فتوى حول ضرورة الاعتماد على أهل الطب والاختصاص في موضوع لقاح كورونا فايزر

فقد وردت إلينا مجموعة من الاستشارات والاستفسارات حول التطعيم بلقاح كورونا ، وبخاصة لقاح (فايزر).

الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد

فمع الأسف الشديد خاض في هذه المسألة بعض الدعاة غير المتخصصين في الفقه الإسلامي وأصوله ، ومقاصده ، وكذلك بعض العامة من الناس، فأثاروا حول اللقاح الجديد لغطاً كثيراً ، وأود أن أبين هنا بعض القواعد الأساسية للفتوى .

القاعدة الأولى : لا يجوز الافتاء إلاّ لمن كان أهلاً له ، بأن يكون عالماً بالكتاب والسنة وأصول الفقه ، والمقاصد ، والمآلات ، وإلاّ فهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أجرؤكم على النار أجرؤكم على الفتوى) [1].

القاعدة الثانية : أن القضايا العلمية والطبية والتخصصية يرجع أمرها وبيانها إلى أهل الاختصاص والتخصص، فقال سبحانه (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[2] وقال تعالى: (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا)[3]

وبناء على ذلك ، فبما أن الجهات المتخصصة لهذا اللقاح قد أقرّته واعتمدته ، وأثبتت فوائده وتأثيره ، فإن الفتوى تبنى على ذلك ، بل إن الفتوى بالإباحة تعتمد على الغالب المؤثر، ولا تحتاج إلى النسبة الكاملة، بدليل قوله تعالى (وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)[4] ولذلك اتفق الفقهاء على أن أيّ شيئ تكون منافعه أكبر وأكثر فإن حكمه المشروعية .

القاعدة الثالثة: أن حكم اللقاح هو حكم العلاج ترد عليه الأحكام الشرعية حسب المصالح والمنافع ، أو المضار والمفاسد ، وهذا ما يقرره أهل الطب والاختصاص .

لذلك فإذا أقرت الجهات الطبية ان هذا اللقاح ضروري ولازم لفئة معينة أو لأشخاص معينيين ، فإن هذا الإلزام معتبر شرعاً حفاظاً على مقاصد الشريعة في حفظ النفس والعقل ، وحفظ المجتمع ومنع العدوى والانتشار ، حيث هناك قرارات جماعية توجب العلاج في حالة العدوى اعتماداً على الحديث الثابت ( لا ضرر ولا ضرار )[5]  .

هذا والله أعلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه الفقير إلى ربّه

أ.د. علي محيي الدين القره داغي

الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الدوحة  في 11 جمادى الأولى 1442ه  الموافق 26 ديسمبر 2020م  


[1] رواه الدارمي (157) وقال ابن حزم في المحلى (9/2821) : (إسناده ثابت ) وقال الألباني : ( إسناده جيد لولا إرساله) 

[2]  سورة النحل / الآية 43

[3]  سورة الفرقان / الآية 59

[4] سورة البقرة / الآية 219

[5]  رواه مالك في الموطأ (2/745) وجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والشافعي في الأم (8/639) وأحمد في مسنده (1/313 ، 5/327) والبيهقي (8/117) وابن ماجه في سننه ، كتاب الأحكام (2/784) والحديث صححه لكثرة طرقه المناوي في فيض القدير ، والألباني في الارواء (3/413) وحسنه النووي ، واحتج به محمد بن الحسن الشيباني ، وهذا الحديث يعتبر قاعدة عامة من أهم قواعد الشريعة الاسلامية ومبدءاً عاماً من أهم مبادئ التشريع في الاسلام

المقالات المنشورة بالموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس الأوروبي للأئمة