فرحة بالعيد رغم كثرة المكدرات

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وبعد،

 فهذا هو عيد الفطر الثاني الذي يهل علينا في ظل استمرار جائحة كورونا وتضرر العالم منها روحياً واجتماعياً ونفسياً واقتصادياً، ومذ وقعت الجائحة فقدنا الكثير من أحبابنا، وتأثرت حياة معظمنا بالاحتجار  وآثاره على الأفراد والمجتمعات، ثم ختم الشهر بالاعتداءات والانتهاكات الصارخة على مسجدنا الأقصى المبارك والمرابطين فيه مما ضاعف الهمَّ في نفوسنا للشعور بالعجز عن النصرة الواجبة في صورتها الكاملة لأهلنا في فلسطين ومسجدنا الأقصى المبارك.

وما سمي العيدُ عيداً إلا لأنه يعود بالفرح والسرور على المسلم، قال تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]،

فلماذا نفرح بالعيد مع كثرة المكدِّرات والمشوشات على فرحتنا به.

 *أسباب الفرح في يوم العيد السعيد*

1-  زيادة الإقبال على الطاعات في رمضان: ومن مظاهره: ارتياد المساجد وحضور دروس العلم وحلق الذكر وتكرير الصلوات، واغتنام البقاء في البيوت في الارتقاء الروحي بالعائلة، ومبادرة عموم المسلمين إلى إغاثة الملهوفين ودعم المراكز والمؤسسات مالياً.

2-  سرعة الوصول إلى لقاح يحمي الناس من خطر الإصابة بكورونا وقرب الخلاص منها: فرغم كثرة الإصابات والوفيات إلا أن الوصول إلى اللقاحات بسرعة كان مبشرا بقرب زوال الجائحة مقارنة بالأوبئة والطواعين التي مرت بالعالم فيما مضى وأعداد الذين قضوا فيها ومدتها الزمنية.

3-  اجتماعنا بأحبتنا الذين فقدناهم في الجنة: إن حزننا على أحبتنا الذين فقدناهم سريعاً بسبب كورونا يتبدَّد ويزول؛ لأن لقاءنا بهم في الدنيا قصير والله يبشرنا باجتماعنا الأطول بهم في الجنة فيقول: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} [الرعد: 23] وقد بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من مات بالطاعون له أجر الشهيد.

4-  اغتنام الجائحة في تطوير عمل المؤسسات الدعوية في أوروبا: وقد ظهر في توظيف التقنيات الحديثة بالتواصل مع العلماء والدعاة والإفادة منهم، والتعاون بين الدعاة والأئمة رغم تباعد البلدان وهو تواصل له ما بعده بعد زوال الجائحة إن شاء الله، وإعمار المساجد وإصلاحها في فترة الإغلاق.

5-  التزام المساجد والمؤسسات بالقوانين والنظم الصحية: فلم تشكل المساجد بفضل الله بؤرا للعدوى وكانت على قدر المسؤولية، وقد توجهت السلطات الرسمية في أكثر من بلد أوربي إلى القائمين عليها بالشكر والتقدير على انضباطهم بالقوانين والنظم الصحية.

6-  اجتماع كلمة المسلمين في صومهم وعيدهم: فقد اجتمعنا أول رمضان واجتمعنا في العيد وهو أمر مبشر بدوام الاجتماع والثقة في المؤسسات الإفتائية والحسابات الفلكية وهو يؤسس للتخلص من الاختلاف بشأن الأعياد في أوروبا في قابل الأعوام بعون الله.

7-  عيد مقدسي بامتياز: تتجبه قلوب ومشاعر المسلمين حول العالم صوب بين المقدس وأرض فلسطين المباركة في هذا العيد، ورغم قتامة الصورة لخذلان الحكومات والأنظمة العربية للقضية الفلسطينية، إلا أن ما يفرح ويبهج في المشهد المقدسي أكبر وأعظم ومن مظاهره:

– اجتماع كلمة المسلمين حول العالم لنصرة القضية الفلسطينة والتضامن مع المرابطين في القدس الشريف.

– صمود المقدسيين المشرف رجالا ونساء أمام انتهاكات قوات الاحتلال وردهم وأدائهم للصلاة في مشهد تاريخي مهيب.

– كشف وفضح عورة المطبعين والمفرطين في القضية من الزعماء والعلماء والبرهنة على حياة الأمة وأن القضية الفلسطينية محور اجتماع الأمة واختبار صلابتها، وإن أُريد غير ذلك من خصومها وأعدائها.

وواجبنا نحو القضية يتخلص فيما يلي:

– الدعم الروحي بالدعاء والتضرع الدائم أن يحفظ الله المرابطين والمسجد الأقصى.

– الدعم الثقافي بمتابعة القضية ودراسة تاريخ فلسطين وتعليمه لأولادنا خاصة الأجيال التي ازدادت في الغرب ونشأت ضعيفة الثقافة والصلة بالقضية الفلسطينية.

– التواصل مع الهيئات الحقوقية والإنسانية لإدانة وإنكار صور الانتهاكات والتهجير للمقدسيين في حي الشيخ جراح.

أيها الإخوة الكرام، أيتها الأخوات الكريمات، صلوا أرحامكم في يوم العيد، وأشعروا أولادكم بفرحة العيد، واستبشروا وأملوا خيرا في غد أجمل وأفضل بإذن الله. استمروا في الالتزام بالقوانين والنظم الصحية، وحافظوا على زادكم الإيماني من رمضان.

اللهم اجعل هذا العيد عيدا مباركا على أمة الإسلام، وعجل برفع الوباء والبلاء عنا وعن البشرية جمعاء، وكل عام أنتم بخير.

المقالات المنشورة بالموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس الأوروبي للأئمة