رمضان مدرسة نتعلم فيها حقوق الطفل

ربّما نظل في رمضان لهذا العام 1442 ـ2021 في منازلنا بسبب وباء الكورونا عافاكم الله جميعا، وعندها نصلي ما كتب الله لنا من قيام أو تهجد عدا الصلوات المكتوبات فيها، وهو مناخ جديد لم نتعود عليه وسنتعرض إلى لَعب الأطفال وصياحهم ولهوهم وربما بكائهم وغير ذلك مما يحدث في كل بيت فيه أطفال.

ربما يكون لنا ذلك داعيا لأن نتدبر فقه محمد صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، كان عليه السلام كما هو معلوم من سيرته الصحيحة ينزل من منبره وهو يخطب عندما يرى أن أحد ابنيه -سبطيه- يتعثر في قميصه فيحمله ويحضنه ويعود إلى منبره، ويواصل خطبته وكأن شيئا لم يكن والناس يرون.

وكان عليه السلام يصلي بالناس إماما فيصعد فوق ظهره أحدهما أو غيرهما من الأطفال، وهو في حالة ركوع أو سجود فيظل هكذا راكعا أو ساجدا حتى يقضي ذلك الطفل وَطَرَه والناس من خلفه رُكَّعا أو سُجَّدا، لا يدرون ما الذي حدث وبعد الصلاة يقول لهم: أن إبني فلان صعد ظهري فلم أرد إزعاجه ويمرّ كل شيء وكأن شيئا لم يكن، بل كان يريد أن يقرأ بالناس في الصلاة الجهرية أو غيرها سورة من المفصل كعادته دوما «صاد مثلا أو قاف أو غيرهما» فإذا سمع صوت صبي يبكي فإنه يتجوز في صلاته ويشرح للناس الموقف بعد ذلك، ذلك هو الفقه النبوي الكريم مع الأطفال في المساجد وهو فقه نحتاج إليه نحن اليوم في بيوتنا لأجل مقاومة العدوى عافاكم الله جميعا.

فهل نؤتى قبسا من ذلك الفقه النبوي العظيم أم نعود إلى أعرافنا وتقاليدنا فنحَول البيوت لعنات وتبرمات وغضبات أن الأطفال لم يتركوا لنا مساحات للصلاة والتهجد والقيام؟ أنحن أتْقى وأعلم أم هو عليه الصلاة والسلام؟ هل كان يتبرم من تلك المرأة التي تحمل صبيها الرضيع إلى المسجد؟ أم كان لأجلها ولأجل خشوعها ورحمة بحق ذلك الطفل الباكي يتجوز في صلاته؟

كان يحضن الأطفال من أهلهم وأمهاتهم ولم يسأل يوما واحدة منهن عن طهارة ابنها ولا تحسس بيده الكريمة ذلك الطفل لعله يكون به بلل، هو فقه، حتى نكون مع أنفسنا صرحاء، بعيد عنا بعدا كبيرا، هو فقه عظيم كريم نحن مبتعدون عنه كثيرا، هو فقه لا تهواه أنفسنا ولكنه هو الذي فعل ذلك عليه السلام وقال لنا: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به، ألا نحتاج إلى إعادة تصميم للدين في عقولنا؟ أجل.

المقالات المنشورة بالموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس الأوروبي للأئمة