فرقة الدين…خطر يهدم الأمة

الأستاذ إبراهيم بلكيلاني

الأستاذ إبراهيم بلكيلاني

يقول الحق تبارك وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام:159[

يقول العلامة ابن عاشور “وتفريق دين الإسلام هو تفريق أصوله بعد اجتماعها”، ويضيف رحمه الله “إن كل تفريق لا يُكفّر به بعض الفرق بعضا، ولا يفضي إلى تقاتل وفتن، فهو تفريق نظر واستدلال وتطلّب للحقّ بقدر الطاقة”.

من الابتلاءات التي ابتليت بها كل الأمم، الفرقة في الدّين، وهو من أعظمها وأخطرها وأشدّها وقعا، وأطولها زمنا. ولكن “تفريق الآراء في التعليلات والتّبيينات فلا بأس به” كما يقول العلامة ابن عاشور، أمًا التفريق المنحرف داخل دوائر الدّين الواحد، فهو معول هدم للدّين والمجتمع والأمة الواحدة.

وهذه الآية تحذّرنا من خطر بان ضرره في كل مراحل التاريخ، ومن نقيصة إذا استشرت في دين، نقضت عراه وتهدّمت أركانه، حتى تنال من أسسه، بل ترى العدو يستثمر في هذا الجانب، ويبذل جهده فيه لأنه يعرف أن به يستقيم أمره ويقوى عوده، وتطول هيمنته.

ومما ابتليت به أمتنا سابقاً من فرق ونحل، نعلمه ولكن كأنّنا لم نستفد من تاريخنا وقد أطلّت علينا اليوم وجوه التفريق في الدّين باستدعاء صور الماضي أحيانًا، وتكييفها بصور الحديث والمعاصر، وأحيانا أخرى بتمييز مميّع تحت عباءة العلم الوهمي، تميّز بين صور الإسلام، وكأن كل صورة معرفية هي الصورة الحقيقية للإسلام، حتى يتحوّل الإسلام إلى (إسلامات)، ونُدخل العامّة من النّاس في صور جديدة من التفريق، لا ينال إلا من الدّين وقوامه، ومن وحدة المجتمع ونسيجه. 

الدّين جاء ليوحّد النّاس على أساس الكرامة، ويحرّرهم من كل أنواع الأسر والقيد، ويعيش الجميع في كنف التنوع والتعدّد على أسس من السلم الاجتماعي، دعامته الدّين وقيمه، وإذا انحرفنا بالدّين من عامل وحدة إلى عامل فرقة، فما فهمنا حقيقة الدّين ودوره، ونسقط في ما حذّرتنا منه هذه الآية الكريمة.