الاحتفال بميلاد النبي وأهميته لمسلمي الغرب وأبنائهم

إدارة الإعلام

إدارة الإعلام

حينما يهل علينا شهر ربيع الأول فإنا نتذكر دائما أنه شهر ميلاد «رسول الله ﷺ» هذا النبي العظيم الذي شرفنا الله بأن نكون من أتباعه ومن أمته، نسأل الله أن نكون أهلا لهذا الشرف.

ودائما ما يثار بيننا مسألة الاحتفال بميلاد النبي ﷺ، وهل هي سنة أم بدعة؟

وتجد هذا الجدال يكثر ويحتد حتى نخرج من الشهر بدون فائدة غير أن كل فريق حشد الأدلة التي تعزز رأيه وتؤيده.

وهناك مسائل كثيرة هامة تتحول للأسف لمادة للجدال، ونحن في عصر مع كثرة وسائل التواصل والإعلام صار لكل واحد رأياً في كل شيء سواء كان في تخصصه أم خارج نطاق تخصصه، بل ويجادل لإثبات صحة رأيه فصار حب الجدال سمة المتعالمين من أهل زماننا!

المهم أريد أن أركز الحديث عن الاحتفال بميلاد النبي ﷺ

أولا: معنى احتفل واحتفى يعنى أظهر اهتمامه بشيء كما قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: «سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا» [مريم/47]، حفيا: أي يحتفي بي إذا دعوته وسألته سبحانه وتعالى.

فأنا حينما أقول أنا أحتفي أو احتفل برسول الله ﷺ هذا معناه أنه احتفال يقع في الإطار العام للشريعة وهو محبة رسول الله، والحديث عن سننه وإحياء ما اندثر منها عند الناس، وهذا بلا شك مما نتقرب به إلى الله عز وجل، والذين يقولون إنه بدعة يقولون إنه ليس لنا إلا عيدان الفطر والأضحى وما سواهما من الأعياد من البدع المحدثة!

لم يقل أحد إن ميلاد النبي ﷺ يوم عيد يعامل عندنا كعيدي الفطر والأضحى وإلا لنادينا على الناس وقلنا صلاة عيد مولد النبي الساعة كذا وكذا …لم يقل بذلك أحد، وهذا كلام لا يقول به عاقل، ولو أن عند الغرب رجلا بعشر أخلاق النبي ﷺ لملأوا الدنيا ضجيجا بالحديث عنه، وعن أقواله وأفعاله وحياته وقصصه، ثم نحن ما زلنا كل عام نتساءل هل الاحتفال جائز أم غير جائز؟

ثانيا: ليس كل متروك بدعة:

مجرد ترك الرسول ﷺ لفعل لا يدل على حرمة الفعل – وهذا معلوم عند علماء أصول الفقه – فليس كل متروك إذا فعلناه صار بدعة، وعلى سبيل المثال لأقرّب المسألة: القرآن لم يجمع في مصحف واحد زمن رسول الله ﷺ لكن لما رأى عمر أن عددا كبيرا من حفاظ القرآن استشهدوا في معركة اليمامة أول خلافة أبي بكر الصديق في معركة المسلمين مع مسيلمة الكذاب وقومه، أشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه أن يجمع القرآن في مصحف واحد، في بداية الأمر لم يوافق أبو بكر قائلا: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله ﷺ؟

 فما زال به عمر حتى انشرح صدره لهذا الأمر ووافق فجمع القرآن لأول مرة في مصحف واحد.

لماذا لم يحتفل الصحابة بميلاد النبي؟

لم يكن النبي ﷺ ولا صحابته في حاجة لهذا الأمر لأن النبي بينهم، فلما مات كان الصحابة الذين جالسوا الرسول وعاشوا معه ما زالوا موجودين فلم يكن هناك داع أو حتى مجرد طرح لسؤال هل نحتفل أو لا نحتفل بميلاد الرسول ﷺ؟

لكن لما امتدت القرون بدأ بعض العلماء في التفكير في هذا الأمر وهو تعظيم رسول الله ﷺ وإحياء سننه وإحياء سيرته في الأجيال الجديدة والكلام عنه وعن أخلاقه ﷺ.

ثالثا: حاجة الأجيال الناشئة في الغرب للتعرف على الرسول:

ولذا أرى أن المسلمين في الغرب بأمس الحاجة لإحياء هذه المعاني لأننا نشأنا ببلادنا وعندنا رسول الله ﷺ معظم وموقر يتحدث عنه المحيط الذي حولنا نسمع عنه في المدرسة ومن المعلم والأهل والمسجد والعلماء …الخ، أي واحد فينا يسمع اسم الرسول يقول مباشرة : صلى الله عليه وسلم، عليه الصلاة والسلام، لماذا؟

لأننا تربينا على هذا، أما الجيل الذي نشأ هنا فإنه لم يتشرب هذه المعاني لم يعشها ولم يرها، إنما يرى بعينيه الاحتفالات الضخمة بالهالوين والكريسماس وغيرها، بالإضافة لجو البهجة والفرح والحلوى المحيط بها هنا، فإذا جئنا إلى الاحتفال بالرسول ﷺ إذا بالاختلاف القائم هل نحتفل بميلاد الرسول ﷺ أم لا؟

فإذا به ينشا لا علاقة له بالرسول ﷺ ولا يعرفه ولا يحبه، والله سبحانه وتعالى قال : «أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون» [المؤمنون/69] هاتوا الجيل الذي ولد ونشأ هنا واسألوهم ماذا تعرف عن رسول الله ﷺ؟

هل يتعلق قلبك برسول الله ﷺ؟ فلنتكلم بصراحة ستجد قلبه معلق باللاعب الفلاني بنادي كذا واللاعب الذي حصل على كذا، واليوتيوبر الفلاني الذي يحقق في الشهر كذا …إلخ، فقلوبهم معلقة بالشخصيات المشهورة في الرياضة أو الإعلام أو الثقافة فقط، لكن ما مدى تعلق أبنائنا برسول الله ﷺ؟

فما أحوجنا أن نحيي الكلام عن رسول الله ﷺ في نفوس أبنائنا وبناتنا، وأن نربيهم على حبه والتأثر به وبشخصيته ﷺ.

إذا كانوا يتحدثون عن شخصيات كرتونية ووهمية هنا صارت هي الأمجاد والعظماء في أنفس الأطفال، فما بالنا ننسى الرسول ﷺ وصحابته هؤلاء العظماء الأجلاء الذين غيروا وجه الدنيا وحولوا البشرية من عبادة الأصنام وعبادة البشر إلى عبادة الله الواحد الأحد.

ماذا نفترض وجوده في عقليات أبنائنا غير هذا العنكبوت الكرتوني الذي صار في معظم الأفلام التي يشاهدها أبناؤنا ويتعلق بها الصغار والشباب، ويكون عندهم هذا الحس بأن فلان صاحب القوات الخارقة، من العظماء خاصة مع المؤثرات الكبيرة في الجرافيك والتقدم في تقنيات صناعة الأفلام صارت هذه المشاهد الخرافية وكأنها حقيقة وواقع، والكل يعلم أنها وهمية، لكن هذه الشخصيات الوهمية صار لها بأس كبير وقدوة ورمز معظم عند الكثير من أبنائنا في اللاوعي أو اللاشعور، فنحن نحتاج أن نتحدث مع أبنائنا عن رسول الله ﷺ وعن صحابته ونحيي في أنفسهم الاعتزاز بالانتماء لهذا الدين العظيم، وحبنا لرسول الله ﷺ وسنته وأخلاقه، فنحيي الكلام عن هذه الأمور.

يا إخواني ما هو عندك بديهي تربيت عليه هو غائب عند ابنك أو ابنتك لم يسمعوا به ولا يعرفونه، وأنى لهم أن يسمعوا أو يعرفوا وهو شيء غير موجود لا في مدرسة ولا مجتمع محيط ولا إعلام؟

أخيرا / فلتعرف الدنيا من هو محمد؟

نريد أن نتكلم عن رسول الله في المحيط الذي نحن نعيش فيه الكثير منا يجيد أكثر من لغة، ورب كلمة تقولها لا تلقي لها بالا يهدي الله بها خلقا كثيرين، لتعرف الدنيا من هو محمد؟ ووسائل التواصل الاجتماعي حاليا تنتشر فيها الأخبار والمقاطع المصورة انتشارا سريعا جدا.

بالإضافة لهذا ليرى من حولك فيك أخلاق رسول ﷺ فمثلا عندما تقرأ أن رسول الله رحمة للعالمين لماذا لا تكون أنت أيضا رحمة لكل من حولك من الناس فتكون رحمة في معاملتك في بيعك وشرائك وفي جيرانك رحمة بزوجتك رحمة بأولادك، وتتعلم الحلم والكرم وسعة الصدر وسائر الأخلاق الحسنة للرسول ﷺ.

فكن أنت سفيرا لهذا الدين العظيم وكن خير خلف لخير سلف.

الشيخ/ حسين محمد عامر

الأمين العام لمجلس أئمة كيبيك بكندا – والمشرف العام على موقع الراشدون