اجعلوا بيوتكم قبلة

الشيخ كمال عمارة

الشيخ كمال عمارة

رمضان والأسرة

لا يخفى ما للأسرة من دور في رعاية الأجيال الجديدة وتربيتها وتحقيق التوازن النفسي لأفرادها حتى يكونوا عوامل بناء وأساساً للاستقرار والنماء.  وإن كان هذا الدور مهما في المجتمعات المسلمة، فهو أشد أهمية وقوة في المجتمعات الغربية، حيث ندرة المحاضن التربوية وسطوة القيم المادية وغياب المعاني الإسلامية من الحياة الاجتماعية والمؤسسات التربوية.

وقد اعتبر غياب الأسرة عن مواكبة المناسبات الدينية وإحياء الشعائر الإسلامية سمة بارزة في أوربا لمدة طويلة، مما أضعف ارتباط الأجيال الجديدة بدينها واعتزازها بهويتها.  لذلك لابد من تدارك هذا الخلل وإيلاء هذا الجانب ما يستحقه من الاهتمام. فالأسرة يجب أن تكون المجال الأول للتربية والتعليم، وتعظيم شعائر الله، والمحضن الأساسي الذي تُرَبّى فيه الأجيال على العلم والتقوى وتحمل المسؤولية.

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

وقال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا).

وقال أيضاً: (وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ).

وقال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: {كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ} (متفق عليه).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي } (رواه الترمذي وابن ماجه)

أفلا تهتم النفوس وتنشغل الهمم بفلذات أكبادٍ أُسْكِنت بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ مِنْ هدايةٍ وإيمانٍ، فتعمل على تزويدها بما يحصنها من جدب الروح ويرويها من العطش إلى الإيمان؟

ولله در سيدنا إبراهيم عليه السلام فقد كان شديد الخوف على ولده، شديد الحرص على رعايتهم، شديد الشوق لهدايتهم رقيق القلب عليهم فدعا ربه فقال :

{ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ

رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء } (سورة إبراهيم 37-40)

ثم جعل منتهى أمله أن يكونوا في هذه الأرض الغريبة الجدباء مقيمي الصلاة، هداةً مهديين.

في رمضان؛ بيوتنا أسعد.

إن أشد ما يخلد في أذهان الأطفال من رمضان ويحببهم فيه، هو العادات الجديدة وأجواء البهجة والسعادة المرتبطة بها، لذلك لا بد من توفير هذه الأجواء في البيت، وأن يكون التعليم والتوجيه في جو من الألفة والسعادة، والحرص على اجتماع جميع الأسرة على أعمال وعبادات رمضان، وذلك عبر:

– تشريك كل أفراد الأسرة في إعداد برنامج عائلي قبل أن يهل هلال رمضان، على أن يتضمن: 

  • الاجتماع على الإفطار والسحور مع المحافظة على آدابهما وسننهما والتعاون على الإعداد لهما.
  • المحافظة على صلاة الجماعة والقيام.
  • حلقات علم وذكر .
  • برنامج ترفيهي جماعي.

2- إعداد رزنامة رمضان

هذه الفكرة مستقاة من البيئة الأوربية في البيوت والمدارس، وهي مجربة، وأثبتت تأثيراً كبيراً وأضفت جواً من السعادة والتشويق والاستفادة لدى الأطفال خصوصاً. وتقوم الفكرة على اقتناء ثلاثين هدية بسيطة وإعداد ثلاثين قصاصة تتضمن مواعظ وحكماً، وتوزع الهدايا والقصاصات على رزنامة من ثلاثين يوم، ويقوم أحد الأطفال كل يوم بفتح القصاصة وقراءتها على الجميع والحصول على الهدية. وحبذا لو يقوم الأطفال أنفسهم بكتابة المواعظ والحكم إن كان بمقدورهم ذلك، وليس هذا بمستبعد، فقد رأينا أطفالا مولودين في بلد أوربي وقد أعدوا رزنامة بمواضيعها وقصاصاتها، تدعو إلى الإعجاب.

– مراعاة عدم إزعاج الجيران من غير المسلمين عند السحور خاصة، وإعلامهم بقرب دخول رمضان وتعهدهم بالرعاية والهدية، تأليفًا لقلوبهم، ولجعل هذه المناسبة تترافق دائما بانطباعات إيجابية لديهم.

4- الحرص على أن لا يؤثر برنامج رمضان على انتظام الأطفال الدراسي وتحصيلهم العلمي. وتجنيب الأطفال دون البلوغ صيام الأيام الطويلة.

5- الاهتمام بيوم العيد عبر إعداد الزينة والهدايا، والقيام بنشاط خارجي لكل العائلة كالذهاب إلى المسجد إن أمكن، أو تناول الغداء في مطعم أو زيارة الأهل والأقارب.