سلم خماسي للظفر بالميدالية الذهبية

يتراءى لي أن الناس كلهم ـ أي المسلمين منهم ـ في حالة سباق وتنافس ومسارعة في رمضان ليس إلى الجنة فحسب بل إلى الظفر بالميدالية الذهبية الأولى ولعلّ ما يأتي يساعد على ذلك

أوّلا : لزوم صلاة الجماعة التي تفضل صلاة الفذّ بزهاء ثلاثين درجة كاملة والأمر هو بالتمام والكمال كمن يعرض عليه مؤجّر عملا يقبض فيه يورو واحدًا (في ساعة عمل في حين أن مؤجّرا آخر يعرض عليه العمل ذاته بسبع وعشرين يورو في الساعة الواحدة. هل يتردد هذا الأجير طرفة عين واحدة؟ طبعا لا. لأنه اشتغل على العملية اشتغالًا مقاصديا منفعيا ربحيا وذلك هو المطلوب

ثانيا : دع الناس يصومون شهرا واحدا وصم أنت شهرين بل ثلاثا وخمسا وأكثر، كيف ذلك؟ حبيب الأمة محمد عليه السلام يسّر الأمر إذ قال «من فطّر صائما كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئًا، معنى ذلك هو أن من فطّر صائما بأي صورة من صورة التفطير، لو كانت عن بعد من خلال جمعية إغاثية، فإنه يحصد أجر صيام ذلك اليوم الذي صامه ذلك الرجل الذي فطّره ولكن يحتفظ ذلك الصائم بأجره، أليس معنى ذلك أنه يمكن لكل واحد منا أن يصوم شهرين أو أكثر من ذلك بقدر ما يفطّر من صائمين وصائمات في هذا الشهر وإن كان الحديث لا يقصر على رمضان فحسب؟

ثالثًا: لا تفوتنك أغلى ساعة: ساعة السحر، لحكمة ثمينة أثنى سبحانه مرتين فحسب في كتابه العزيز على المستغفرين بالأسحار إذ قال: «والمستغفرين بالأسحار» وقال: «وبالأسحار هم يستغفرون» ذلك هو أغلى زمان إذ فيه ينزل فيه الله سبحانه إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر فأغفر له، فمن فاته أوّل الليل فلا يفوتنه سحره.

رابعًا: نبذ أكبر ناقض للصوم منذ الآن، مما ينقصنا في هذا الزمان كتب فقه ترشد القلوب وتزكي النفوس وتطهر الأرواح إذ أن الناس كلهم ينصرفون إلى كتب الفقه التي تبين الكيفيات والصور وهذا مهم ومطلوب ولكنه لا يكفي، أخبرنا عليه السلام محذّرا أن ناقضا للصيام قد يحول دون قبول صومنا وهو حالة الصرامة بين الناس إذ قال عليه السلام «تُعرض الأعمال يومي الإثنين والخميس على الله سبحانه فيغفر لكل مؤمن لا يشرك بالله شيئا إلا متشاحنين يقول لملائكته: أنظروهما حتى يصطلحا» أي أن أعمال الصيام تظل معلقة حتى يصطلح المتشاحنون وحدّه الأدنى هو إفشاء السلام وردّه ولو بحركة الإبهام التي يحيي به الناس بعضهم بعضا اليوم.

خامسا: لا مناص من التدبّر في كتاب القرآن في شهر القرآن، لا ريب أننا دُعينا إلى الصوم في رمضان بسبب أنه الشهر الذي احتضن نزول هذا الكتاب فيكون صيامنا فيه إذن تكريما لهذ الزمان الذي تشرّف بالذكر الحكيم.

يتنافس الناس سيما في رمضان على التلاوة، والحقيقة أن التلاوة ليست مقصودة لذاتها إنما قصد بها التدبر ومن ذا فإن تلاوة واحدة كاملة لهذا الكتاب العزيز متدبرة متأنية متريثة خاشعة فيها النظر والتأمل لهي أجزل أجرا وأعظم ذخرا من تلاوات كثيرة لا يظفر منها القلب بشيء.

المقالات المنشورة بالموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس الأوروبي للأئمة