”*

النفس متشوقة إلى *”ما فوق المعرفة”* إلى *”الرؤية”* إلى الارتقاء من المعرفة إلى العِرفان، من عِلم اليقين إلى عين اليقين، فهي متشوقة لرؤية ربها تعالى ونبيها ﷺ واليوم الآخر ومصيرها، ولذلك جاء الإسلام *بما يروي عطش الفِطرة في الدنيا توطئة للارتواء الأعظم في الآخرة*، ومن ذلك:

–  *رؤية الرب تعالى* في “مقام الإحسان” (كأنّك تراه) متفق عليه، ورؤية كمالات الله بأسمائه الحُسنى وإحسانه ورؤية كلماته وملكوته سبحانه. وأما في الآخرة فقال تعالى ﴿وُجوهٌ يَومَئِذٍ ناضِرَةٌ ۝ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾.

– *ورؤية النبي ﷺ* رواية ورؤيا، رواية بما ثبت من أوصافه وسيرته وسنته ورسالته ﷺ، ورؤيا بما ورد في الحديث: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة – أو كأنما رآني في اليقظة، لا يتمثّل الشيطان بي) متفق عليه، وأما يوم القيامة فالمؤمن يرى نبيه ﷺ عند الحوض والميزان والصراط وعند مرافقته في الجنة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سألتُ رسولَ اللهِ ﷺ أن يشفعَ لي يومَ القيامةِ، فقال: أنا فاعلٌ إن شاء اللهُ تعالَى. قلتُ: فأين أطلُبُك قال: أوَّلَ ما تطلُبُني على الصِّراطِ. قلتُ: فإن لم ألْقَك على الصِّراطِ. قال: فاطلُبْني عند الميزانِ. قلتُ: فإن لم ألْقَك عند الميزانِ قال: فاطلُبْني عند الحوْضِ، فإنِّي لا أُخطِئُ هذه الثَّلاثَ مواطنَ) الترمذي وصححه الألباني.

– *ورؤية الآخرة*: قال رسول الله ﷺ: من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين فليقرأ: إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني في السلسلة وصحيح الجامع. وأما في الآخرة، فقال تعالى: ﴿فَبَصَرُكَ اليَومَ حَديدٌ﴾.

– *ورؤية المصير*: فهناك المبشّرون بالجنة، وهناك من صفاتهم كصفات أهل الجنّة، وجعل الله المحبة بريدَ المصير فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: “أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا)؟

قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﷺ.

فَقَالَ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) .

قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) متفق عليه.

وقال ﷺ: (ألا أُخْبِرُكُمْ بِرِجَالِكُمْ مِن أهلِ الجنةِ؟ النبيُّ في الجنةِ، والصدّيقُ في الجنةِ، والشهيَدُ في الجنةِ، والمولَوْدُ في الجنةِ، والرجلُ يزورُ أخاهُ في ناحيةِ المِصْرِ لا يزورُهُ إلَّا للهِ عزَّ وجلَّ، ونِساؤُكُمْ من أهلِ الجنةِ الوَدُودُ الوَلودُ العؤودُ على زوجِها، التي إذا غَضِبَ جاءتْ حتى تَضَعَ يَدَها في يَدِ زَوْجِها، وتقولُ: لا أَذُوقُ غَمْضًا حتى تَرْضَى).

وقال ﷺ: (أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْ مَلَأَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ خَيْرًا، وَهُوَ يَسْمَعُ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنْ مَلَأَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ شَرًّا، وَهُوَ يَسْمَعُ). رواه ابن ماجه.

بل بعض الأرواح تدخل الجنة قبل يوم القيامة فيصيبها بعض نعيمها، كرامة منه سبحانه وتعالى.

يقول النبي ﷺ: (إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ) رواه مالك في الموطأ وصححه ابن عبد البر في “الاستذكار”، ونسمة المؤمن: روحه، ويعلَقُ: أي يأكل.

يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه “حادي الأرواح”: “وهذا صريح في دخول الروح الجنة قبل يوم القيامة”.

والمؤمن تبشّره الملائكة عند الاحتضار ويرى مقعده من الجنة في قبره ويوم القيامة هو أعرف بمنزله في الجنة من منزله في الأرض.

فهذه *عِبارات ومعابر* يرجى بها نباهة العاقل وتنبيه الغافل، والكل إلى الله سائر وصائر، *والله يفتح البصائر* من علم اليقين إلى عين اليقين إلى حق اليقين، اللهم آمين.

بقلم الشيخ/ أحمد محمود عمورة